الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العبادة في الهرج كهجرة إلي» وقد مضى الكلام في هذا المعنى في أول الكتاب، ونزيده وضوحاً إنه شاء الله تعالى والله أعلم.
باب أسباب الفتن والمحن والبلاء
أبو نعيم، «عن إدريس الخولاني، عن عبيدة بن الجراح، عن عمر بن الخطاب قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحيتي وأنا أعرف الحزن في وجهه فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون أتاني جبريل آنفاً فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون فمم ذلك يا جبريل؟ فقال: إن أمتك مفتتنة بعدك من دهر غير كثير، فقلت: فتنة كفر أو فتنة ضلال؟ فقال: كل سيكون، فقلت ومن أين وأنا تارك فيهم كتاب الله؟ قال فبكتاب الله يفتنون وذلك من قبل أمرائهم وقرائهم يمنع الأمراء الناس الحقوق فيظلمون حقوقهم ولا يعطونها فيقتتلوا ويفتتنوا، ويتبع القراء أهواء الأمراء الناس الحقوق فيظلمون حوققهم ولا يعطونها فيقتتلوا ويفتتنوا، ويتبع القراء أهواء الأمراء فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون.
قلت: كيف يسلم من يسلم منهم؟ قال: بالكف والصبر إن أعطوا الذي لهم أخذوه وإن منعوا تركوه» .
البزار «عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم تظهر الفاحشة في قوم فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم، ولا نقضوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجوار السلطان، ولم
يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله ولا عهد رسوله إلا سلط عليهم عدوهم، فأخذ بعض ما كان في أيديهم، وإذا لم يحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم» أخرجه ابن ماجه أيضاً في سننه.
وذكره أبو عمر بن عبد البر، وأبو بكر الخطيب من حديث «سعيد بن كثير بن عفير بن مسلم بن يزيد قال: حدثنا مالك عن عمه أبي سهيل، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أي المؤمنين أفضل؟ قال: أحسنهم خلقاً قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال: أكثرهم للموت ذكراً وأحسنهم له استعداداً أولئك الأكياس ثم قال يا معشر المهاجرين: لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم» وذكر الحديث.
وقال عطاء الخراساني: إذا كان خمس كان خمس: إذا أكل الربا كان الخسف والزلزلة، وإذا جار الحكام قحط المطر، وإذا ظهر الزنا كثر الموت، وإذا منعت الزكاة هلكت الماشية، وإذا تعدى على أهل الذمة كانت الدولة ذكره أبو نعيم.
الترمذي «عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشت أمتي المطيطا وخدمها أبناء الملوك فارس والروم سلط شرارها على خيارها» قال: هذا حديث غريب.
ابن ماجه، «عن قيس بن أبي حازم قال: قام أبو بكر رضي الله عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} وإنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر لا يغيرونه أوشك أن يعمهم الله بعقابه» أخرجه أبو داود في سننه، والترمذي في جامعه.
مسلم، «عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا فتحت عليكم فارس والروم أي قوم أنتم؟ قال عبد الرحمن بن
عوف: نكون كما أمر الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو غير ذلك تنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون أو نحو ذلك ثم تنطلقون في مساكن المهاجرين فتجعلون بعضهم على رقاب بعض» .
وفي رواية: «فتلهيكم كما ألهتكم بدل فتهلككم» .
وأخرج ابن ماجه «عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أدع بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» أخرجه البخاري ومسلم أيضاً.
وأخرج ابن ماجه «عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من صباح إلا وملكان يناديان ويل للرجال من النساء وويل للنساء من الرجال» .
وأخرج أيضاً «عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيباً وكان فيما قال: إن الدنيا خضرة حلوة وإن الله مستخفلكم فيها فناظر كيف تعملون ألا فاتقوا الله واتقوا النساء» خرجه مسلم أيضاً وقال: بدل قوله فاتقوا الله فاتقوا النار واتقوا النساء وزاد «فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» .
الترمذي، «عن كعب بن عياض قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال» .
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب.
و «عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سكن البادية جفا،
ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن» قال: وفي الباب عن أبي هريرة.
وهذا حديث حسن غريب من حديث ابن عباس لا نعرفه إلا من حديث الثوري.
فصل
حذر الله سبحانه وتعالى عباده فتنة المال والنساء في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فقال عز من قائل {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم} وقال تعالى: {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} ثم قال سبحانه وتعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون * إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم} فنبه الله على ما يعتصم به من فتنة حب المال والولد في آي ذكر الله فيها فتنة وما كان عاصماً من فتنة المال والولد فهو عاصم من كل الفتن والأهواء.
وقال تعالى {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث} ثم قال تعالى: {قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات} فوصف تعالى ما للمتقين عند ربهم، ثم وصف أحوالهم بنعتهم إلى قوله {والمستغفرين بالأسحار}
وهذا تنبيه لهم على تزهيدهم فيما زين لهم وترغيبهم فيما هو خير منه ومثل هذا في القرآن كثير.
والمطيطاء: بضم الميم والمد: المشي بتبختر وهي مشية المتكبرين المفتخرين وهو مأخوذ من مط يمط إذا مد، قال الجوهري: والمطيطاء بضم الميم ممدوداً التبختر ومد اليدين في المشي، وفي الحديث «إذا مشت أمتي المطيطياء وخدمتهم فارس والروم كان بأسهم بينهم» وقوله: ثم ينطلقون في مساكن المهاجرين.
قيل في الكلام حذف أي في مساكين المهاجرين، والمعنى أنه إذا وقع التنافس والتحاسد والتباغض حملهم ذلك على أن يأخذ القوي على ما أفاء الله المساكين الذي لا يقدر على مدافعته، فيمنعه عنه ظلماً وقهراً بمقتضى التنافس والتحاسد.
وقيل: ليس في الكلام حذف وأن المعنى المراد أن مساكين المهاجرين وضعفاءهم سيفتح عليهم إذ ذاك من الدنيا حتى يكونوا أمراء بعضهم على رقاب بعض، وهذا اختيار القاضي عياض، والأول اختيار شيخنا أبي العباس القرطبي قال: وهو الذي يشهد له مساق الحديث ومعناه، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام أخبرهم أنه يتغير بهم الحال وأنهم عنهم أو عن