الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجنة والنار يسألون عن فضول أموال كانت بأيديهم» .
ولا تعارض بين هذا وبين حديث البخاري، فإن الحديثين مختلفا المعنى لاختلاف أحوال الناس، وكذلك لا تعارض بين قوله عليه السلام «لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة» وبين قول عبد الله بن سلام إن الملائكة تدلهم على
طريق الجنة يميناً وشمالاً، فإن هذا يكون فيمن لم يحبس على قنطرة ولم يدخل النار فيخرج منها فيطرح على باب الجنة.
وقد يحتمل أن يكون ذلك في الجميع، فإذا وصلت بهم الملائكة إلى باب الجنة كان كل أحد منهم أعرف بمنزلة في الجنة وموضعه فيها منه بمنزله كان في الدنيا والله أعلم وهو معنى قوله {ويدخلهم الجنة عرفها لهم} قال أكثر أهل التفسير: إذا دخل أهل الجنة الجنة يقال لهم تفرقوا إلى منازلكم فهم أعرف بمنازلهم من أهل الجمعة إذا انصرفوا إلى منازلهم.
وقيل: إن هذا التعريف إلى المنازيل بدليل، وهو أن الملك الموكل بعمل العبد يمشي بين يديه وحديث أبي سعيد الخدري يرده والله أعلم.
باب من دخل النار من الموحدين مات واحترق ثم يخرجون بالشفاعة
مسلم «عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن ناساً أصابتهم النار بذنوبهم أو قال بخطاياهم فأماتهم الله إماتة حتى إذا كانوا فحماً أذن لهم في الشفاعة فيجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة ثم قيل يا أهل
الجنة أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل» فقال رجل من القوم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يرعى الغنم بالبادية.
فصل: هذه الموتة للعصاة موتة حقيقية لأنه أكدها بالمصدر، وذلك تكريماً لهم حتى لا يحسوا ألم العذاب بعد الاحتراق بخلاف الحي الذي هو من أهلها ومخلد فيها {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب} وقيل: يجوز أن تكون إماتتهم عبارة عن تغيبه إياهم عن آلامها بالنوم، ولا يكون ذلك موتاً على الحقيقة، فإن النوم قد يغيب عن كثير من الآلام والملاذ، وقد سماه الله موتاً.
فقال الله تعالى {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} فهو وفاة وليس بموت على الحقيقة الذي هو خروج الروح عن البدن، وكذلك الصعقة قد عبر الله بها الموت في قوله تعالى {فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} .
وأخبر عن موسى عليه السلام أنه خر صعقاً ولم يكن ذلك موتاً على الحقيقة غير أنه لما غيب عن أحوال المشاهدة من الملاذ والآلام جاز أن يسمى موتاً، وكذلك يجوز أن يكون أماتهم غيبهم عن الآلام وهم أحياء بلطيفة يحدثها الله فيهم، كما غيب النسوة اللاتي قطعن أيديهن بشاهد ظهر لهن فغيبهن فيه عن آلامهن، والتأويل الأول أصح لما ذكرناه على الحقيقة كما أن أهلها أحياء على الحقيقة وليسوا بأموات.
فإن قيل: فما معنى إدخالهم النار وهم فيها غير عالمين؟