الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض تواصلاً وتحابياً، وقيل: الأسرة تدور كيف شاءوا فلا يرى أحد قفا أحد.
وقال ابن عباس: على سرر مكللة بالدر والياقوت والزبرجد، السرير منها ما بين صنعاء إلى الجابية وما بين عدن إلى أيلة، وقيل: تدور بأهل المنزل الواحد، والله أعلم.
باب ما جاء في أطفال المسلمين والمشركين
وذكر أبو عمرو في كتاب التمهيد والاستذكار، وأبو عبد الله الترمذي في نوادر الأصول والمفسرون عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى:{كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين} قال: هم أطفال المسلمين، زاد الترمذي: لم يكتسبوا فيرتهنوا بكبسهم.
وقال أبو عمرو: الجمهور من العلماء: على أن أطفال المسلمين في الجنة.
وقد ذهب طائفة من العلماء إلى الوقف في أطفال المسلمين وأولاد المشركين أن يكونوا في جنة أو في نار، منهم حماد ابن زيد، وحماد بن سلمة، وابن المبارك، وإسحاق بن راهويه «لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأطفال، فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين» ، هكذا قال الأطفال ولم يخص طفلاً عن طفل.
قال الحليمي في كتاب منهاج الدين: وقد توقف في ولدان المسلمين من توقف في ولدان المشركين وقال: إذا كان كل منهم يعامل بما عمل الله تعالى منه أنه فاعله لو بلغه فكذلك ولدان المسلمين.
واحتج بأن صبياً صغيراً مات لرجل من المسلمين، فقالت إحدى نساء النبي صلى الله عليه وسلم: طوبى له عصفور من عصافير الجنة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وما يدريك إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلاً، وخلق النار وخلق لها أهلاً» ، قال: فهذا يدل على أنه لا يمكن أن يقطع في أطفال المسلمين بشيء.
قال الحليمي: وهذا الحديث يحتمل أن يكون إنكاراً النبي صلى الله عليه وسلم على التي قطعت بأن الصبي في الجنة لأن القطع بذلك قطع بإيمان أبويه، وقد يحتمل أن يكون منافقين فيكون الصبي ابن كافرين فيخرج هذا على قول من يقول: قد يجوز أن يكون ولدان المشركين في النار، وقد يحتمل أن يكون أنكر ذلك لأنه لم يكن أنزل عليه في ولدان المسلمين شيء ثم أنزل عليه قوله تعالى:{والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم} وقد قريء: وأتبعناهم ذريتهم، فأخبر تعالى أن الذين آمنوا في الحياة الدنيا جعل ذرياتهم أتباعهم في الإيمان وأنه يلحق بهم ذرياتهم في الآخرة، فثبت بذلك أن ذراري المسلمين في الجنة، وقال النبي:«سألت ربي أن يريني أهل الجنة وأهل النار فجاءني جبريل وميكائيل عليهما السلام في النور فقالا: انطلق يا أبا القاسم إلى أن قال وأنا أسمع لغط الصبيان، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هم ذرية أهل الإسلام الذين يموتون، قبل آبائهم يكفل بهم عليه السلام حتى يلحق آباؤهم» ، فدل أنهم في الجنة.
قال المؤلف رحمه الله: الحديث الذي احتجوا به خرجه أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن يحيى بن إسحاق.
وقالت طائفة: أولاد المسلمين في الجنة وأولاد المشركين في النار، واحتجوا بما ذكرناه من الآية والحديث بحديث «سلمة بن يزيد الجعفي، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وأخي، فقلنا يا رسول الله إن أمنا ماتت في الجاهلية وكانت تقري الضيف وتصل الرحم وتصوم وتفعل وتفعل، فهل ينفعها من عملها ذلك شيء؟ قال: لا قال: فقلنا إن أمنا وأدت أختاً لنا في الجاهلية لم تبلغ الحنث فهل ذلك نافع أختنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيتم الوائدة والمؤودة فإنهما في النار إلا أن تدرك الوائدة الإسلام فيغفر لها» .
قال أبو عمرو: هذا الحديث صحيح الإسناد إلا أنه يحتمل أن يكون خرج على جواب السائل في عين مقصودة فكانت الإشارة لها.
وفي بعض طرق حديث سلمة بن زيد فلما رأى ما قد دخل علينا،
قال: «وأمي مع أمكما» ، خرجه ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده «عن سلمة بن يزيد، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أمي ماتت وكانت تقري الضعيف وتطعم الجار وكانت وأدت وأداً في الجاهلية ولها سعة من مال أفينفعها إن تصدقت عنها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينفع الإسلام إلا من أدركه إنها وما وأدت في النار ورأى ذلك قد شق علي فقال: وأم محمد معها وما فيهما خيره» .
وخرج أبو نعيم الحافظ وغيره «عن ابن مسعود قال: جاء ابنا مليكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله، إن أمنا كانت تكرم الزوج وتعطف على الولد وذكر الضيف غير أنها وأدت في الجاهلية فقال: أمكما في النار فأدبر والشر يرى في وجوههما فأمر بهما فرداً والبشرى ترى في وجوههما رجاء أن يكون حدث شيء قال: أمي مع أمكما» وذكر الحديث.
وروى بقية بن الوليد «عن محمد بن يزيد الألمعاني قال: سمعت عبد الله بن قيس يقول: سمعت عائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذرارى المسلمين فقال: هم مع آبائهم قلت: بلا عمل؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين.
وسألته عن ذرارى المشركين فقال: مع آبائهم فقالوا: بلا عمل؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين» .
قال أبو عمر عبد الله بن قيس: هذا شامي تابعي ثقة، وأما بقية بن الوليد فضعيف وأكثر حديثه مناكير.
ولكن هذا الحديث قد روي مرفوعاً عن
عائشة من غير هذا الوجه.
«قالت عائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدان المسلمين أين هم يوم القيامة؟ قال: في الجنة قالت: وسألته عن ولدان المشركين أين هم يوم القيامة؟ قال: في النار فقلت مجيبة له: يا رسول الله لم يدركوا الأعمال ولم تجر عليهم الأقلام قال: ربك أعلم بما كانوا عاملين والذي نفسي بيده لئن شئت أسمعتك تضاغيهم في النار» قال أبو عمر: في طريقه أبو عقيل صاحب لهية لا يحتج بمثله عند أهل العلم.
قال المؤلف رحمه الله: كذا ذكر أبو عمر هذا الحديث بهذا اللفظ، وكذلك ذكر أبو أحمد بن علي فيما ذكر أبو محمد عبد الحق.
وذكره أبو داود الطيالسي قال: حدثنا أبو عقيل «عن بهية عن عائشة قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشركين قال: هم في النار يا عائشة قالت فقلت: فما تقول في المسلمين؟ قال: هم في الجنة يا عائشة، قالت قلت: وكيف لم يدركوا الأعمال ولم تجر عليهم الأقلام؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ربك أعلم بما كانوا عاملين» قال أبو محمد عبد الحق ويحيى بن المتوكل ضعيف عندهم وبهية لم يرو عنها إلا أبو عقيل.
وقالت طائفة: إن الأطفال يمتحنون في الآخرة واحتجوا بحديث أبي سعيد الخدري قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في الهالك في الفترة والمعتوه والمولود قال: يقول الهالك في الفتره والمعتوه والمولود: قال: يقول الهالك في الفترة: لم يأتني كتاب ولا رسول ثم تلا {و
لو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً} الآية.
ويقول المعتوه: رب لم تجعل لي عقلاً أعقل به خيراً ولا شراً ويقول المولود: رب لم أدرك العمل فترقع لهم نار فيقول لهم ردوها وادخلوها قال: فيردها أو يدخلها من كان في علم الله سعيداً لو أدرك العمل ويمسك عنها من كان في علم الله شقياً لو أدرك العمل قال فيقول الله: إياي عصيتم فكيف رسلي لو أتتكم» .
قال أبو عمر: من الناس يوقف هذا الحديث على أبي سعيد ولا يرفعه منهم أبو نعيم الملاي.
قلت: ويضعفه من جهة المعنى أن الآخرة ليست بدار تكليف وإنما هي دار جزاء ثواب وعقاب.
قال الحليمي: وهذا الحديث ليس بثابت وهو مخالف لأصول المسلمين لأن الآخرة ليست بدار الامتحان، فإن المعرفة بالله تعالى فيها تكون ضرورة ولا مجنة مع الضرورة، ولأن الأطفال هناك لا يحلو من أن يكونوا عقلاء أو غير عقلاء فإن كانوا مضطرين إلى المعرفة فلا يليق بأحوالهم المحنة وإن كانوا غير عقلاء فهم من المحنة أبعد.
وقال أبو عمر رحمه الله: هذا الأحاديث من أحاديث الشيوخ وفيها علل، وليست من أحاديث الأئمة الفقهاء وهو أصل عظيم والقطع فيه بمثل هذه الأحاديث
ضعيف في العلم والنظر مع أنه قد عارضها ما هو أقوى مجيباً منها.
ذكر البخاري حديث أبي رجاء العطاردي، «عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث الطويل حديث الدويا، وفيه قوله عليه الصلاة والسلام: وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإبراهيم عليه السلام، وأما الوالدان حوله فكل مولود يولد على الفطرة فقيل: يا رسول الله وأولاد المشركين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأولاد المشركين» ..
وخرج البخاري أيضاً في رواية أخرى عن أبي رجاء العطاردي: والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم عليه السلام والصبيان حوله أولاد الناس، وهذا يقتضي عمومه جميع الناس.
قلت: ذهب إلى هذا جماعة من العلماء وهو أصح شيء في الباب قالوا أولاد المشركين إذا ماتوا صغاراً في الجنة واحتجوا بحديث عائشة.
ذكره أبو عمر في التمهيد قالت: «سألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال: هم مع آبائهم ثم سألته بعد ذلك فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين ثم سألته بعد ما استحكم الإسلام فنزلت {ولا تزر وازرة وزر أخرى} قال هم على القنطرة أو قال هم في الجنة» .
قلت: هذا حديث مرتب في غاية البيان وهو يقضي على ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحاح من قوله في الأطفال «الله أعلم بما كانوا عاملين» فكان ذلك منه قبل أن يعلم أن أولاد المشركين في الجنة وقيل أن ينزل عليه {ولا تزر وازرة وزر أخرى} .
وقد كان عليه الصلاة والسلام أنزل عليه بمكة {قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما
يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي} ولم يكشف له عن عاقبة أمرهم وأمر المشركين ثم أنزل عليه {هو الذي أرسل رسوله بالهدى} الآية، وأنزل عليه {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون} وأنزل عليه {وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب} فاعلمه بأن الذي يفعل به أن يظهر عليهم.
وقد ذكر ابن سنجر واسمه محمد بن سنجر قال: «حدثنا هوذة، حدثنا عوف عن حسناء بنت معاوية قالت: حدثني عمي قال: قلت يا رسول الله من في الجنة؟ قال: النبي في الجنة والمولود في الجنة والوثيدة في الجنة والشريد في الجنة» .
«وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألت ربي عن اللاهين من ذرية البشر أن لا يعذبهم فأعطانيهم» قال أبو عمر: إنما قيل للأطفال اللاهين لأن أعمالهم كاللهو واللعب من غير عقد ولا عزم من قولهم لهيت في الشيء أي لم أعتقده كقوله {لاهية قلوبهم} وقالت طائفة: أولاد المشركين خدم أهل الجنة، وحجتهم ما رواه الحجاج بن نضير «عن مبارك بن فضلة بن علي بن زيد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: أولاد المشركين خدم أهل الجنة» ذكره أبو عمر.
قلت: وإسناده إذاً الحديث ليس بالقوي لكن يدل على صحة هذا القول.
أعني أنهم في الجنة أو أنهم خدم أهل الجنة، ما ذكر جماعة من العلماء بالتأويل أن الله تعالى لما أخرج ذرية آدم من صلبه في صور الذر أقروا له بالربوبية وهو قوله {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا} ثم أعادهم في صلب آدم بعد أن أقروا له بأنه لا إله.
إلا هو ثم يكتب العبد في بطن أمه شقياً أو سعيداً على الكتاب الأول فمن كان في الكتاب الأول شقياً عمر حتى يجري عليه القلم فينقض الميثاق الذي أخذ عليه في صلب آدم بالشرك، ومن كان في الكتاب الأول سعيداً عمر حتى يجري عليه القلم فيؤمن فيصير سعيداً، ومن مات صغيراً من أولاد المسلمين قبل أن يجري عليه القلم فهم مع آبائهم في الجنة، ومن كان من أولاد المشركين فمات قبل أن يجري عليه القلم فليس يكونون مع آبائهم في النار لأنهم ماتوا على الميثاق الأول الذي أخذ عليهم في صلب آدم صلى الله عليه وسلم ولم ينقضوا الميثاق.
قلت: وغفر له وهذا أيضاً حسن، فإنه جمع بين الأحاديث ويكون معنى قوله عليه الصلاة والسلام لما سئل عن أولاد المشركين فقال:«الله أعلم بما كانوا عاملين» يعني لو بلغوا بدليل حديث البخاري وغيره مما ذكرناه.
ذكره يحيى بن سلام في
تفسيره.
وأبو داود الطيالسي في مسنده، وأبو نعيم الحافظ أيضاً «عن يزيد الرقاشي عن أنس قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذراري المشركين لم يكن لهم ذنوب يعاقبون عليها فيدخلون النار، ولم تكن لهم حسنات يجازون بها فيكونوا من ملوك الجنة، فقال النبي: من خدم أهل الجنة» .
روى أبو عبد الله الترمذي الحكيم قال: حدثنا أبو طالب الهروي قال: حدثنا يوسف بن عطية عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد من ولد كافر أو مسلم فإنما يولدون على الفطرة على الإسلام كلهم، ولكن الشياطين أتتهم فاختالتهم عن دينهم فهودتهم ونصرتهم ومجستهم وأمرتهم أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً.
وخرج من حديث عياض بن حماد المجاشعي «عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته: أن الله أمرني أن أعلمكم وقال إني خلقت عبادي كلهم حنفاء فأتتهم الشياطين فاختالتهم عن دينهم وأمرتهم أن يشركو بي وحرمت عليهم ما أحللت لهم» .
قال أبو عبد الله الترمذي: هذا بعد الإدراك حين عقلوا أمر الدنيا، وتأكدت حجة عليهم بما نصب من الآيات الظاهرة من خلق السموات والأرض والشمس والقمر والبر والبحر، واختلاف الليل والنهار، فلما غلبت