الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
قلت: إن قيل: كيف قال في هذا الحديث لا يضر مسلماً، وقد قتل الرجل الذي خرج إليه من المدينة ونشره بالمنشار وذلك أعظم الضرر؟ قلنا: ليس المراد ذلك وإنما المعنى أن المسلم المحقق لا يفتنه الدجال فيرده عن دينه لما يرى عليه من سيماء الحدث، ومن لم يكن بهذه الصفة فقد يفتنه ويتبعه لما يرى من الشبهات كما في الحديث المذكور في الباب قبل هذا.
ويحتمل أن يكون عموماً يخصه ذلك الحديث وغيره، والله أعلم.
باب ما ذكر من أن ابن صياد: الدجال واسمه صاف ويكنى أبا يوسف وسبب خروجه وصفة أبويه وأنه على دين اليهود
البزار «عن محمد بن المنكدر قال: رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن صياد: الدجال فقلت له: أتحلف على ذلك! قال: إني سمعت عمر يحلف بالله على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم» وأخرجه أبو داود في سننه.
وعن نافع قال: كان ابن عمر يقول: والله ما أشك أن المسيح الدجال ابن صياد أخرجه أبو داود أيضاً وإسناده صحيح.
مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: خرجنا حجاجاً أو عماراً ومعنا ابن صياد قال فنزلنا منزلاً فتفرق الناس وبقيت أنا وهو فاستوحشت منه وحشة شديدة مما يقال عليه قال: وجاء بمتاعه فوضعه على متاعي فقلت: إن الحر شديد فلو وضعته تحت تلك الشجرة قال ففعل فرفعت لنا غنم فانطلق بعس فقال: اشرب أبا سعيد فقلت: إن الحر شديد واللبن حار ما بي إلا أني أكره أن أشرب عن يده أو قال: آخذه عن يده فقال: أبا سعيد من خفي عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خفي عليكم مشعر الأنصار ألست من أعلم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم! أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو كافر وأنا مسلم» ، أو ليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا يدخل المدينة ولا مكة فقد أقبلت من المدينة وأنا مكة» ! وفي رواية: وقد حججت قال أبو سعيد: حتى كدت أني أعذره ثم قال: أما والله إني لأعرفه وأعرف مولده وأين هو الآن.
قال: قلت له: تباً لك سائر اليوم
وفي رواية: قال أبو سعيد وقيل له أيسرك أنك ذاك الرجل أي الدجال قال: فقال لو عرض علي ما كرهت.
وعن ابن عمر قال: لقيت ابن صياد مرتين، فقلت لبعضهم، هل تحدثون أنه هو؟ قال: لا والله.
قال: قلت كذبتني والله لقد أخبرني بعضكم أنه لن يموت حتى يكون أكثركم مالاً وولداً، فكذلك هو زعموا اليوم، قال: فتحدثنا ثم فارقته قال فلقيته لقية أخرى وقد نفرت عينه قال: فقلت متى فعلت عينك ما أرى؟ قال: لا أدري.
قال: قلت: لا تدري وهي في رأسك.
قال: إن شاء الله خلقها في عصاك هذه قال: فنخر كأشد نخير حمار سمعت قال: فزعم بعض أصحابي أني ضربته بعصا كانت معي حتى تكسرت، وأما أنا فو الله ما شعرت قال: وجاء حتى دخل على أم المؤمنين فحدثها فقالت ما تريد إليه ألم تعلم أنه قد قال إن أول ما يبعثه على الناس غضبه يغضبه، وعنه قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب إلى النخل التي فيها ابن صيد حتى إذا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل طفق يتقي بجذوع النخل وهو يحتل أن يسمع من ابن صياد شيئاً قبل أن يراه ابن صياد فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراش في قطيفة له فيها زمزمة، فرأت أم ابن صياد
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتقى بجذوع النخل فقالت لابن صياد: يا صاف وهم اسم ابن صياد هذا محمد فثار ابن صياد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو تركته بين» .
وفي رواية: «ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد خبأت لك خبثاً فقال ابن صياد: هو الدخ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخسأ فلن تعدو قدرك، فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول الله أضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يكنه فلن تسلط عليه وإن لم يكنه فلا خير في قتله» أبو داود عن جابر بن عبد الله قال: فقدنا ابن صياد يوم الحسرة.
الترمذي «عن أبي بكرة قال: قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يمكث أبو الدجال وأمه ثلاثين عاماً لا يولد لهما ولد، ثم يولد لهما ولد أعور أضر شيء وأقله منفعة تنام عينه ولا ينام قلبه، ثم نعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه فقال: أبوه طوال ضرب اللحم كأن أنفه منقار وأمه امرأة فرضاخية طويلة اليدين» ، قال أبو بكر: فسمعنا بمولود في اليهود بالمدينة فذهبت أنا والزبير بن العوام حتى دخلنا على أبويه، فإذا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما فقلنا:
هل لكما ولد؟ فقالا: مكثنا ثلاثين عاماً لا يولد لنا ولد ثم لنا غلام أعور أضر شيء وأقله منفعة تنام عيناه ولا ينام قلبه، قال: فخرجنا من عندهما، فإذا هو منجدل في الشمس في قطيفة وله همهمة فكشف عن رأسه فقال: ما قلتما؟ قلنا: وهل سمعت ما قلنا؟ قال: نعم تنام عيناي ولا ينام قلبي.
قال: حديث حسن غريب روى نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة.
قلت: خرجه أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد عن عبد الله بن أبي بكرة عن أبيه.
وروي «من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بطوله.
وفي آخره: فأخبرني عن الدجال أمن ولد آدم هو أم من ولد إبليس؟ قال: هو من ولد آدم لا أنه من ولد إبليس وأنه على دينكم معشر اليهود» ، وذكر الحديث.
وقيل: إنه لم يولد بعد.
وسيولد في آخر الزمان والأول أصح لما ذكرنا، وبالله توفيقنا.
وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان في أن الدجال ابن صياد، والله أعلم.