الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، فمن كثر بكاؤه خوفاً من الله تعالى وخشية منه ضحك كثيراً في الآخرة.
قال الله تعالى مخبراً عن أهل الجنة: {إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين} ووصف أهل النار فقال: {وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين} قال: وكنتم ومنهم تضحكون» .
وسيأتي بيانه.
باب ما جاء أن لكل مسلم فداء من النار من الكفار
«حدثنا جبارة بن المغلس، حدثنا كثير بن سليمان، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه الأمة أمة مرحومة، عذابها بأيديها، إذا كان يوم القيامة دفع إلى كل رجل من المسلمين رجل من المشركين،
فيقال: هذا فداؤك من النار» .
قلت: هذان الحديثان وإن كان إسنادهما ليس بالقوي ـ قال الدارقطني: جبارة بن المغلس متروك ـ فإن معناهما صحيح بدليل حديث مسلم.
وفي رواية أخرى: «لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه من النار يهودياً أو نصرانياً» .
قال فاستحلفه عمر بن عبد العزيز بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات: أن أباه حدثه عن رسول الله، قال: فحلف له.
فصل: قال علماؤنا رحمة الله عليهم: هذه الأحاديث ظاهرها الإطلاق والعموم وليس كذلك، وإنما هي في ناس مذنبين تفضل الله تعالى عليهم برحمته ومغفرته، فأعطى كل إنسان منهم فكاكاً من النار من الكفار، واستدلوا بحديث أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى» .
وخرجه مسلم «عن محمد بن عمرو بن عياد بن جبلة بن أبي رواد.
قال حدثنا حرمي بن عمارة، قال: حدثنا شداد أبو طلحة الراسبي، عن عباس، عن غيلان بن جرير، عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قالوا: وما معنى فيغفرها لهم؟ أي: يسقط المؤاخذة عنهم بها حتى كأنهم لم يذنبوا» .
ومعنى قوله: ويضعها على اليهود النصارى أنه يضاعف عليهم عذاب ذنوبهم
، حتى يكون عذابهم بقدر جرمهم وجرم ومذنبي المسلمين، لو أخذوا بذلك، لأنه تعالى يأخذ أحداً بذنب أحد، كما قال تعالى:{ولا تزر وازرة وزر أخرى} وله سبحانه أن يضاعف لمن يشاء العذاب، ويخفف عمن يشاء بحكم إرادته ومشيئته.
إذ لا نسأل عن فعله.
قالوا وقوله في الرواية الأخرى: «لا يموت رجل مسلم إلا أدخل مكانه يهودياً أو نصرانياً» ، فمعنى ذلك أن المسلم المذنب لما كان يستحق مكاناً من النار بسبب ذنوبه، وعفا الله عنه وبقي مكانه خالياً منه، أضاف الله تعالى ذلك المكان إلى يهودي أو نصراني ليعذب فيه زيادة على تعذيب مكانه الذي يستحقه بحسب كفره، ويشهد لهذا قوله عليه السلام «في حديث أنس للمؤمن الذي يثبت عند السؤال في القبر فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة» .
قلت: قد جاءت أحاديث دالة على أن لكل مسلم مذنباً كان أو غير مذنب.
منزلين: منزلاً من الجنة.
ومنزلاً من النار، وذلك هو معنى قوله تعالى {أولئك هم الوارثون} أي يرث المؤمنون منازل الكفار، ويجعل الكفار في منازلهم في النار على ما يأتي بيانه، وهو مقتضى «حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا وضع في قبره» الحديث وقد تقدم.
إلا أن هذه الوراثة تختلف.
فمنهم من يرث ولا حساب، ومنهم من يرث بحسابه وبمناقشته وبعد الخروج من النار، حسب ما تقدم من أحوال الناس.
والله أعلم.
وقد يحتمل أن يسمى الحصول على الجنة وراثة من حيث حصولها