الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي مالك الأشجعي، عن ربيعي بن خراش، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدرس الإسلام كما يدرس وشى الثوب حتى لا يدري ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، ويسري بكتاب الله تعالى في ليلة فلا بيقى منه في الأرض آية وتبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير والعجوز يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها قال له صلة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لايدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة فأعرض عنه حذيفة ثم ردها عليه ثلاثاً كل ذلك يعرض عنه حذيفة ثم أقبل عليه حذيفة فقال: يا صلة تنجيهم من النار ثلاثاً» .
قلت: هذا إنما يكون بعد موت عيسى عليه السلام لا عند خروج يأجوج ومأجوج على ما تقدم من رواية مقاتل.
وذكر أبو حامد من رفعه، فإن عيسى عليه السلام إنما ينزل مجدداً لما درس من هذه الشريعة فإنه يحججه على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
باب العشر آيات التي تكون قبل الساعة وبيان قوله تعالى: " اقتربت الساعة وانشق القمر
"
باب العشر آيات التي تكون قبل الساعة وبيان قوله تعالى: اقتربت الساعة وانشق القمر
«روي عن حذيفة أنه قال: كنا جلوس بالمدينة في ظل حائط وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة فأشرف علينا وقال: ما يجلسكم؟ فقلنا: نتحدث.
فقال: فيماذا؟ فقلنا: عن الساعة فقال: إنكم لا ترون الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات، أولها طلوع الشمس من مغربها ثم الدخان ثم الدجال ثم الدابة ثم
ثلاث خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وخروج عيسى وخروج يأجوج ومأجوج، ويكون آخر ذلك ناراً تخرج من اليمن من حفرة عدن لا تدع أحداً خلفها إلا تسوقه إلى المحشر» ذكره القتبي في كتاب عيون الأخبار له.
خرجه ابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن.
وفي البخاري «عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول أشراط الساعة نار تخرج تحشر الناس من المشرق إلى المغرب» .
مسلم «عن عبد الله بن عمر قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: إن أول الآيات خروجاً عن طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى وأيهما ما كانت قبل صاحبتها فأخرى على أثرها قريباً منها» .
وفي حديث حذيفة مرفوعاً، ثم قال عليه الصلاة والسلام:«كأني أنظر إلى حبشي أحمش الساقين أزرق العينين أفطس الأنف كبير البطن، وقد صف قدميه على الكعبة هو وأصحاب له وهم ينقضونها حجراً حجراً ويتداولونها بينهم حتى يطرحوها في البحر، فعند ذلك تكون علامات منكرات طلوع الشمس من مغربها ثم الدجال ثم يأجوج ومأجوج ثم الدابة» وذكر الحديث.
فصل
جاءت هذه الآيات في هذه الأحاديث مجموعة غير مرتبة ما عدا حديث حذيفة المذكور أولاً، فإن الترتيب فيه بثن وليس الأمر كذلك على ما نبينه، وقد جاء ترتيبها «من حديث حذيفة أيضاً: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة ونحن أسفل منه فاطلع إلينا فقال: ما تذكرون؟ قلنا: الساعة.
قال: إن الساعة لا تكون حتى تروا عشر آيات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، والدخان، والدجال، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونار تخرج من قعر عدن ترحل الناس» .
وقال بعض الرواة في العاشرة: ونزول عيسى بن مريم، وقال بعضهم: وريح يلقى الناس في البحر أخرجه مسلم فأول الآيات على ما في هذه الرواية الخسوفات الثلاثة، وقد وقع بعضها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
ذكره ابن وهب وقد تقدم.
وقد ذكر أبو الفرج بن الجوزي أنه وقع بعراق العجم زلازل وخسوفات هائلة هلك بسببها خلق كثير.
قلت: وقد وقع ذلك عندنا بشرق الأندلس فيما سمعنا من بعض مشايخنا بقرية يقال لها [قطرطندة] من قطر دانية سقط عليها جبل هناك فأذهبها.
وأخبرني أيضاً بعض أصحابنا أن قرية من أعمال برقة يقال لها [ترسة] أصابها زلزلة شديدة هدت حيطانها وسقفها على أهلها فماتوا تحتها، ولم ينج منهم إلا قليل، ووقع في هذا الحديث دابة الأرض قبل يأجوج ومأجوج وليس كذلك، فإن أول الآيات ظهور الدجال، ثم نزول عيسى عليه السلام، ثم خروج يأجوج ومأجوج، فإذا قتلهم الله بالنغف في أعناقهم على ما يأتي، وقبض الله تعالى نبيه عيسى عليه السلام، وخلت الأرض منا، وتطاولت الأيام على الناس، وذهب معظم دين الإسلام أخذ الناس في الرجوع إلى عاداتهم وأحدثوا الأحداث من الكفر والفسوق، كما أحدثوه بعد كل قائم نصبه الله تعالى بينه وبينهم حجة عليهم ثم قبضه، فيخرج الله تعالى لهم دابة من الأرض فتميز المؤمن من الكافر ليرتدع بذلك الكفار عن كفرهم والفساق عن فسقهم ويستبصروا وينزعوا عما هم فيه من الفسوق والعصيان، ثم تغيب الدابة عنهم ويمهلون، فإذا أصروا على طغيانهم طلعت الشمس من مغربها ولم يقبل ببعد ذلك لكافر ولا فاسق توبة وأزيل الخطاب والتكليف عنهم، ثم كان قيام الساعة
على أثر ذلك قريباً لأن الله تعالى يقول: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} فإذا قطع عنهم التعبد لم يقرهم بعد ذلك في الأرض زماناً طويلاً.
هكذا ذكره بعض العلماء.
وأما الدخان: فروي «من حديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم إن من أشراط الساعة دخاناً يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث في الأرض أربعين يوماً» .
فأما المؤمن: فيصيبه منه شبه الزكام.
وأما الكافر: فيكون بمنزلة السكران يخرج الدخان من أنفه ومنخريه وعينيه وأذنيه ودبره وقيل: هذا الدخان من آثار جهنم يوم القيامة.
وروي هذا عن علي وابن عمر وأبي هريرة وابن عباس وابن أبي مليكة والحسن وهو معنى قوله تعالى {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} .
وقال ابن مسعود في هذه الآية: إنه ما أصاب قريشاً من القحط والجهد حتى جعل الرجل يرى بينه وبين السماء كهيأة الدخان من الجهد حتى أكلوا العظام،
وقد مضت البطشة والدخان واللزام، والحديث عنه بهذا في كتابي مسلم والبخاري وغيرهما، وقد فسر البطشة بأنها وقعة بدر.
قال أبو الخطاب ابن دحية: والذي يقتضيه النظر الصحيح حمل ذلك على قضيتين: إحدهما وقعت وكانت الأخرى ستقع وستكون، فأما التي كانت فالتي كانوا يرون فيها كهيأة دخان وهي الدخان غير الدخان الحقيقي الذي يكون عند ظهور آيات التي هي من الأشراط والعلامات، ولا يمتنع إذا ظهرت هذه العلامة أن يقولوا {ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون} فيكشف عنهم ثم يعودون لقرب الساعة، وقول ابن مسعود لم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو من تفسيره، وقد جاء النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلافه.
قال المؤلف رحمه الله: قد روي عن ابن مسعود أنهما دخانان.
قال مجاهد:
كان ابن مسعود يقول: هما دخانان قد مضى أحدهما والذي بقي يملأ ما بين السماء والأرض ولا يجد المؤمن منه إلا كالزكمة، وأما الكافر فتثقب مسامعه فتبعث مسامعه فتبعث عند ذلك الريح الجنوب من اليمن فتقبض روح كل مؤمن ومؤمنة ويبقى شرار الناس.
واختلف في البطشة واللزام فقال أبي: هو القتل بالسيف يوم بدر.
وإليه نجا ابن مسعود وهو قول أكثر الناس، وعلى هذا تكون البطشة واللزام شيئاً واحداً قال ابن مسعود: البطشة الكبرى وقعة بدر.
وقيل: هي يوم القيامة وأصل البطش الأخذ بشدة وقع الألم.
واللزام في اللغة: الفصل في القضية.
وفسره ابن مسعود بأن ذلك كان يوم بدر وهو البطشة الكبرى في قوله أيضاً.
وقيل: إن اللزام هو المذكور في قوله تعالى {فسوف يكون لزاماً} وهو العذاب الدائم.
وأما الدجال فيأتي ذكره في أبواب أخرى، وأما الدابة فهي التي قال الله تعالى {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم} .
وذكر أهل التفسير أنه خلق عظيم يخرج من صدع من الصفا لا يفوتها أحد، فتسم المؤمن فتنير وجهه ويكتب بين عينيه كافر.
وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن هذه الدابة هي الجساسة على ما يأتي ذكره في خبر الدجال، وروي عن ابن عباس أنها الثعبان الذي كان يبئر الكعبة فاختطفه العقاب.
وسيأتي بيانه.
وأما قوله: وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، وفي الرواية الأخرى من قعر عدن.
وفي الرواية الأخرى من أرض الحجاز قال القاضي عياض، فلعلهما ناران تجتمعان لحشر الناس أو يكون ابتداء خروجهما من اليمن فظهورهما من الحجاز.
قلت: أما النار التي تخرج من أرض الحجاز فقد خرجت على ما تقدم القول فيها، وبقيت النار التي تسوق الناس إلى المحشر وهي التي تخرج من اليمن وقد مضى القول في الحشر، ويأتي القول في طلوع الشمس من مغربها.
فأما قوله الله تعالى: {اقتربت الساعة وانشق القمر} فقد روي أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم آية فأراهم القمر منشقاً نصفين والجبل بينهما فقال اشهدوا.
ثبت في الصحيحين وغيرهما.