الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحكمة في أمره أنه كان فتنة امتحن الله بها عباده المؤمنين ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، وقد امتحن الله قوم موسى في زمانه بالعجل فافتتن به قوم وهلكوا ونجا من هداه الله وعصمه منهم، وقد اختلف الروايات في أمر ابن صياد في ما كان من شأنه بعد كبره، فروي أنه تاب عن ذلك القول، ثم إنه مات بالمدينة وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس وقيل لهم اشهدوا.
قال الشيخ: الصحيح خلاف هذا لحلف جابر وعمر أن ابن صياد الدجال.
وروي أن أبا ذر كان يقول هو الدجال، وروي ذلك عن ابن عمر، وقال ابن جابر فقدناه يوم الحرة هذا وما كان مثله يخالف رواية من روى أنه مات بالمدينة، والله أعلم.
وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان في أن الدجال ابن صياد عند كلامنا على خبر الجساسة إن شاء الله تعالى.
باب في ما جاء في نقب يأجوج ومأجوج السد وخروجهم وصفتهم وفي لباسهم وطعامهم وبيان قوله تعالى " فإذا جاء وعد ربي جعله دكاً
"
باب في ما جاء في نقب يأجوج ومأجوج السد وخروجهم وصفتهم وفي لباسهم وطعامهم وبيان قوله تعالى فإذا جاء وعد ربي جعله دكاً
ابن ماجه «عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يأجوج ومأجوج يحفران كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فتستحفرونه غداً، فيعيده الله أشد ما كان حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال ارجعوا فتستحفرونه غداً إن شاء، فيرجعون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فينشفون الماء ويتحصن
الناس منهم في حصونهم فيرمون سهامهم إلى السماء فيرجع إليها الدم، الذي أحفظ فيقولون: قهرنا أهل الأرض، وعلونا أهل السماء فيبعث الله نغفاً في أقفائهم، فيقتلون.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن دواب الأرض تسمن وتشكر شكراً من كثرة ما تأكل من لحومهم» .
قال الجوهري: شكرت الناقة تشكر شكراً فهي شكرة واشتكر الضرع امتلأ.
قال كعب الأحبار: إن يأجوج ومأجوج ينقرون بمناقرهم السد حتى إذا كادوا أن يخرجوا قالوا: نرجع إليه غداً وقد عاد كما كان، فإذا بلغ الأمر الأمر ألقى على بعض أن يقولوا نرجع إن شاء الله غداً فنفرغ منه، قال: فيرجعون إليه وهو كما تركوه فيخرقونه ويخرجون، فيأتي أولهم البحيرة فيشربون ما فيها من ماء، ويأتي أوسطهم عليها فيلحسون ما كان فيها من طين، ويأتي آخرهم فيقولون: قد كان ها هنا ماء ثم يرمون بنبالهم نحو السماء فيقولون: قد قهرنا من في الأرض وظهرنا على من في السماء قال: فيصب الله عليهم دواب يقال له النغف فيأخذ في أقفائهم فيقتلهم النغف حتى تنتن الأرض من ريحهم، ثم يبعث الله عليهم طيراً فتنقل أبدانهم إلى البحر فيرسل الله السماء أربعين، فتنبت الأرض حتى إن الرمانة لتشبع السكن.
قيل لكعب: وما السكن؟ قال: أهل البيت.
قال: ثم يسمعون الصيحة.
وخرج ابن ماجه «عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون كما قال الله تعالى: {وهم من كل حدب ينسلون} ، فيعمون الأرض وينحاز منهم المسلمون حتى يصير بقية المسلمين في مدائنهم وحصونهم، ويضمون إليهم مواشيهم حتى إنهم ليمرون بالنهر فيشربونه حتى ما يذروا فيه شيئاً فيمر آخرهم على أثرهم فيقول قائلهم: لقد كان بهذا المكان مرة ماء ويظهرون على الأرض فيقول قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم لننازلن أهل السماء حتى إن أحدهم ليهز حربته إلى السماء فترجع مخضبة بالدم، فيقولون: قد قتلنا أهل السماء فبينما هم كذلك إذ بعث الله عليهم دواب كنغف الجراد، فتأخذ بأعناقهم فيموتون موت الجراد يركب بعضهم بعضاً.
فيصبح المسلمون لا يسمعون لهم حساً.
فيقولون: هل من رجل يشتري نفسه وينظر ما فعلوا، فينزل إليهم رجل قد وطن نفسه على أن يقتلوه فيجدهم موتى، فيناديهم ألا أبشروا فقد هلك عدوكم فيخرج الناس ويخلون سبيل مواشيهم فما يكون لهم مرعى إلا لحومهم فتشكر عليها كأحسن ما شكرت من نبات أصابته قط» .
وخرج ابن ماجه أيضاً وأبو بكر بن أبي شيبة واللفظ لابن ماجة، عن عبد الله بن مسعود قال: لما كان ليلة أسري برسول الله لقي إبراهيم وموسى وعيسى عليهما السلام فتذاكروا الساعة فبدأوا بإبراهيم فسألوه عنها فلم يكن عنده علم منها، ثم سألوا موسى فلم يكن عنده علم منها فردوا الحديث
إلى عيسى قال: قد عهد إلي فيما دون وجبتها فأما وجبتها فلا يعلمها إلا الله فذكروا خروج الدجال، قال فأنزلوا إليه فأقتله فيرجع الناس إلى بلادهم فيستقبلهم يأجوج مأجوج {وهم من كل حدب ينسلون} فلا يمرون بماء إلا شربوه ولا شيء إلا أفسدوه فيجأرون إلى الله فأدعو الله أن يميتهم فتنتن الأرض من ريحهم فيجأرون إلى الله فأدعو الله فيرسل السماء فتحملهم فتلقيهم في البحر، ثم تنسف الجبال وتمد الأرض مد الأديم فعهد إلي إذا كان ذلك كانت الساعة من الناس كالحامل التي لا يدري أهلها متى تعجلهم بولادتها.
قال ابن أبي شيبة: ليلاً أو نهاراً.
قال العوام: ووجه تصديق ذلك في كتاب الله تعالى: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون} ، فلا يمرون بماء إلا شربوه ولا شيء إلا أفسده زاد ابن أبي شيبة:{واقترب الوعد الحق} .
وروي عن عمر بن العاص قال: إن يأجوج ومأجوج ذرء ليس فيهم صديق، وهم على ثلاثة أصناف: على طول الشبر، وعلى طول الشبرين، وثلث منهم طوله وعرضه سواء، وهم من ولد يافث بن نوح عليه السلام.
وروي عن عطية بن حسان أنه قال: يأجوج ومأجوج أمتان في كل أمة
أربعمائة ألف ليس منها أمة تشبه بعضها بعضاً.
وروي عن الأوزاعي أنه قال: الأرض سبعة أجزاء، فستة أجزاء منها: يأجوج ومأجوج، وجزء فيه سائر الخلق.
وروي عن قتادة أنه قال: الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ يعني الجزء الذي فيه سائر الخلق غير يأجوج ومأجوج، فإثنا عشر للهند والسند، وثمانية آلاف للصين وثلاثة آلاف للروم وألف فرسخ للعرب.
وذكر علي بن معبد، عن أشعث، عن شعبة، عن أرطأة بن المنذر قال: إذا خرج يأجوج ومأجوج أوحى الله تبارك وتعالى إلى عيسى عليه السلام أني قد أخرجت خلقاً من خلقي لا يطيقهم أحد غيري فمر بمن معك إلى جبل الطور ومعه من الذراري اثنا عشر ألفاً، قال: يأجوج ومأجوج ذرء في جهنم، وهم على ثلاث أثلاث: ثلث على طول الأرز وثلث مربع طوله وعرضه واحد وهم أشد، وثلث يفترش إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى، وهم من ولد يافث بن نوح.
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يأجوج أمة لها أربعمائة أمير، وكذلك مأجوج لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف فارس من ولده، صنف منهم كالأرز، وصنف منهم طوله مائة وعشرون ذراعاً، وصنف منهم يفترش أذنه ويلتحف بالأخرى، لا يمرون بفيل ولا خنزير إلا أكلوه ويأكلون من مات منهم، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية، فيمنعهم الله من مكة والمدينة وبيت المقدس» .
ويروى أنهم يأكلون جميع حشرات الأرض من الحيات والعقارب وكل ذي روح مما خلق الله في الأرض، وليس لله خلق ينمي كنمائهم في العام الواحد ولا يزداد كزيادتهم ولا يكثر ككثرتهم، يتداعون تداعي الحمام ويعوون عواء الكلاب ويتسافدون تسافد البهائم حيث التقوا: صح أصله في كتاب القصد والأمم في أنساب العرب والعجم قال: ومنهم من له قرن وذنب وأنياب بارزة يأكلون اللحوم نيئة.
وقال كعب الأحبار: خلق الله يأجوج ومأجوج على ثلاثة أصناف: صنف أجسامهم كالأرز، وصنف أربعة أذرع طولاً وأربعة أذرع عرضاً، وصنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بالأخرى فيأكلون مشائم نسائهم.
ذكره أبو نعيم الحافظ وذكره عبد الملك بن حبيب أنه قال في قول الله عز وجل في قصة ذي القرنين: {فأتبع سبباً} يعني منازل الأرض ومعاليها وطرقها حتى إذا بلغ بين السدين يعني الجبلين اللذين خلفهم يأجوج ومأجوج وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً أي كلاماً {قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} .
قال عبد الملك: وهما أمتان من ولد يافث بن نوح مد الله لهما في العمر وأكثر لهما في النسل، حتى ما يموت الرجل من يأجوج ومأجوج حتى يولد له ألف ولد، فولد آدم كلهم عشرةأجزاء: يأجوج ومأجوج منهم تسعة أجزاء، وسائر ولده كلهم جزء واحد.
قال عبد الملك: كانوا يخرجون أيام الربيع إلى أرض القوم الذين هم قريب منهم فلا يدعون لهم شيئاً إذا كان إذا أخضر إلا أكلوه ولا يابساً إلا حملوه،
فقال أهل تلك الأرض لذي القرنين: هل لك أن نجعل خرجاً يعني جهلاً {على أن تجعل بيننا وبينهم سداً} قال: ما مكني فيه ربي خير من جعلكم ولكن {أعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً} قالوا له وما تريد؟ قال: {آتوني زبر الحديد} أي قطع الحديد فوضع بعضها على بعض كهيئة البناء فيما بين السدين وهما جبلان {حتى إذا ساوى بين الصدفين} يعني جانبي الجبلين {قال انفخوا} أي أوقدوا {حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا * فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا} أي من تحته.
وقال عبد الملك في قوله {أفرغ عليه قطراً} يعني نحاساً ليلتصق فأفرغه عليه فدخل بعضه في بعض قال {فإذا جاء وعد ربي جعله دكا} .
وفي تفسير الحوفي أبي الحسن: أن ذا القرنين لما عاين ذلك منهم انصرف إلى ما بين الصدفين فقاس ما بينهما وهو في منقطع الترك مما يلي مشرق الشمس، فوجد بعد ما بينهما مائة فرسخ فلما أنشأ في عمله حفر له أساساً حتى إذا بلغ الماء جعل عرضه خمسين فرسخاً، وجعل حشوه الصخور وطينه النحاس يذاب ثم يصب عليه، فصار كأنه عرق من جبل تحت الأرض ثم علاه وشرفه بزبر الحديد والنحاس المذاب، وجعل خلاله عرقاً من نحاس فصار كأنه برد حبرة من صفرة النحاس وجمرته وسواد الحديد، فلما فرغ منه وأحكمه انطلق عائداً إلى جماعة الإنس والجن.
انتهى كلام الحوفي.
وعن علي رضي الله عنه قال: وصنف منهم في طول شبر لهم مخالب وأنياب
كالسباع وتداعي الحمام وتسافد البهائم وعواء الذئب، وشعور تقيهم الحر والبرد وآذان عظام إحداهما وبرة يشتون فيها، والأخرى جلدة يصيفون فيها.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: الأرض ستة أجزاء فخمسة أجزاء يأجوج ومأجوج، وجزء فيه سائر الخلق.
وقال كعب الأحبار: احتلم آدم عليه السلام فاختلط ماؤه بالتراب فأسف فخلقوا من ذلك.
قال علماؤنا: وهذا فيه نظر لأن الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه لا يحتلمون.
وقال الضحاك: هم من الترك.
وقال مقاتل: هم من ولد يافث بن نوح وهذا أشبه كما تقدم.
والله أعلم.
وقرأ عاصم يأجوج ومأجوج بالهمزة فيهما، وكذلك في الأنبياء على أنهما مشتقان من أجة الحر وهي شدته وتوقده، ومنه أجيج النار.
ومن قولهم: ملح أجاج فيكونا عربيين من أج ومج ولم يصرفا لأنهما جعلا اسمين فهما مؤنثتان معرفتان، والباقون بغير همز جعلوهما لقبيلتين أعجميتين ولم يصرفا للعجمة والتعريف