الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون في أمتي أو في هذه الأمة خسف مسخ وقذف ونحوه» .
عن سهل بن سعد وقد تقدمت الأخبار والأحاديث في خسف الجيش الذي يقصد مكة لقتال المهدي.
خرجهما مسلم وغيره.
وكذلك تقدم حديث البخاري وغيره في باب إذا فعلت هذه الأمة خمس عشرة خصلة، وذكر الثعالبي في تفسيره من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «تبنى مدينة بين دجلة ودجيل وقطربل والسراة يجتمع فيها جبابرة الأرض تجبي إليها الخزائن ويخسف بها.
وفي رواية: يخسف بأهلها فلهي أسرع ذهاباً في الأرض من الوتد الجيد في الأرض الرخوة يقال إنها بغداد» وقد تقدم والله أعلم.
باب ـ ذكر الدجال وصفته ونعته
ذكر الدجال وصفته ونعته ومن أين يخرج وما علامة خروجه وما معه إذا خرج وما ينجى منه وأنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى.
قال ابن دحية قال العلماء: الدجال في اللغة يطلق على عشرة وجوه:
الأول: أن الدجال الكذاب قاله الخليل وغيره وأنها دجلة بسكون الخيم، ودجلة بفتحها كذبة لأنه يدجل الحق بالباطل، وجمعه دجالون ودجاجلة في التكسير وقد تقدم.
الوجه الثاني: أن الدجال مأخوذ من الدجل، وهو طلاء البعير بالقطران سمي بذلك لأنه يغطي الحق ويستره بسحره وكذبه، كما يغطي الرجل جرب بعيره بالدجالة وهي القطران يهنأ به البعير واسمه إذا فعل به ذلك المدجل قاله الأصمعي.
الوجه الثالث: إنما سمي بذلك لضربه في نواحيه الأرض وقطعه لها يقال: دجل الرجل إذا فعل ذلك.
الوجه الرابع: أنه من التغطية لأنه يغطي الأرض بمجموعه، والدجل التغطية.
قال دريد: كل شيء غطيته فقد دجلته ومنه سميت دجلة لانتشارها على الأرض وتغطية ما فاضت عليه.
الوجه الخامس: سمي دجالاً لقطعه الأرض إذ يطأ جميع البلاد إلا مكة والمدينة.
والدجالة الدفقة العظيمة.
وأنشد ابن فارس في المجمل:
دجالة من أعظم الرقاق.
الوجه السادس: سمي دجالاً، لأنه يغر الناس بشره كما يقال لطخني فلان بشره.
الوجه السابع: الدجال: المخرق.
الوجه الثامن: الدجال: المموه قاله ثعلب ويقال سيف مدجل إذ كان قد طلى بالذهب.
الوجه التاسع: الدجال: ماء الذهب الذي يطلى به الشيء فيحسن باطله وداخله خزف أو عود سمي الدجال بذلك لأنه يحسن الباطل.
الوجه العاشر: الدجال: فرند السيف، والفرند جوهر السيف وماؤه ويقال بالفاء والباء إذ أصله عين صافية على ما تنلطق به العجم، فعربته العرب، ولذلك
قال سبيويه وهو عندهم خارج عن أمثله العرب.
والفرند أيضاً الحرير.
وأنشد ثعلب:
بحلية الياقوت والفرندا
…
مع الملاب وعبير أصردا
أي خالصاً.
قال ابن الأعرابي يقال للزعفران الشعر والملاب والعبير والمردقوش والحشاد.
ذكر هذه الأقوال العشرة الحافظ أبو الخطاب بن دحية رحمه الله في كتاب مرج البحرين في فوائد المشرقين والمغربين.
مسلم «عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال» وفي رواية: «من آخر سورة الكهف» .
أبو بكر بن أبي شيبة، «عن الفلتان بن عاصم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما مسيح الضلالة فرجل أجلى الجبهة ممسوح العين اليسرى عريض المنخر فيه الدفاء» قوله فيه: دفا أي انحناء.
«و
عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدجال أعور العين اليسرى جفال الشعر معه جنة ونار فناره جنة وجنته نار» وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنا أعلم بما مع الدجال منه.
معه نهرنان يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض وأحدهم الآخر رأي العين نار تأجج، فأما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه ناراً وليغمض وليطأطئ رأسه فيشرب فإنه ماء بارد وأن الدجال ممسوخ العين عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب» .
قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية: كذا عند جماعة.
رواه مسلم فإما أدركن قال ابن دحية: وهو وهم فإن لفظه هو لفظ الماضي ولم أسمع دخول نون التوكيد على لفظ الماضي إلا ها هنا، لأن هذه النون لا تدخل على الفعل وصوابه ما قيده العلماء في صحيح مسلم منهم التميمي أبو عبد الله: فإما أدركه أحد.
قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أراني الليلة في المنام عند الكعبة فإذا رجل آدم كأحسن ما ترى من آدم الرجال تضرب لمته
بين منكبيه رجل الشعر يقطر رأسه ماء واضعاً يده على منكبي رجلين وهو يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هو المسيح بن مريم، ورأيت وراءه رجلاً جعداً قططاً أعور العين اليمنى كأشبه من رأيت من الناس بابن قطن واضعاً يديه على منكبي رجلين يطوف بالبيت فقلت من هذت قالوا هو المسيح الدجال» .
أبو بكر بن أبي شيبة «عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدجال أعور مدهجان أقمر كأن رأسه غضنة شجرة أشبه الناس بعبد العزي بن قطن الخزاعي فإما أهلك هلك فإنه أعور وأن الله ليس بأعور..
أبو داود الطيالسي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما مسيح فإنه أعور العين أجلي الجبهة عريض المنحر فيه اندفاء مثل قطن بن عبد العزي، فقال له الرجل: أيضر بي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم شبهه؟ فقال: لا أنت مسلم هو كافر» .
وخرج «عن أبي بن كعب قال ذكر الدجال عند النبي صلى الله عليه وسلم أو قال
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الدجال فقال: إحدى عينيه كأنها زجاجة خضراء وتعوذ بالله من عذاب القبر» .
الترمذي، «عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الدجال ليخرج من أرض بالمشرق يقال لها خراسان يتبعه أفواج كأن وجوههم المجان المطرقة» إسناده صحيح.
وذكر عبد الرزاق قال: «أخبرنا معمر بن عن أبي هانئ العبدي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يتبع الدجال من أمتي سبعون ألفاً عليهم السيجان والسيجان جمع الساج وهو طيلسان أخضر» .
وقال الأزهري هو المطيليل المقور بنسج كذلك.
خرجه أبو داود الطيالسي قال: حدثنا هشام عن قتادة عن شهر بن حوشب عن أسماء وعبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن شهر بن حوشب عن أسماء.
وأخرجه ابن ماجه من حديث أبي أمامة،
وفي بعض الروايات بعد قوله: وفي السنة الثالثة يمسك الله المطر وجميع النبات فما ينزل من السماء قطرة ولا تنبت الأرض خضرة ولا نباتاً، حتى تكون الأرض كالنحاس والسماء كالزجاج، فيبقى الناس يموتون جوعاً وجهداً، وتكثر الفتن والهرج، ويقتل الناس بعضهم بعضاً، ويخرج الناس بأنفسهم ويستولي البلاء على أهل الأرض، فعند ذلك يخرج الملعون الدجال من ناحية أصبهان من قرية يقال لها اليهودية وهو راكب حماراً أبتر يشبه البغل ما بين أذني حماره أربعون ذراعاً ومن نعت الدجال: أنه عظيم الخلقة طويل القامة جسيم أجعد قطط أعور العين اليمنى كأنها لم تخلق، وعينه الأخرى ممزوجة بالدم وبين عينيه مكتوب: كافر يقرؤه كل مؤمن بالله فإذا خرج يصيح ثلاث صيحات ليسمع أهل المشرق والمغرب.
ويروى أنه إذا كان في آخر الزمان تخرج من البحر امرأة ذات حسن وجمال بارع، فتدعو الناس إلى نفسها وتخترق البلاد فكل من أتاها كفر بالله، فعند ذلك يخرج الله عليكم الدجال، ومن علامة خروجه فتح القسطنطينية لأن الخبر ورد أن بين خروجه وفتح القسطنطينية سبعة أشهر وقد تقدم هذا.
وذكر أبو داود الطيالسي قال: «حدثنا الحشرج بن نباتة قال:
حدثنا سعيد ابن جمهان عن سفينة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه لم يكن نبي إلا وقد أنذر أمته الدجال.
ألا وإنه أعور العين بالشمال وباليمين ظفرة غليظة.
بين عينيه كافر يعني مكتوب كافر يخرج معه واديان أحدهما جنة والآخر نار، فناره جنة وجنته نار فيقول الدجال للناس: ألست بربكم أحيي وأميت ومعه ملكان يشبهان نبيين من الأنبياء إني لأعرف اسمهما واسم آبائهما لو شئت أن أسميهما سميتهما أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله فيقول: ألست بربكم أحيي وأميت؟ فيقول أحدهما: كذبت فلا يسمعه من الناس أحد إلا صاحبه، ويقول الآخر: صدقت وذلك فتنة ثم يسير حتى يأتي المدينة فيقول هذه قرية ذاك الرجل فلا يؤذن له أن يدخلها، ثم يسير حتى يأتي الشام فيهلكه الله عند عقبة أفيق» .
وخرجه أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي في الجزء العاشر من مختصر المعجم له بمعناه فقال: «حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال: حدثنا حشرج عن سعيد ابن جمهان عن سفينة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لم يكن نبي قبل إلا وقد حذر أمته من الدجال إنه أعور عينه اليسرى بعينه اليمنى ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن بالله معه واديان: أحدهما جنة والآخر نار، ومعه ملكان يشبهان نبين من الأنبياء، ولو شئت سميتهما بأسماء وأسماء آبائهما، أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله فيقول الدجال: ألست بربكم أحيي وأميت فيقول أحد الملكين: كذبت فلا يسمعه أحد من الناس إلا
صاحبه، فيقول له صدقت، فيسمعه الناس فيظنون أنه صدق الدجال فذلك فتنة ثم يسير الدجال حتى يأتي المدينة فلا يؤذن له فيقول هذه قرية ذلك الرجل، ثم يسير حتى يأتي الشام فيهلكه الله عند عقبة افيق» .
قال ابن برجان في كتاب الإرشاد له: والذي يغلب على ظني أن النبيين المشبه بها أحدهما المسيح ابن مريم والآخر محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك ما أنذرا بذلك ووصيا.
وخرج أبو داود في سننه، «عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني كنت حدثتكم عن المسيح الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا أن المسيح الدجال قصير أفحج جعد أعور مطموس العين ليست بناتئة ولا حجراء فإن التبس عليكم فاعلموا أن ربكم عز وجل ليس بأعور» .
فصل
وصف النبي صلى الله عليه وسلم الدجال وصفاً لم يبق معه لذي لب إشكال ولتك الأوصاف كلها ذميمة تبين لكل ذي حاسة سليمة، لكن من قضى الله عليه بالشقاوة تبع الدجال فيما يدعيه من الكذب والغباوة وحرم اتباع الحق ونور التلاوة، فقوله عليه الصلاة والسلام «إنه أعور وأن الله ليس بأعور» تبيين للعقول القاصرة أو الغافلة على أن من كان ناقصاً في ذاته عاجزاً عن إزالة نقصه لم يصلح أن يكون إلها لعجزه وضعفه، ومن كان عاجزاً عن إزالة نقصه كان أعجز عن نفع
غيره وعن مضرته.
وجاء في حديث حذيفة: أعور العين اليسرى، وفي حديث ابن عمر: أعور العين اليمنى، وقد أشكل الجمع بين الحديثين على كثير من العلماء، قال: وحتى إن أبا عمر بن عبد البر، ذكر ذلك في كتاب التمهيد له.
قال أبو عمر بن عبد البر ففي هذا الحديث أعور العين الشمال، وفي حديث مالك: أعور العين اليمنى.
فالله أعلم.
وحديث مالك أصح من جهةالإسناد لم يزد على هذا.
قال أبو الخطاب بن دحية ليس كما قال بل الطرق كلها صحيحة في العينين وقال شيخنا أحمد بن عمر في كتاب المفهم له: وهذا اختلاف يصعب الجمع فيه بينهما، وقد تكلف القاضي عياض الجمع بينهما
فقال: الجمع بين الروايتين عندي صحيح وهو أن كل واحدة منهما عوراء من وجه ما إذ العور حقيقة في كل شيء العيب والكلمة.
العوراء هي المعيبة فالواحدة عوراء بالحقيقة وهي التي وصفت بالحديث بأنها ليست بحجراء ولا ناتئة وممسوحة ومطموسة وطافية على رواية الهمز، والأخرى عوراء لعيبها اللازم لها لكونها جاحظة أو كأنها كوكب دري أو كأنها عنبة طافية بغير همز، وكل واحدة منهما يصح فيه الوصف بالعور بحقيقة العرف والاستعمال أو بمعنى العور الأصلي.
قال شيخنا وحاصل كلامه: أن كل واحدة من عيني الدجال عوراء أحدهما بما أصاب حتى ذهب إدراكها، والثانية عوراء بأصل خلقتها معيبة، لكن يبعد هذا التأويل أن كل واحدة من عينيه قد جاء وصفها في الرواية بمثل ما وصفت به الأخرى من العور، فتأمله.
قلت: ما قاله القاضي عياض وتأويله صحيح، وأن العور في العينين مختلف كما بيناه في الروايات، فإن قوله: كأنها لم تخلق هو معنى الرواية الأخرى مطموس العين ممسوخها ليست بناتئة ولا حجراء، ووصف الأخرى بالمزج بالدم وذلك عيب عظيم لا سيما مع وصفها بالظفرة الغليظة التي هي عليها وهي جلدة غليظة تغشى العين.
وعلى هذا فقد يكون العور في العينين سواء، لأن الظفرة مع غلظها تمنع من الإدراك فلا تبصر شيئاً فيكون الدجال على هذا أعمى أو قريباً منه، إلا أنه جاء ذكر الظفرة في العين اليمنى في حديث سفينة وفي الشمال في حديث سمرة بن جندب.