الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ حُذَيْفَةُ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي مِرْطٍ (1) لِبَعْضِ نِسَائِهِ مُرَحَّلٍ، فَلَمَّا رَآنِي أَدْخَلَنِي إِلَى رَحْلِهِ، وَطَرَحَ عَلَيَّ طَرَفَ الْمِرْطِ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ وَإِنَّهُ لَفِيهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَخْبَرتُهُ الْخَبَرَ (2)، وَسَمِعَتْ غَطفانُ بِمَا فَعَلَتْ قُرَيْشٌ، فَانْشَمَرُوا إِلَى بِلَادِهِمْ (3).
*
الرُّجُوعُ مِنَ الْخَنْدَقِ إِلَى إِلَى الْمَدِينَةِ:
فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمُونَ، وَقَدْ فتَحَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ، وَأَقَرَّ أَعْيُنَهُمْ بِجَلَاءِ الْأَحْزَابِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"الْآنَ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ"(4).
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبوَّةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ فِي السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ فَصَدَّتْهُ قُرَيْشٌ عَنِ الْبَيْتِ، وَوَقَعَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَهُمْ إِلَى أَنْ نَقَضُوهَا فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَوَقَعَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم.
(1) الْمِرْطُ: بكسر الميم: كِسَاءٌ من صُوفٍ. انظر النهاية (4/ 273).
(2)
في رواية الإمام مسلم قال حذيفة رضي الله عنه: فلم أزل نائمًا حتى أصبحت، فلما أصبحت قال صلى الله عليه وسلم:"قم يا نَوْمَانُ".
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (23334) - وأخرجه مختصرًا الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب غزوة الخندق - رقم الحديث (1788) - وابن حبان في صحيحه - كتاب إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة - باب ذكر حذيفة بن اليمان رضي الله عنه رقم الحديث (7125).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة الخندق - رقم الحديث (4109)(4110) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (18309).
وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، وَقَدْ جَمَعُوا لَهُ جُمُوعًا كَثِيرَةً:"لَا يَغْزُوَنَّكُمْ بَعْدَ هَذَا أبَدًا، وَلَكِنْ أَنْتُمْ تَغْزُونَهُمْ"(1).
ثُمَّ أَذِنَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسْلِمِينَ فِي الِانْصِرَافِ إِلَى مَنَازِلهِمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَأَعَزَّ جُنْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، لَا شَيْءَ قَبْلَهُ وَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ.
وَكَانُوا قَدْ أَقَامُوا بِالْخَنْدَقِ مُحَاصَرِينَ فِي شِتَاءٍ بَارِدٍ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً فَرَجَعُوا مَجْهُودِينَ، وَوَضَعُوا السِّلَاحَ، وَكَانَ انْصِرَافُهُمْ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءَ لِسَبْعِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ (2).
* * *
(1) أورده الحافظ في الفتح (8/ 165) وعزاه إلى البزار في مسنده -وحسن إسناده.
(2)
انظر دلائل النبوة للبيهقي (3/ 407) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 284) - سيرة ابن هشام (3/ 257).