الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَتَخَاذَلُونَ، وَيَتَسَلَّلُونَ مِنَ الْعَمَلِ وَيَذْهَبُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ بِغَيْرِ عِلْمِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَلَا إِذْنٍ (1).
*
ظُهُورُ الْمُعْجِزَاتِ:
وَقَدْ ظَهَرَتْ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ الْعَظِيمَةِ مُعْجِزَاتٌ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، مِنْهَا:
*
تَكْثِيرُ الطَّعَامِ الْقَلِيلِ:
أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صحِيحَيْهِمَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَمَصًا (2) شَدِيدًا، فَانْكَفَأْتُ (3) إِلَى امْرَأَتِي (4) فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْصًا شَدِيدًا، فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جِرَابًا (5) فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ (6) فَذَبَحْتُهَا
(1) انظر سيرةَ ابنِ هِشام (3/ 238) - دلائل النبوة للبيهقي (3/ 420 - 435).
(2)
الخَمَصُ: الجوعُ. انظر النهاية (2/ 76).
(3)
فَانْكَفَأْتُ: أي رَجَعْتُ، وفي رواية أخرى في صحيح البخاري - رقم الحديث (4101) قال جابر رضي الله عنه عندما رأى الجوعَ الذي أصابَ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم، قال: قلتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ ائذن لي إلى البيتِ.
(4)
قَالَ الحَافِظ فِي الفَتْحِ (8/ 154): اسمُها سُهَيْلَةُ بنتُ مُسعودٍ الأنصاريةُ رضي الله عنها.
(5)
الجِرَابُ: بكسر الجيم: وهو الوِعَاءُ. انظر لِسانَ العربِ (2/ 228).
(6)
الدَّاجِنُ: هي الشَّاةُ التي يَعْلِفُهَا النَّاسُ في منارلهم، ولا تُفْلَتُ للمرعى، ومِن شأنِها أَنْ تَسْمَنَ. انظر فتحَ الباري (8/ 154) - النِّهاية (2/ 96).
وفي رواية أخرى في صحيح البخاري - رقم الحديث (4101) قالت زوجةُ جابرٍ: عندي شَعيرٌ وعَناقٌ. -والعَنَاقُ: بفتح العينِ وتخفيفِ النُّونِ هي الأنثى من الْمَعْزِ-. انظر فتح الباري (8/ 154).
وفي رواية الإمام أحمد في مسنده قال جابر رضي الله عنهما: وكانت عندي شُوَيْهَةٌ.
وَطَحَنْتِ الشَّعِيرَ، فَفَرَغَتْ (1) إِلَى فَرَاغِي (2)، وَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: لَا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِمَنْ مَعَهُ، فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَبَحْنَا (3) بُهَيْمَةً (4) لَنَا، وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا فتَعَالَ أَنْتَ، وَنَفَرٌ مَعَكَ (5) فَصَاحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُؤْرًا (6) فَحَيَّ هَلًا بِكُمْ".
زَادَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: إِنَّا للَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لجَابِرٍ: "لَا تُنْزِلَنَّ بُرْمَتَكُمْ وَلَا تَخْبِزَنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ".
قَالَ جَابِرٌ: فَجِئْتُ (7) وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْدُمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ (8) فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الذِي قُلْتِ، فَأَخْرَجَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1) فَرَغَت: عَمَدْتُ وَقَصَدْتُ. انظر لسان العرب (10/ 242).
(2)
الفَراغُ: الإناءُ. انظر لسان العرب (10/ 242). أي أَفْرَغْتُ الشَّعيرَ في إِنَاءِ جابرٍ رضي الله عنه.
(3)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 154): فالذي ذبح جابر، وامرأته هي التي طبخت.
(4)
في روايةِ الإمام أحمد في مسنده قال جابر رضي الله عنه: صَنَعْتُ لك شُوَيْهَةً كَانَتْ عندَنا.
(5)
في روايةٍ أُخْرى في صحيحِ البخاري - رقم الحديث (4101) قال جابر: فقلْتُ: فَقُمْ أنتَ يا رَسُولَ اللَّهِ، ورَجُلٌ أو رَجُلانِ.
(6)
قال النَّوَوِيُّ في شرحِ مسلم (13/ 184): السُّؤْرُ: بضم السِّين وإِسْكَانِ الواوِ، وهو الطَّعامُ الذي يُدْعَى إليهِ، وقيل: الطَّعام مُطْلَقًا، وهي لَفْظَةٌ فَارِسِيَّةٌ.
(7)
زاد البخاري في روايةٍ أخرى - رقم الحديث (4101): وقلت لامرأتي: وَيْحَكِ جَاءَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصارِ، ومَنْ معهم.
(8)
قال النَّوويُّ في شرح مسلم (13/ 185): أي ذَمَّتْهُ ودَعَتْ عليهِ، وقيل: معناه بِكَ تُلْحَقُ الفَضيحَةُ، وبِكَ يَتَعَلَّقُ الذَّمُّ.