الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ في قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} قَالَ: اللِّينَةُ: النَّخْلُ، {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} ، قَالَ: اسْتَنْزَلُوهُمْ مِنْ حُصُونِهِمْ وَأُمِرُوا بِقَطْعِ النَّخْلِ (1).
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ نَخِيلِهِمْ إِهَانَةً لَهُمْ، وَإِرْهَابًا وَإِرْعَابًا لِقُلُوُبهِمْ (2).
فَلَمَّا ظَهَرَ لِبَنِي النَّضِيرِ تَخَلِّي المُنَافِقِينَ عَنْهُمْ، وَكَانَ مَثَلُهُمْ وَمَثَلُ المُنَافِقِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى:{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} (3).
*
قَذْفُ اللَّهِ تَعَالَى في قُلُوبِ اليَهُودِ الرُّعْبَ وَجَلَاؤُهُمْ:
وَقَذَفَ اللَّهُ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، وَاشْتَدَّ الحِصَارُ عَلَيْهِمْ، وَأَيْقَنُوا أَنَّ حُصُونَهُمْ لَنْ تَمْنَعَهُمْ مِنَ اللَّهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ صَالَحُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الجَلَاءِ (4)، وَعَلَى أَنَّ
(1) أخرجه الترمذي في جامعة - كتاب التفسير - باب ومن سورة الحشر - رقم الحديث (3588) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (1111).
(2)
انظر تفسير ابن كثير (8/ 61).
(3)
سورة الحشر الآيتان (16 - 17).
(4)
الجَلَاءُ: إخراجهم من أراضيهم إلى أرض أخرى. انظر النهاية (1/ 218) - دلائل النبوة للبيهقي (3/ 359).
لَهُمْ مَا أَقَلَّتْ (1) الإِبِلُ مِنَ الأَمْتِعَةِ، وَالأَمْوَالِ إِلَّا الحَلْقَةَ، يَعْنِي السِّلَاحَ.
رَوَى الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَنَّ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ حَارَبُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبْت قُرْيْظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقتَلَ رِجَالَهُمْ، وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ المُسْلِمِينَ (2).
وَأَخْرَجَ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: . . . فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الجَلَاءِ، وَعَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا أَقَلَّتِ الإِبِلُ مِنَ الأَمْتِعَةِ وَالأَمْوَالِ إِلَّا الحَلْقَةَ، يَعْنِي السِّلَاحَ (3).
فَاحْتَمَلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ الإِبِلُ، وَكَانَتْ سِتُّمِائَةِ بَعِيرٍ، فَكَانُوا يَهْدِمُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ؛ لِيَحْمِلُوا مَا اسْتَحْسَنُوهُ مِنَ الأَبْوَابِ وَالنَّوَافِذِ، بَلْ حَتَّى حَمَلَ بَعْضُهُمُ الأَوْتَادَ وَجُذُوعَ السُّقُفِ حَتَّى لَا يَنتفِعَ المُسْلِمُونَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِمْ.
ثُمَّ حَمَلُوا النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ عَلَى الهَوَادِجِ، فَخَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ مُظْهِرِينَ
(1) أقَلَّ الشيء واسْتَقَلَّهُ: إذا رَفَعَهُ وحمله. انظر النهاية (4/ 91).
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب حديث بني النضير - رقم الحديث (4028) - ومسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب إجلاء اليهود من الحجاز - رقم الحديث (1766).
(3)
أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - باب سورة الحشر - رقم الحديث (3850).