الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْضًا، وَحَضَرَتْ صَلَاةُ العَصْرِ، فَخَافَ المُسْلِمُونَ أَنْ يُغِيرَ المُشْرِكُونَ عَلَيْهِمْ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الخَوْفِ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إلى المَدِينَةِ، وَقَدْ غَابَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَبَعَثَ جُعَالَ بنَ سُرَاقَةَ رضي الله عنه بَشِيرًا إلى المَدِينَةِ بِسَلَامَتِهِ وَسَلَامَةِ المُسْلِمِينَ (1).
رَوَى الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بذَاتِ الرِّقَاعِ، . . . وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَع وَللْقَوْمِ رَكْعَتَانِ (2).
*
رُجُوعُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم إِلَى المَدِينَةِ وَأَحْدَاثٌ حَدَثَتْ في الطَّرِيقِ:
* الحَادِثُ الأَوَّلُ: قِصَةُ عَبَّادِ (3) بنِ بِشْرٍ رضي الله عنه:
ذَكَرْنَا أَنَّ المُسْلِمِينَ أَصَابُوا في هَذِهِ الغَزْوَةِ سَبْيًا، وَكَانَ فِيهِ جَارِيَةً
(1) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة ذات الرقاع - رقم الحديث (4127) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (10765) - وابن إسحاق في السيرة (3/ 226) - وابن سعد في طبقاته (2/ 280).
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة ذات الرقاع - رقم الحديث (4136) - ومسلم في صحيحه - كتاب صلاة المسافرين وقصرها - باب صلاة الخوف - رقم الحديث (843)(311) - وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (4220).
(3)
عَبَّاد: بفتح العين وتشديد الباء.
وَضِيئَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَافِلًا (1) أَتَى زَوْجُهَا، وَكَانَ غَائِبًا، فَلَمَّا أُخْبِرَ الخَبَرَ حَلَفَ أَنْ لَا يَنتهِيَ حَتَّى يُصِيبَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، أَوْ يُهْرِيقَ في أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم دَمًا، أَوْ يُخَلِّصَ زَوْجَتَهُ، فَخَرَجَ يَتْبَعُ أثَرَ المُسْلِمِينَ، فنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في شِعبٍ (2)، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا (3) لَيْلَتَنَا هَذِهِ؟ ".
فَقَامَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ وَعَبَّادُ بنُ بِشْرٍ رضي الله عنهما، فَقَالَا: نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّه.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فكُونَا في فَمِ الشِّعْبِ".
فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلَانِ إلى فَمِ الشِّعْبِ، قَالَ عَبَّادٌ لِعَمَّارٍ: أَيُّ اللَّيْلِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَكْفِيكَهُ: أَوَّلَهُ أَمْ آخِرَهُ؟
فَقَالَ عَمَّارٌ: اكْفِنِي أَوَّلَهُ، فَاضْطَجَعَ عَمَّارٌ فنَامَ، وَقَامَ عَبَّادُ بنُ بِشْرٍ رضي الله عنه يُصَلِّي، وَأَتَى الرَّجُلُ -زَوْجُ الْمَرْأَةِ-، فَلَمَّا رَأَى سَوَادَ عَبَّادٍ عَرَفَ أَنَّهُ رَبِيئَةُ (4) القَوْمِ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ، فَأَصَابَهُ بِهِ، فَانْتَزَعَهُ عَبَّادُ، فَرَمَاهُ الرَّجُلُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَأَصَابَهُ، فَانْتَزَعَهُ عَبَّادُ، فَرَمَاهُ الرَّجُلُ بِسَهْمٍ ثَالِثٍ فَأَصَابَهُ، فَانْتَزَعَهُ عَبَّادُ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ،
(1) قفل: رجع. انظر النهاية (4/ 82).
(2)
الشِّعب: بكسر الشين: ما انفرج بين جبلين. انظر لسان العرب (7/ 128).
(3)
الكَلاءة: الحفظ والحراسة. انظر النهاية (4/ 169).
(4)
الرَّبِيئَة: هو العينُ والطليعة الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدوٌّ، ولا يكون إِلَّا على جبل أو شرف ينظر منه. انظر النهاية (2/ 160).