الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَحْرِيمُ الخَمْرِ
وَفِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ لِلْهِجْرَةِ حُرِّمَتِ الخَمْرُ تَحْرِيمًا نِهَائيًّا، وَوَقَعَ عِنْدَ ابنِ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ أَنَّهَا حُرِّمَتْ أَثْنَاءَ حِصَارِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لِبَنِي النَّضِيرِ (1).
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: ذَكَرَ ابنُ إِسْحَاقَ أَنَّ تَحْرِيمَ الخَمْرِ كَانَ فِي وَاقِعَةِ بَنِي النَّضِيرِ، وَهِيَ بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُدٍ، وَذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعٍ عَلَى الرَّاجِحِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ رضي الله عنه كَانَ السَّاقِيَ يَوْمَ حُرِّمَتْ، وَأَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ المُنَاديَ بِتَحْرِيمِهَا بَادَرَ فَأَرَاقَهَا، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعٍ لَكَانَ أَنَسٌ يَصْغُرُ عَنْ ذَلِكَ، وَالذِي يَظْهَرُ أَنَّ تَحْرِيمَهَا كَانَ عَامَ الفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ.
لِمَا رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَالإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ -وَاللَّفْظُ لِأَحْمَدَ- مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَعْلة قَالَ: سَأَلْتُ ابنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ بَيْعِ الخَمْرِ، فَقَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدِيقٌ مِنْ ثَقِيفٍ، أَوْ مِنْ دَوْسٍ، فَلَقِيَهُ بِمَكَّةَ عَامَ الفَتْحِ بِرَاوِيَةِ (2) خَمْرٍ يُهْدِيهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا أبَا فُلَانٍ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا؟ "، فَأَقبُلَ الرَّجُلُ عَلَى غُلَامِهِ فَقَالَ: اذْهَبْ فَبِعْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا أَبَا فُلَانٍ، بِمَاذَا أَمَرْتهُ؟ " قَالَ: أَمَرتُهُ أَنْ يَبِيعَهَا، فَقَالَ
(1) انظر سيرة ابن هشام (3/ 211).
(2)
الراوية: المزادة. انظر لسان العرب (5/ 380).