الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الحُدَيْبِيَةِ. . . وَضَلَّتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَطَلَبْتُهَا، فَوَجَدْتُ حَبْلَهَا (1) قَدْ تَعَلَّقَ بِشَجَرَةٍ، فَجِئْتُ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَكِبَ مَسْرُورًا صلى الله عليه وسلم (2).
*
أَمْرُ المُهَاجِرَاتِ بَعْدَ الصُّلْحِ:
وَلَمَّا وَصَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى المَدِينَةِ وَاسْتَقَرَّ بِهَا، جَاءَ إِلَيْهِ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ مُهَاجِرَاتٌ، وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومَ بِنْتُ عُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ أَوَّلَ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ في تِلْكَ المُدَّةِ، وَكَانَتْ عَاتِقًا (3)، فَخَرَجَ في إِثْرِهَا أَخَوَاهَا عُمَارَةُ وَالوَلِيدُ ابْنَا عُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَقَالَا: يَا مُحَمَّدُ! أَوْفِ لَنَا بِمَا عَاهَدْتَنَا عَلَيْهِ (4).
فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ، وَلَمْ يُدْخِلِ النِّسَاءَ في ذَلِكَ الشَّرْطِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى في ذَلِكَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ (5) لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ
(1) في رواية الطيالسي في مسنده - رقم الحديث (375) قال ابن مسعود رضي الله عنه: خِطامها.
وخِطام البعير: هو أن يُؤخذ حبلٌ من لِيفٍ أو شَعْرٍ فيُجعل في أحد طَرَفَيْهِ حلقةً ثم يُشَدُّ فيه الطرف الآخر حَتَّى يصير كالحلقة، ثم يُقاد البعير. انظر النهاية (2/ 48).
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (4421) - وأخرجه الطيالسي في مسنده - رقم الحديث (375) - وأخرجه النسائي في السنن الكبرى - كتاب السير - باب نزول الدهاس من الأرض - رقم الحديث (8802).
(3)
العَاتِقُ: هي الشابة أوَّل ما تدرك. انظر النهاية (3/ 162).
(4)
يُشيرون إلى البند الذي في عقد الصلح، والذي يقول: وعلى أنه لا يأتيك -أي يا محمد صلى الله عليه وسلم منا رجل، وإن كان على دينك إلا رَدَدْتَه علينا.
(5)
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في تفسيره (8/ 92): وهذه الآية مُخَصَّصة للسنة، وهذا من أحسن =
يَحِلُّونَ لَهُنَّ (1) وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ (2) الْكَوَافِرِ (3) وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (4).
وَقَدْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها طَرِيقَةَ امْتِحَانِ النِّسَاءِ المُؤْمِنَاتِ المُهَاجِرَاتِ، فَقَدْ أَخْرَجَ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الآيَةِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ. . .} إلى قوله تَعَالَى: {. . . غَفُورٌ رَحِيمٌ} (5) قَالَتْ عَائشَةُ رَضىَ اللَّهُ عَنْهَا: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْط منْهُنَّ قَالَ لَهَا
= أمثلة ذلك، وعلى طريقة بعض السلف ناسِخَة، فإن اللَّه عز وجل، أمر عِبَاده المؤمنين إذا جاءهم النساء مُهَاجِرَات أن يمتحنوهن، فإن عَلِمُوهُنَّ مؤمنات فلا يرجعوهن إلى الكفار، لا هُنّ حِلٌّ لهم ولاهم يحلون لهن.
(1)
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في تفسيره (8/ 93): هذه الآية هي التي حَرَّمت المسلمات علي المشركين.
(2)
قال الإمام القرطبي في تفسيره (20/ 416): العِصَم: جمع العِصْمَة: وهو ما اعتصم به، والمراد بالعصمة هنا النكاح يقول: من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يَعْتَدّ بها، فليست له امرأةً، فقد انقطعت عصمتها، لاختلاف الدارين، ولذلك طلق عمر رضي الله عنه حينئذ امرأتين كما سيأتي.
(3)
قال الإمام القرطبي في تفسيره (20/ 418): المراد بالكَوَافِر هنا: عبَدَة الأوثان، من لا يجوزُ ابتداءً نِكَاحها، فهي خاصة بالكوافر من غير أهل الكتاب.
(4)
سورة الممتحنة آية (10) - والخبر أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الشروط - باب ما يجوز من الشروط في الإسلام - رقم الحديث (2711)(2712).
(5)
سورة الممتحنة الآيات (10 - 12).