الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
فَوَائِدُ الحَدِيثِ:
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَفِي غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ مِنَ الفَوَائِدِ:
1 -
جَوَازُ العَدْوِ الشَّدِيدِ فِي الغَزْوِ.
2 -
وَفِيهِ الإِنْذَارُ بِالصِّيَاحِ العَالِي.
3 -
وَفِيهِ تَعْرِيفُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ إِذَا كَانَ شُجَاعًا لِيُرْعِبَ خَصْمَهُ.
4 -
وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الثَّنَاءَ عَلَى الشُّجَاعِ، وَمَنْ فِيهِ فَضِيلَةٌ لَا سِيَّمَا عِنْدَ الصُّنْعِ الجَمِيلِ لِيَسْتَزِيدَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ يُؤْمَنُ الِافْتِتَانُ.
5 -
وَفِيهِ المُسَابَقَةُ عَلَى الأَقْدَامِ، وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَأَمَّا بِالعِوَضِ فَالصَّحِيحُ لَا يَصِحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (1).
*
قِصَّةُ المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ:
أَمَّا المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ التِي أُسِرَتْ فِي هَذِهِ الغَزْوَةِ، فَقَدِ اسْتَطَاعَتْ أَنْ تُفْلِتَ مِنْ وَثَاقِهَا، فَأَتَتِ الإِبِلَ، فَجَعَلَتْ كُلَّمَا دَنَتْ إِلَى بَعِيرٍ رَغَا (2) فتَتْرُكُهُ، حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى العَضْبَاءِ نَاقَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ تَرْغِ، ثُمَّ رَكِبَتْهَا وَوَجَّهَتْهَا قِبَلَ المَدِينَةِ، وَنَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَدِمَتِ المَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ، فَقَالُوا: العَضْبَاءُ، نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنَّهَا نَذَرَتْ، إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا
(1) انظر فتح الباري (8/ 237).
(2)
الرُّغاء: بضم الراء: صوت الإبل. انظر النهاية (2/ 218).
لَتَنْحَرَنَّهَا، فَأتوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرُوا ذَلِكَ له، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"سُبْحَانَ اللَّهِ! بِئْسَمَا جَزَتْهَا"، أَوْ قَالَ:"بِئْسَمَا جَزَيْتِيهَا، لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدمَ"(1).
قَالَ الدُّكْتُورُ مُحَمَّد أَبُو شَهْبَة: وَإِنَّ هَذِهِ القِصَّةَ لترِينَا حُسْنَ العَهْدِ، وَغَايَةَ الوَفَاءِ اللَّذَيْنِ كَانَ يَتَخَلَّقُ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، هَذَا الوَفَاءُ الذِي شَمِلَ بَنِي الإِنْسَانِ وَالحَيَوَانَ، وَقَدْ كَانَ هَذَا دَرْسًا عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذه المَرْأَةَ لِيَكُونَ عِبْرَةً لِلْأَجْيَالِ، إِنَّ صَاحِبَ الخُلُقِ العَظِيمِ يُعَلِّمُنَا أَنْ نُقَابِلَ الإِحْسَانَ بِالإِحْسَانِ، وَالجَمِيلَ بِالجَمِيلِ، وَالنِّعَمَ بِالشُّكْرِ، لَا بِالجُحُودِ وَالكُفْرَانِ، وَأَنَّ الوَفَاءَ لَازِمٌ حَتَّى لِلْحَيَوَانِ، وَبَعْدَ أَنْ بَيَّنَ لَهَا الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ لَا يَلِيقُ خُلُقًا وَمُرُوءَةً، فَهُوَ لَا يَجُوزُ شَرْعًا، إِذْ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ الإِنْسَانُ (2).
* * *
(1) أخرج ذلك الإمام مسلم في صحيحه - كتاب النذر - باب لا وفاء لنذر في معصية اللَّه - رقم الحديث (1641) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (19863) - وابن حبان في صحيحه - كتاب النذور - باب ذكر الإخبار عن نفي جواز وفاء نذر الناذر إذا نذر فيما لا يملك - رقم الحديث (4392).
(2)
انظر السِّيرة النَّبوِيَّة (2/ 369) للدكتور محمد أبو شهبة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.