الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ (1)، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَهْلٍ -أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بنِ سَهْلٍ المَقْتُولِ-، فَذَهَبَ لِيَتَكَلَّمَ وَهُوَ الذِي كَانَ بِخَيْبَرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِمُحَيِّصَةَ:"كبِّرْ كبِّرْ"، يُرِيدُ السِّنَّ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ"، فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ بِهِ، فَكَتَبَ يَهُودُ: مَا قتَلْنَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ:"أتحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ"، قَالُوا: لَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم:"أَفتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ"، قَالُوا: لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ، فَوَدَاهُ (2) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتِ الدَّارَ، قَالَ سَهْلٌ: فَرَكَضَتْنِي (3) مِنْهَا نَاقَةٌ (4).
*
إِجْلَاءُ يَهُودِ خَيْبَرَ وَالجَزِيرَةِ في خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه
-:
وَلَمْ يَزَلْ يَهُودُ خَيْبَرَ يَعْمَلُونَ في أَرْضِهَا عَلَى نِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فِي حَيَاةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَمُدَّةَ خِلَافةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، ثُمَّ أَقَرَّهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه، صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ إلى أَنْ خَرَجَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَالزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ، وَالمِقْدَادُ بنُ
(1) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (14/ 223): حُويِّصة: بضم الحاء وتشديد الياء المكسورة.
(2)
ودَاهُ: أي أعطى ديته. انظر النهاية (5/ 148).
(3)
أصلُ الرَّكْضِ: الضرب بالرجل والإصابة بها. انظر النهاية (2/ 235).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الجزية والموادعة - باب الموادعة والمصالحة مع المشركين المال - رقم الحديث (3173) - وأخرجه في كتاب الديات - باب القسامة - رقم الحديث (6898) - وأخرجه في كتاب الأحكام - باب كتاب الحاكم إلى مسألة والقاضي إلى أُمنائه - رقم الحديث (7192) - وأخرجه مسلم - كتاب القسامة والمحاربين والقصاص - باب القسامة - رقم الحديث (1669)(1).
الأَسْوَدِ رضي الله عنهم، إلى أَمْوَالٍ لَهُمْ بِخَيْبَرَ يَتَعَاهَدُونَهَا، فَلَمَّا قَدِمُوهَا تَفَرَّقُوا في أَمْوَالِهِمْ، فَعُدِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، تَحْتَ اللَّيْلِ، وَهُوَ نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَفُدِعَتْ (1) يَدَاهُ مِنْ مِرْفَقِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ اسْتُصْرِخَ عَلَيْهِ صَاحِبَاهُ، فَأتَيَاهُ، فَسَأَلَاهُ عَمَّنْ صَنَعَ بِهِ هَذَا؟
فَقَالَ: لَا أَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: فَأَصْلِحَا مِنْ يَدَيَّ، ثُمَّ قَدِمُوا بِهِ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه ، فَقَالَ: هَذَا عَمَلُ يَهُودِ (2).
وَفي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ قَالَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: . . . فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، غَالَوْا (3) في المُسْلِمِينَ، وَغَشُّوهُمْ، وَرَمَوْا ابْنَ عُمَرَ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ، فَفَدَعُوا يَدَيْهِ (4).
فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ رضي الله عنه ذَلِكَ قَامَ في النَّاسِ خَطِيبًا، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أنَا نُخْرِجُهُمْ إِذَا شِئْنَا، وَقَدْ عَدَوْا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ، فَفَدَعُوا يَدَيْهِ كَمَا بَلَغَكُمْ، مَعَ عَدْوَتهِمْ عَلَى الأَنْصَارِيِّ قَبْلَهُ (5)، لَا نَشُكُّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهُمْ، لَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرُهُمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ بِخَيْبَرَ فَلْيَلْحَقْ بِهِ،
(1) الفَدَعُ: بالتحريك: هو زَيْغٌ بين القَدَمِ وبين عظم الساق، وكذلك في اليد وهو أن تزول المفاصل عن أماكنها. انظر النهاية (3/ 376).
(2)
أخرج ذلك الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (90) وإسناده حسن.
(3)
الغَوْل: الخيانة. انظر لسان العرب (10/ 148).
(4)
أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (2765).
(5)
بقتلهم ابن محيّصة بن مسعود الأنصاري رضي الله عنهما، وعبد اللَّه بن سهل الأنصاري رضي الله عنه، كما تقدم ذلك قبل قليل.
فَإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ (1)
فَلَمَّا أَجْمَعَ (2) عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى إِجْلَائِهِمْ (3) أتاهُ أَحَدُ بَنِي أَبِي الحُقَيْقِ (4) فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أتخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَعَامَلَنَا عَلَى الأَمْوَالِ وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا (5)؟
فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَظَنَنْتَ أَنِّي نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَكَ: "كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ (6) لَيْلة بَعْدَ لَيْلَةٍ"(7).
(1) أخرج ذلك الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (90) وإسناده صحيح - وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (2765) وإسناده صحيح - وأصله في صحيح البخاري - رقم الحديث (2730).
(2)
أجمع: أي عَزم. لسان العرب (2/ 358).
(3)
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (5/ 674): الإجلاء: الإخراج عن المال والوطن على وَجْهِ الإزعاج والكراهة.
(4)
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (5/ 674): الحُقَيْقِ مُصَغّرًا، وهو رأسُ يهودِ خيبر، وفي رواية الطحاوي في شرح مشكل الآثار بسند صحيح - رقم الحديث (2765): قال عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنه: أتاه رئيسهم.
(5)
في رواية ابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (5199) فقال رئيسهم لعمر رضي الله عنه: لا تُخْرِجنا دعنا نكون فيها كما أقَرَّنا رَسُول اللَّهِ وأبو بكر.
(6)
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (5/ 674): قلوصك: بفتح القاف وضم اللام والصاد: هي الناقة الصَّابرة على السير، وقيل الشَّابَّة.
(7)
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (5/ 674): فيه إشارةٌ منه صلى الله عليه وسلم إلى إخراجهم من خيبر، وكان ذلك من أخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات قبل وقوعها.
وفي رواية الطحاوي في شرح مشكل الآثار بسند صحيح - رقم الحديث (2765) فقال عمر لرئيسهم: أتراه سَقَطَ عني قول رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لك: "كيف بك إذا رَقَصَتْ بك -أي أسْرَعَتْ في السير- راحلتك نحوَ الشام يومًا ثم يومًا ثم يومًا".