الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: "لَمْ يَشُكُّوا"(1).
قَالَ الإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فَكَانَ في هَذَا الحَدِيثِ تَفْضِيلُ المُحَلِّقِينَ عَلَى المُقَصِّرِينَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا، فَكَانَ في ذَلِكَ إِثْبَاتُ الشَّكِّ عَلَى المُقَصِّرِينَ، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمَا كَانَ شَكُّ المُقَصِّرِينَ في ذَلِكَ؟
لِأَنَهُ كَانَ في قُلُوبِهِمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَلَقَ في غَيْرِ مَوْضِعِ الحَلْقِ الذِي كَانُوا يَعْلَمُونَ الحَلْقَ فِيهِ، وَيَقِفُونَ عَلَيْهِ مِنْ شَرِيعَتِهِ، وَقَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونَ اقْتِدَاؤُهُمْ وَاتِّبَاعُهُمْ لَهُ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَأَوْهُ يَفْعَلُهُ أَوْثَقَ فِي قُلُوبِهِمْ مِمَّا تَقَدَّمَ عِلْمُهُمْ لَهُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَانُوا بِذَلِكَ مُقَصِّرِينَ في الوَاجِبِ لَهُ عَلَيْهِمْ صلى الله عليه وسلم في ذَلِكَ، وَكَانَ الحَالِقُونَ فَاعِلِينَ لِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنِ امْتِثَالِ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَرْكِ التَّخَلُّفِ عَنِ القُدْوَةِ بِهِ، فَفَضَلُوا بِذَلِكَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ مِثْلِهِ، لَا لِفَضْلٍ في الحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ (2).
*
نَحْرُ الهَدْيِ:
ثُمَّ نَحَرَ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم الهَدْيَ، فكَانَتِ البَدَنَةُ (3) عَنْ سَبْعَةٍ، وَالبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ مُسْلِم في صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الحُدَيْبِيَةِ البَدَنَةَ عَنْ
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (3311) - وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (1364).
(2)
انظر شرح مشكل الآثار (3/ 393).
(3)
البَدَنَة: الناقة سميت بدنه لعظمها وسمنها. انظر النهاية (1/ 108).