الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُلْتُ: وَالذِي تَمِيلُ إِلَيْهِ النَّفْسُ أَنَّ آيَةَ التَّيَمُّمِ نَزَلَتْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الغَزْوَةِ لِمُخَالَفَتِهَا قِصَّةَ الإِفْكِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
*
الفَوَائِدُ التِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا حَادِثَةُ الإِفْكِ:
قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَفِي قِصَّةِ الإِفْكِ مِنَ الفَوَائِدِ:
1 -
جَوَازُ الحَدِيثِ عَنْ جَمَاعَةٍ مُلَفَّقًا مُجْمَلًا.
2 -
وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةِ القُرْعَةِ حَتَّى بَيْنَ النِّسَاءِ وَفِي المُسَافَرَةَ بِهِنَّ، وَالسَّفَرُ بِالنِّسَاءِ حَتَّى فِي الغَزْوِ.
3 -
وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ التَّوْطِئَةِ فِيمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الكَلَامِ.
4 -
وَأَنَّ الهَوْدَجَ يَقُومُ مَقَامَ البَيْتِ فِي حَجْبِ المَرْأَةِ.
5 -
وَفِيهِ جَوَازُ رُكُوبِ المَرْأَةِ الهَوْدَجَ عَلَى ظَهْرِ البَعِيرِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِ حَيْثُ يَكُونُ مُطِيقًا لِذَلِكَ.
6 -
وَفِيهِ خِدْمَةُ الأَجَانِبِ لِلْمَرْأَةِ مِنْ وَرَاءِ الحِجَابِ.
7 -
وَجَوَازُ تَسَتُّرِ المَرْأَةِ بِالشَّيْءَ المُنْفَصِلِ عَنِ البَدَنِ.
8 -
وَفِيهِ تَوَجُّهُ المَرْأَةِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا وَبِغَيْرِ إِذْنٍ خَاصٍّ مِنْ زَوْجِهَا، بَلِ اعْتِمَادًا عَلَى الإِذْنِ العَامِّ المُسْتَنِدِ إِلَى العُرْفِ العَامِّ.
9 -
وَفِيهِ جَوَازُ تَحَلِّي المَرْأَةِ فِي السَّفَرِ بِالقِلَادَةِ وَنَحْوِهَا.
10 -
وَفِيهِ صِيَانَةُ المَالِ، وَلَوْ قَلَّ؛ لِلنَّهْي عَنْ إِضَاعَةِ المَالِ (1)، فَإِنَّ عِقْدَ عَائِشَةَ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَهَبٍ وَلَا جَوْهَرٍ.
11 -
وَفِيهِ شُؤْمُ الحِرْصِ عَلَى المَالِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُطِلْ فِي التَّفْتِيشِ لَرَجَعَتْ بِسُرْعَةٍ، فَلَمَّا زَادَ عَلَى قَدْرِ الحَاجَةِ أَثَّرَ مَا جَرَى.
12 -
وَفِيهِ تَوَقُّفُ رَحِيلِ العَسْكَرِ عَلَى إِذْنِ الأَمِيرِ.
13 -
وَاسْتِعْمَالُ بَعْضِ الجَيْشِ سَاقَةً (2) يَكُونُ أَمِينًا؛ لِيَحْمِلَ الضَّعِيفَ، وَيَحْفَظَ مَا يَسْقُطُ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ المَصَالِحِ.
14 -
وَفِيهِ الِاسْتِرْجَاعُ عِنْدَ المُصِيبَةِ.
15 -
وَفِيهِ تَغْطِيَةُ المَرْأَةِ وَجْهَهَا عَنْ نَظَرِ الأَجْنَبِيِّ، وَإِطْلَاقُ الظَّنِّ عَلَى العِلْمِ، كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ.
16 -
وَفِيهِ إِغَاثَةُ المَلْهُوفِ، وَعَوْنُ المُنْقَطِعِ، وَإِنْقَاذُ الضَّائِعِ.
17 -
وَفِيهِ إِكْرَامُ ذَوِي القَدْرِ، وَإِيثَارُهُمْ بِالرُّكُوبِ وَتَجَشُّمُ (3) المَشَقَّةِ لِأَجْلِ ذَلِكَ.
(1) أخرج الإِمام البخاري في صحيحه - رقم الحديث (1477) - ومسلم في صحيحه - رقم الحديث (12/ 11)(593) عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه كره لكم ثلاثًا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال".
(2)
الساقة: جمع سائق، وهم الذين يسوقون جيش الغزاة، ويكونون من ورائه يحفظونه. انظر النهاية (2/ 381).
(3)
تجشم الأمر: إذا تكلفه. انظر النهاية (1/ 265).
18 -
وَفِيهِ حُسْنُ الأَدَبِ مَعَ الأَجَانِبِ خُصُوصًا النِّسَاءِ، لَاسِيَّمَا فِي الخَلْوَةِ.
19 -
وَفِيهِ المَشْيُ أَمَامَ المَرْأَةِ؛ لِيَسْتَقِرَّ خَاطِرُهَا، وَتَأْمَنَ مِمَّا يَتَوَهَّمُ مِنْ نَظَرِهِ لِمَا عَسَاهُ يَنْكَشِفُ مِنْهَا فِي حَرَكَةِ المَشْي.
20 -
وَفِيهِ مُلَاطفَةُ الزَّوْجَةِ، وَحُسْنُ مُعَاشَرَتِهَا، وَالتَّقْصِيرُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ إِشَاعَةِ مَا يَقْتَضِي النَّقْصَ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنْ تَتَفَطَّنَ لِتَغْيِيرِ الحَالِ فَتَعْتَذِرَ أَوْ تَعْتَرِفَ.
21 -
وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ المَرِيضِ أَنْ يُعْلِمُوهُ بِمَا يُؤْذِي بَاطِنَهُ؛ لِئَلَّا يَزِيدَ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ.
22 -
وَفِيهِ السُّؤَالُ عَنِ المَرِيضِ، وَإِشَارَةٌ إِلَى مَرَاتِبِ الهُجْرَانِ بِالكَلَامِ وَالمُلَاطَفَةِ، فَإِذَا كَانَ السَّبَبُ مُحَقَّقًا فَيُتْرَكُ أَصْلًا، وَإِنْ كَانَ مَظْنُونًا فَيُخَفَّفُ، وَإِنْ كَانَ مَشْكُوكًا فِيهِ، أَوْ مُحْتَمَلًا فَيَحْسُنُ التَّقْلِيلُ مِنْهُ لَا لِلْعَمَلِ بِمَا قِيلَ، بَلْ لِئَلَّا يُظَنَّ بِصَاحِبِهِ عَدَمُ المُبَالَاةِ بِمَا قِيلَ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَوَارِمِ المُرُوءَةِ.
23 -
وَفِيهِ أَنَّ المَرْأَةَ إِذَا خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ تَسْتَصْحِبُ مَنْ يُؤْنِسُهَا أَوْ يَخْدِمُهَا مِمَّنْ يُؤَمَنُ عَلَيْهَا.
24 -
وَفِيهِ ذَبُّ المُسْلِمِ عَنِ المُسْلِمِ خُصُوصًا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الفَضْلِ،
وَرَدْعِ مَنْ يُؤْذِيهِمْ، وَلَوْ كَانَ مِنْهُمْ بِسَبِيلٍ.
25 -
وَفِيهِ بَيَانُ مَزِيدِ فَضِيلَةِ أَهْلِ بَدْرٍ، وَإِطْلَاقُ السَّبِّ عَلَى لَفْظِ الدُّعَاءَ بِالسُّوءِ عَلَى الشَّخْصِ.
26 -
وَفِيهِ البَحْثُ عَنِ الأَمْرِ القَبِيحِ إِذَا أُشِيعَ وَتَعَرُّفُ صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ بِالتَّنْقِيبِ عَلَى مَنْ قِيلَ فِيهِ هَلْ وَقَعَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا يُشْبِهُهُ أَوْ يَقْرُبُ مِنْهُ، وَاسْتِصْحَابُ حَالِ مَنِ اتُّهِمَ بِسُوءٍ إِذَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مَعْرُوفًا بِالخَيْرِ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ عَنْهُ بِالبَحْثِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ.
27 -
وَفِيهِ فَضِيلَةٌ قَوِيَّةٌ لِأُمِّ مِسْطَحٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُحَابِ وَلَدَهَا فِي وُقُوعِهِ فِي حَقِّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، بَلْ تَعَمَّدَتْ سَبَّهُ عَلَى ذَلِكَ.
28 -
وَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِأَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَهْلِ بَدْرٍ: "إِنَّ اللَّهَ قَالَ لَهُمْ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ"(1)، وَأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ المُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ الذُّنُوبَ تَقَعُ مِنْهُمْ لَكِنَّهَا مُقْرُونَةٌ بِالمَغْفِرَةِ تَفْضيلًا لَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ المَشْهَدِ العَظِيمِ.
29 -
وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ التَّسْبِيحِ عِنْدَ سَمَاعِ مَا يَعْتَقِدُ السَّامِعُ أَنَّهُ كَذِبٌ، وَتَوْجِيهُهُ هُنَا أَنَّهُ سبحانه وتعالى يُنَزَّهُ أَنْ يَحْصُلَ لِقَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَدْنِيسٌ،
(1) أخرج هذا الحديث البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب فضل من شهد بدرًا - رقم الحديث (3983) - ومسلم في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل أهل بدر رضي الله عنهم رقم الحديث (2494).
فَيُشْرَعُ شُكْرُهُ بِالتَّنْزِيهِ فِي مِثْلِ هَذَا.
30 -
وَفِيهِ تَوَقُّفُ خُرُوجِ المَرْأَةِ مِنْ بَيْتِهَا عَلَى إِذْنِ زَوْجِهَا، وَلَوْ كَانَتْ إِلَى بَيْتِ أَبَوَيْهَا.
31 -
وَفِيهِ البَحْثُ عَنِ الأَمْرِ المَقُولِ مِمَّنْ يَدُلُّ عَلَيْهِ المَقُولُ فِيهِ، وَالتَّوَقُّفُ فِي خَبَرِ الوَاحِدِ، وَلَوْ كَانَ صَادِقًا، وَطَلَبُ الِارْتِقَاءِ مِنْ مَرْتَبَةِ الظَّنِّ إِلَى مَرْتَبَةِ اليَقِينِ، وَأَنَّ خَبَرَ الوَاحِدِ إِذَا جَاءَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ أَفَادَ القَطْعَ؛ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها:"لَأَسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا"، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ.
32 -
وَفِيهِ اسْتِشَارَةُ الْمَرْءِ أَهْلِ بِطَانَتِهِ مِمَّنْ يَلُوذُ بِهِ بِقَرَابَةٍ وَغَيْرِهَا، وَتَخْصِيصُ مَنْ جُرِّبَتْ صِحَّةُ رَأْيِهِ مِنْهُمْ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَقْرَبَ، وَالبَحْثُ عَنْ حَالِ مَنِ اتُّهِمَ بِشَيْءٍ، وَحِكَايَةُ ذَلِكَ لِلْكَشْفِ عَنْ أَمْرِهِ، وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ غِيبَةً.
33 -
وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ "لَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا" فِي التَّزْكِيَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَافٍ فِي حَقِّ مَنْ سَبَقَتْ عَدَالَتُهُ مِمَّنْ يَطَّلِعُ عَلَى خَفِيِّ أَمْرِهِ.
34 -
وَفِيهِ التَّثَبُّتُ فِي الشَّهَادَةِ، وَفِطْنَةُ الإِمَامِ عِنْدَ الحَادِثِ المُهِمِّ، وَالِاسْتِنْصَارُ بِالأَخِصَّاءِ عَلَى الأَجَانِبِ، وَتَوْطِئَةُ العُذْرِ لِمَنْ يُرَادُ إِيقَاعَ العِقَابِ بِهِ أَوِ العِتَابِ لَهُ، وَاسْتِشَارَةُ الأَعْلَى لِمَنْ هُوَ دُونَهُ، وَاسْتِخْدَامُ مَنْ لَيْسَ فِي الرِّقِّ، وَأَنَّ مَنِ اسْتَفْسَرَ عَنْ حَالِ شَخْصٍ، فَأَرَادَ بَيَانَ مَا فِيهِ مِنْ عَيْبٍ، فَلْيُقَدِّمْ ذِكْرَ عُذْرِهِ فِي ذَلِكَ إِنْ كَانَ يَعْلَمُهُ، كَمَا قَالَتْ بَرِيرَةُ فِي عَائِشَةَ، حَيْثُ عَابَتْهَا بِالنَّوْمِ
عَنِ العَجِينِ، فَقَدَّمَتْ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ.
35 -
وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم-كَانَ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ الوَحْي؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَجْزِمْ فِي القِصَّةِ بِشَيْءٍ قَبْلَ نُزُولِ الوَحْي.
36 -
وَفِيهِ أَنَّ الحَمِيَّةَ للَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم لَا تُذَمُّ.
37 -
وَفِيهِ فَضَائِلُ جَمَّةٌ لِعَائِشَةَ، وَلِأَبَوَيْهَا، وَلصَفْوَانَ، وَلعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ، وَسَعْدِ بنِ مُعَاذٍ، وأُسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ.
38 -
وَفِيهِ أَنَّ التَّعَصُّبَ لِأَهْلِ البَاطِلِ يُخْرِجُ عَنِ اسْمِ الصَّلَاحِ.
39 -
وَفِيهِ جَوَازُ سَبِّ مَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْبَاطِلِ وَنِسْبَتُهُ إِلَى مَا يَسُوءُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الحَقِيقَةِ فِيهِ، لَكِنْ إِذَا وَقَعَ مِنْهُ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ جَازَ إِطْلَاقُ ذَلِكَ عَلَيْهِ تَغْلِيظًا لَهُ.
40 -
وَفِيهِ إِطْلَاقُ الكَذِبِ عَلَى الخَطَأِ، وَالقَسَمِ بِلَفْظِ لَعَمْرُ اللَّهِ.
41 -
وَفِيهِ النَّدْبُ إِلَى قَطْعِ الخُصُومَةِ.
42 -
وَفِيهِ تَسْكِينُ ثَائِرَةِ الفِتْنَةِ، وَسَدِّ ذَرِيعَةِ ذَلِكَ، وَاحْتِمَالِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ بِزَوَالِ أَغْلَظِهِمَا.
43 -
وَفِيهِ فَضْلُ احْتِمَالِ الأَذَى.
44 -
وَفِيهِ مُبَاعَدَةُ مَنْ خَالَفَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم، وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا حَمِيمًا.
45 -
وَفِيهِ أَنَّ مَنْ آذَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّ سَعْدَ بنَ مُعَاذٍ رضي الله عنه أَطْلَقَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
46 -
وَفِيهِ مُسَاعَدَةُ مَنْ نَزَلَتْ فِيهِ بَلِيَّةٌ بِالتَّوَجُّعِ وَالبُكَاءِ وَالحُزْنِ.
47 -
وَفِيهِ تَثَبُّتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه فِي الأُمُورِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ فِي هَذِهِ القِصَّةِ مَعَ تَمَادِي الحَالِ فِيهَا شَهْرًا كَلِمَةً فَمَا فَوْقَهَا، إِلَّا مَا وَرَدَ عَنْهُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ: وَاللَّهِ مَا قِيلَ لَنَا هَذَا فِي الجَاهِلِيَّةِ، فكَيْفَ بَعْدَ أَنْ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالإِسْلَامِ، وَقَعَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الطَّبَرانِّي.
48 -
وَفِيهِ ابْتِدَاءُ الكَلَامِ فِي الأَمْرِ المُهِمِّ بِالتَّشَهُّدِ وَالحَمْدِ وَالثَّنَاءِ، وَقَوْلِ: أَمَّا بَعْدُ.
49 -
وَفِيهِ تَوْقِيفُ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ ذَنْبٌ عَلَى مَا قِيلَ فِيهِ بَعْدَ البَحْثِ عَنْهُ، وَأَنَّ قَوْلَ كَذَا وَكَذَا يُكْنَى بِهَا عَنِ الأَحْوَالِ كَمَا يُكْنَى بِهَا عَنِ الأَعْدَادِ وَلَا تَخْتَصُّ بِالأَعْدَادِ.
50 -
وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ التَّوْبَةِ، وَأَنَّهَا تُقْبَلُ مِنَ المُعْتَرِفِ المُقْلِعِ المُخْلِصِ، وَأَنَّ مُجَرَّدَ الِاعْتِرَافِ لَا يُجْزِئُ فِيهَا.
51 -
وَفِيهِ أَنَّ الِاعْتِرَافَ بِمَا لَمْ يَقَعْ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ عَرَفَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يُؤَاخَذُ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى اعْتِرَافِهِ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ الحَقَّ أَوْ يَسْكُتَ.
52 -
وَفِيهِ أَنَّ الصَّبْرَ تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ وَيُغْبَطُ صَاحِبُهُ.
53 -
وَفِيهِ تَقْدِيمُ الكَبِيرِ فِي الكَلَامِ، وَتَوَقُّفُ مَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الأَمْرُ فِي الكَلَامِ.
54 -
وَفِيهِ تَبْشِيرُ مَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ أَوِ انْدَفَعَتْ عَنْهُ نِقْمَةٌ.
55 -
وَفِيهِ الضَّحِكُ وَالفَرَحَ وَالِاسْتِبْشَارُ عِنْدَ ذَلِكَ.
56 -
وَفِيهِ مَعْذِرَةُ مَنِ انْزَعَجَ عِنْدَ وُقُوعِ الشِّدَّةِ لِصِغَرِ سِنٍّ وَنَحْوِهِ.
57 -
وَفِيهِ إِدْلَالُ المَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا وَأَبَوَيْهَا.
58 -
وَفِيهِ تَدْرِيجُ مَنْ وَقَعَ فِي مُصِيبَةٍ فزَالَتْ عَنْهُ لِئَلَّا يَهْجُمَ عَلَى قَلْبِهِ الفَرَحُ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ فَيُهْلِكَهُ، يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنِ ابْتِدَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ نُزُولِ الوَحْي بِبَرَاءَةِ عَائِشَةَ بِالضَّحِكِ، ثُمَّ تَبْشِيرِهَا، ثُمَّ إِعْلَامِهَا بِبَرَاءَتِهَا مُجْمَلَةً، ثُمَّ تِلَاوَتِهِ الآيَاتِ عَلَى وَجْهِهَا، وَقَدْ نَصَّ الحُكَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ لَا يُمَكَّنُ مِنَ المُبَالَغَةِ فِي الرَّيِّ فِي المَاءِ لِئَلَّا يُفْضِي بِهِ ذَلِكَ إِلَى الهَلَكَةِ، بَلْ يُجَرَّعُ قَلِيلًا قَلِيلًا.
59 -
وَفِيهِ أَنَّ الشِّدَّةَ إِذَا اشْتَدَّتْ أَعْقَبَهَا الفَرَجُ.
60 -
وَفِيهِ فَضْلُ مَنْ يُفَوِّضُ الأَمْرَ لِرَبِّهِ، وَأَنَّ مَنْ قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ خَفَّ عَنْهُ الهَمُّ وَالغَمُّ، كَمَا وَقَعَ فِي حَالَتَيْ عَائِشَةَ قَبْلَ اسْتِفْسَارِهَا عَنْ حَالِهَا وَبَعْدَ جَوَابِهَا بِقَوْلهَا:"وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ".
61 -
وَفِيهِ الحَثُّ عَلَى الإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ الخَيْرِ خُصوصًا فِي صِلَةِ الرَّحِمِ.
62 -
وَفِيهِ وُقُوعُ المَغْفِرَةِ لِمَنْ أَحْسَنَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ أَوْ صَفَحَ عَنْهُ.
63 -
وَفِيهِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا مِنَ الخَيْرِ اسْتُحِبَّ لَهُ الحَنْثُ (1).
64 -
وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِشْهَادِ بِآيِ القُرْآنِ فِي النَّوَازِلِ.
65 -
وَفِيهِ التَّأَسِّي بِمَا وَقَعَ لِلْأَكَابِرِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
66 -
وَفِيهِ التَّسْبِيحُ عِنْدَ التَّعَجُّبِ وَاسْتِعْظَامِ الأَمْرِ.
67 -
وَفِيهِ ذَمُّ الغِيبَةِ، وَذَمُّ سَمَاعِهَا، وَزَجْرُ مَنْ يَتَعَاطَاهَا لَا سِيَّمَا إِنْ تَضَمَّنَتْ تُهْمَةَ المُؤْمِنِ بِمَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُ.
68 -
وَفِيهِ ذَمُّ إِشَاعَةِ الفَاحِشَةِ.
69 -
وَفِيهِ تَحْرِيمُ الشَّكِّ فِي بَرَاءَةِ عَائِشَةَ.
70 -
وَفِيهِ تَأْخِيرُ الحَدِّ عَمَّنْ يُخْشَى مِنْ إِيقَاعِهِ بِهِ الفِتْنَةَ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابنُ بَطَّالٍ مُسْتَنِدًا إِلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ، كَانَ مِمَّنْ قَذَفَ عَائِشَةَ، وَلَمْ يَقَعْ فِي الحَدِيثِ أنَّهُ مِمَّنْ حُدَّ، وَتَعَقَّبَهُ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ قَذَفَ، بَلِ الذِي ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَخْرِجُهُ، وَيَسْتَوْشِيهِ (2).
(1) الحنث فِي اليمين: نقضها. انظر النهاية (1/ 431).
(2)
انظر هذه الفوائد في فتح الباري (9/ 421 - 424). =