الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
فَضْلُ مَنْ شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ:
جَاءَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ في فَضْلِ مَنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَالتِي عُرِفَتْ بِاسْمِ "بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ"؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ بِأَنَّهُ رَضِيَ عَنْ أَصْحَابِهَا فَمِنْهَا:
مَا رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ، وَابْنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ"(1).
وَرَوَى الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ: "أَنْتُمْ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ"(2).
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: هَذَا صَرِيحٌ في فَضْلِ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، فَقَدْ كَانَ مِنَ المُسْلِمِينَ إِذْ ذَاكَ جَمَاعَةٌ بِمَكَّةَ، وَبِالمَدِينَةِ، وَبِغَيْرِهِمَا (3).
وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنهما قَالَ: أَنَّ عَبْدًا
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (14778) - وأخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب السير - باب ذكر البيان بأن شهود الحديبية إنما كان البيعة تحت الشجرة - رقم الحديث (4802).
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة الحديبية - رقم الحديث (4154) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإمارة - باب استحباب مبايعة الإمام - رقم الحديث (1856)(71).
(3)
انظر فتح الباري (8/ 211).
لِحَاطِبِ بنِ أَبِي بَلْتَعَةَ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ رضي الله عنه يَشْكُو حَاطِبًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَذَبْتَ لَا يَدْخُلُهَا، فَإِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالحُدَيْبِيَةَ"(1).
وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنْ أُمِّ مُبشِّرٍ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ رضي الله عنها: "لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ الذِين بَايَعُوا تَحْتَهَا".
فَقَالَتْ حَفْصَةُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَانتهَرَهَا، فَقَالَتْ حَفْصَةُ:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} (2)، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"قَدْ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} "(3).
وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ". . . وَكُلُّكُمْ مَغْفُورٌ لَهُ، إِلَّا صَاحِبَ الجَمَلِ الأَحْمَرِ"(4).
وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ وَالحَاكِمُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
(1) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل أهل بدر رضي الله عنهم رقم الحديث (2495) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (14484).
(2)
سورة مريم آية (71).
(3)
سورة مريم آية (72) - والحديث أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل أصحاب الشجرة - رقم الحديث (2496) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (27362).
(4)
أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم - رقم الحديث (2880).
الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الحُدَيْبِيَةِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُوقِدُوا نَارًا بِلَيْلٍ"، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ:"أَوْقِدُوا، وَاصْطَنِعُوا (1)، فَإِنَّهُ لَا يُدْرِكُ قَوْمٌ بَعْدَكُمْ صَاعَكُمْ وَلَا مُدَّكُمْ"(2).
فَهَذِهِ مَكَانَةُ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ الذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَهَا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى في كِتَابِهِ الكَرِيمِ: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (3).
وَإِنَّنِي لَأُحَاوِلُ اليَوْمَ مِنْ وَرَاءَ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ عَامٍ أَنْ أَسْتَشْرِفَ تِلْكَ اللَّحْظَةَ القُدْسِيَّةَ التِي شَهِدَ فِيهَا الوُجُودُ كُلُّهُ ذَلِكَ التَّبْلِيغَ العُلْوِيَّ الكَرِيمَ مِنَ اللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ إِلَى رَسُولهِ الأَمِينِ عَنْ جَمَاعَةِ المُؤْمِنِينَ. . . أُحَاوِلُ أَنْ أَسْتَشْرِفَ صَفْحَةَ الوُجُودِ في تِلْكَ اللَّحْظَةِ وَضَمِيرَهُ المَكْنُونَ، وَهُوَ يَتَجَاوَبُ جَمِيعُهُ بِالقَوْلِ الإِلَهِيِّ الكَرِيمِ، عَنْ أُولَئِكَ الرِّجَالِ القَائِمِينَ إِذْ ذَاكَ في بُقْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ هَذَا الوُجُودِ. . . وَأُحَاوِلُ أَنْ أَسْتَشْعِرَ بِالذَّاتِ شَيْئًا مِنْ حَالِ أُولَئِكَ السُّعَدَاءَ الذِينَ يَسْمَعُونَ بِآذَانِهِمْ، أَنَّهُمْ هُمْ، بِأَشْخَاصِهِمْ وَأَعْيَانِهِمْ، يَقُولُ اللَّهُ عَنْهُمْ: لَقَدْ رَضِيَ
(1) واصطَنِعُوا: أي اتَّخِذُوا صَنِيعًا، يعني طعامًا تنفقونه في سبيل اللَّه. انظر النهاية (3/ 52).
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (11208) - وأخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب المغازي والسرايا - باب ذكر غزوة خيبر - رقم الحديث (4392) - وأورده الحافظ في الفتح (8/ 211) وحسن إسناده.
(3)
سورة الفتح آية (18).