الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِتْنَةٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَبَيْنَ حُلَفَائِهِ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهُوَ مِنْ نَمَطِ مَا رَاعَاهُ مِنْ تَرْكِ قَتْلِ المُنَافِقِينَ (1).
*
أَنْفَعُ عِلَاجِ لِلسِّحْرِ:
قَالَ ابنُ القَيِّمِ: وَمِنْ أَنْفَعِ عِلَاجَاتِ السِّحْرِ الأَدْوِيَةُ الإِلهِيَّةُ مِنَ الأَذْكَارِ، وَالآيَاتِ، وَالدَّعَوَاتِ، فَالقَلْبُ إِذَا كَانَ مُمْتَلِئًا مِنَ اللَّهِ مَغْمُورًا بِذِكْرِهِ، وَلَهُ مِنَ التَّوَجُّهَاتِ وَالدَّعَوَاتِ وَالأَذْكَارِ وَالتَّعَوُّذَاتِ وِرْدٌ لَا يُخِلُّ بِهِ يُطَابِقُ قَلْبَهُ وَلسَانَهُ، كَانَ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الأَسْبَابِ التِي تَمْنَعُ إِصَابَةَ السِّحْرِ لَهُ، قَالَ: وَسُلْطَانُ تَأْثِيرِ السِّحْرِ هُوَ فِي القُلُوبِ الضَّعِيفَةِ، وَلهَذَا غَالِبُ مَا يُؤَثّر فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالجُهَّالِ؛ لِأَنَّ الأَرْوَاحَ الخَبِيثَةَ إِنَّمَا تَنْشَطُ عَلَى أَرْوَاحٍ تَلْقَاهَا مُسْتَعِدَّةً لِمَا يُنَاسِبُهَا (2).
وَقَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ، وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ -أَيْ عَلَى كَلَامِ ابْنِ القَيِّمِ رضي الله عنه حَدِيثُ البَابِ، وَجَوَازُ السِّحْرِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ عَظِيمِ مَقَامِهِ وَصِدْقِ تَوَجُّهِهِ، وَمُلَازَمَةِ وِرْدِهِ، وَلَكِنْ يُمْكِنُ الِانْفِصَالُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ ذِكْرَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الغَالِبِ، وَأَنَّ مَا وَقَعَ بِهِ صلى الله عليه وسلم لِبَيَانِ تَجْوِيزِ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (3).
* * *
(1) انظر فتح الباري (11/ 402).
(2)
انظر زاد المعاد (4/ 116).
(3)
انظر فتح الباري (11/ 401).
قُدُومُ قُتَيْلَةَ (1) بِنْتِ عَبْدِ العُزَّى عَلَى ابْنَتِهَا أَسْمَاءَ رضي الله عنها
مِنَ الأَحْدَاثِ التِي حَدَثَتْ فِي فَتْرَةِ هُدْنَةِ الحُدَيْبِيَةِ: أَنْ قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ العُزَّى عَلَى ابْنَتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنها، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ، إِذْ عَاهَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمُدَّتِهِمْ (2)، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ رَاغِبَةٌ (3)، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ".
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ
(1) قُتيلة بالتصغير بنت عبد العُزَّى، زوجة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان طلَّقَها في الجاهلية، ورُزِقَ منها أسماءَ، وعبدَ اللَّه وهو الذي كان يأتي بالأخبار إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يومَ الهجرة، وتقدم ذكر ذلك.
واختُلِفَ في إسلام قُتَيلة هذه، قال الإِمام النووي في شرح مسلم (7/ 78): اختلف العلماء في إسلام قتيلة هل أسلمت أم ماتت على كفرها، والأكثرون على موتها مشركة.
(2)
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (5/ 555): أرادت بذلك ما بين الحديبية والفتح.
(3)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (5/ 555): قولها رضي الله عنها: وهي راغبة: أي في شيء تأخذه وهي على شركها، ولهذا استأذنت أسماء في أن تَصِلَهَا، ولو كانت راغبة في الإِسلام لم تحتج إلى إذن.