الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَعْدًا رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ العَرِقَةِ، بِسَهْمٍ، فَأَصَابَهُ فِي أَكْحَلِهِ فَقَطَعَهَا، فَدَعَا سَعْدٌ اللَّهَ عز وجل، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْنِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ قُرَيْظَةَ (1).
وَفِي رِوَايَةِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ فِي شَرْحِ مُشْكِلِ الْآثَارِ بِسَنَدٍ صَحِيح عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: رُمِيَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَطَعُوا أَبْجَلَهُ (2)، فَحَسَمَهُ (3) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّارِ، فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ، فَتَرَكَهُ، فَنَزَفَهُ الدَّمُ، فَحَسَمَهُ أُخْرَى، فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ، فَلَمَّا رَأَى سَعْدٌ ذَلِكَ، قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُخْرِجْ نَفْسِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَاسْتَمْسَكَ عِرْقُهُ، فَمَا قَطَرَ قَطْرَةً حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. . . فَلَمَا فَرَغَ مِنْ قتلِهِمُ انْفَتَقَ (4) عِرْقُهُ فَمَاتَ (5)
*
إِخْبَارُ جِبْرِيلَ عليه السلام رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَفَاةِ سَعْدٍ رضي الله عنه
-:
فَلَمَّا مَاتَ رضي الله عنه نَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام فَأَخْبَرَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم بوَفَاتِهِ، فَقَدْ
(1) أخرجه الإمام احمد في مسنده - رقم الحديث (25097) - وأخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة - باب ذكر وصف دعاء سعد بن معاذ - رقم الحديث (7028) - وأورده الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (4/ 508) وقال: وهذا الحديث إسناده جيد.
(2)
الْأَبْجَل: عِرْقٌ في بَاطِنِ الذِّرَاعِ. انظر النهاية (1/ 98).
(3)
قال الإمام النووي في شرح مسلم (4/ 164): أي كَوَاهُ لِيَقْطَعَ دَمَهُ، وأَصْلُ الحَسْمِ القَطْعُ.
(4)
أَصْلُ الْفَتْقِ: الشَّقُّ والْفَتْحُ. انظر النهاية (3/ 367).
(5)
أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (3579).
أَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مُشْكِلِ الآثَارِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَنْ هَذَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الذِي مَاتَ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءَ، وَتَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ؟ قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رضي الله عنه (1).
وَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى سَعْدٍ رضي الله عنه خَرَجَ مُسْرِعًا خَشْيَةَ أَنْ تُغَسِّلَهُ الْمَلَائِكَةُ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ أَكْحَلُ سَعْدٍ رضي الله عنه يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَثَقُلَ، حَوَّلُوهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: رُفَيْدَةُ، وَكَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا مَرَّ بِهِ يَقُولُ:"كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟ "، وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ:"كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ "، فَيُخْبِرُهُ، حَتَّى كَانَتِ اللَّيْلَةُ التِي نَقَلَهُ قَوْمُهُ فِيهَا فَثَقُلَ، فَاحْتَمَلُوهُ إِلَى بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ إِلَى مَنَازِلهِمْ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا كَانَ يَسْأَلُهُ عَنْهُ، فَقَالُوا: قَدِ انْطَلَقُوا بِهِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ حَتَّى تَقَطَّعَتْ شُسُوعُ (2) نِعَالِنَا، وَسَقَطَتْ أَرْدِيَتُنَا عَنْ أَعْنَاقِنَا، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتْعَبْتَنَا فِي الْمَشْي، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَسْبِقَنَا الْمَلَائِكَةُ إِلَيْهِ فتغَسِّلَهُ كَمَا غَسَّلَتْ حَنْظَلَة".
فَانْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْبَيْتِ، وَسَعْدٌ يُغَسَّلُ وَأُمُّهُ تَبْكِي، وَهِيَ تَقُولُ:
(1) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (4173).
(2)
الشِّسْعُ: هو أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ، وهو الذي يُدْخَلُ بَيْنَ الأُصْبُعَيْنِ. انظر النهاية (2/ 423).