الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخُرُوجَ مَعَهُ رَجَاءَ الغَنِيمَةِ، فَلَمْ يَأْذَنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ:{سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا} (1).
ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم منَادِيًا نَادِي: أَنْ لَا يَخْرُجَ مَعَنَا إِلَّا رَاغِبٌ فِي الجِهَادِ، فَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ إِلَّا أَصْحَابُ الشَّجَرَةِ، وَهُمْ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ (2).
*
الْتِمَاسُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُلامًا يَخْدِمُهُ:
وَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الخُرُوجَ لِخَيبرَ، أَمَرَ أَبُو طَلْحَةَ الأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه أَنْ يَلْتَمِسَ له غُلَامًا يَخْدِمُهُ وَهُوَ ذَاهِبٌ إِلَى خَيْبَرَ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَنسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ: "الْتَمِسْ لِي غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدِمُنِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى خَيبر"، فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ مُرْدِفِي، وَأَنا غُلَامٌ رَاهَقْتُ (3) الحُلُمَ، فكُنْتُ أَخْدُمُ (4) رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَزَلَ، فكنْتُ أَسْمَعُهُ
(1) سورة الفتح آية (15).
(2)
انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 303).
(3)
راهَقْتُ: قَارَبْتُ. انظر النهاية (2/ 257).
(4)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (6/ 182): وقد استشكل من حيث أَنَّ ظاهره أن ابتداء خدمة أنس للنبي صلى الله عليه وسلم من أول ما قدم المدينة؛ لأنه صَحَّ عنه أنه قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم تِسْعَ سنين، أخرجه مسلم في صحيحه - رقم الحديث (2309) (53) - وفي رواية: عشر سنين، أخرجه مسلم في صحيحه - رقم الحديث (2309)(51)، وخيبر كانت سنة سبع فيلزم أن يكون إنما خدمه أربع سنين، وأجيب بأن معنى قوله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة: =
كَثِيرًا يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلع الدَّيْنِ (1)، وغَلبةِ الرِّجَالِ"(2)، ثُمَّ قَدِمْنَا خَيْبَرَ (3).
وَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى المَدِينَةِ سِبَاعَ (4) بنَ عُرْفُطَةَ الغِفَارِيَّ رضي الله عنه، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ (5).
فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَده، وَالحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ عِرَاكَ بنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدِمَ المَدِينَةَ فِي رَهْطٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ، وَقَدِ اسْتَخْلَفَ سِبَاعَ بنَ عُرْفُطَةَ الغِفَارِيَّ عَلَى المَدِينَةِ (6).
= "التَمِسْ لي غلاما من غلمانكم"، تعْيِين من يخرج معه في تلك السفرة، فعين له أبو طلحة أنسًا، فينحَطُّ الالتماس على الاستئذان في المسافرة به، لا في أصل الخِدْمَة فإنها كانت متقدمة فيجمع بين الحديثين بذلك.
(1)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (12/ 465): الضَّلْعُ: بفتح الضاد، المراد به ثِقَلُ الدَّيْن وشِدَّتُه، وذلك حيث لا يجد من عليه الدَّين وفاءً، ولاسيما مع المطالبة.
(2)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (12/ 466): أي شدة تسلُّطهم كاستيلاء الرعاء هَرَجًا ومرجًا.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب من غزا بصبي للخدمة - رقم الحديث (2893) وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب فضل المدينة، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة - رقم الحديث (1365) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (12616).
(4)
سِباع: بكسر السين.
(5)
وعند ابن إسحاق في السيرة (3/ 357): أنه صلى الله عليه وسلم استعمل علي المدينة نُميلة -بالتصغير- بن عبد اللَّه الليثي، والصحيح ما رواه الإمام أحمد والحاكم.
(6)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده - حديث رقم (8552) - والحاكم في المستدرك - رقم الحديث (4393) - وابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (7156).