الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَزْوَةُ (1) مُؤْتَةَ (2)
حَدَثَتْ هَذِهِ الغَزْوَةُ العَظِيمَةُ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ لِلْهِجْرَةِ (3).
*
سَبَبُ هَذِهِ الغَزْوَةِ العَظِيمَةِ:
وَسَبَبُ هَذِهِ الغَزْوَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ بَعَثَ الحَارِثَ بنَ عُمَيْرٍ الأَزْدِيَّ رضي الله عنه، بِكِتَابِهِ إِلَى مَلِكِ بُصْرَى، فَعَرَضَ لَهُ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ شُرَحْبِيلُ بنُ عَمْرٍو الغَسَّانِيُّ -وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى البَلْقَاءِ (4) مِنْ أَرْضِ الشَّامِ مِنْ قِبَلِ قَيْصَرَ- فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟
فَقَالَ الحَارِثُ بنُ عُمَيْرٍ رضي الله عنه: الشَّامَ، قَالَ: فَلَعَلَّكَ مِنْ رُسُلِ مُحَمَّدٍ؟
(1) إنما سُمِّيت غزوة مع أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لم يشهدها؛ لكثرةِ جَيْشِ المسلِمِين فيها؛ ولكونها أعظم حرب دامية خاضها المسلمون في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي مقدمة وتمهيد لفتح بلدان النصارى. انظر شرح المواهب (3/ 339) - الرحيق المختوم ص 387.
ويُسمى جيشها جيشُ الأمراء، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (22551) - بسند جيد - وابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (7048) بسند صحيح عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: بعث رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء. . . وذكر بقية الغزوة.
(2)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 299): مُؤتة: بضم الميم وسكون الواو.
قلتُ: وهي الآن قريَةٌ عامرة بالسكَّان شرقي الأردن.
(3)
لم يختلف في ذلك أحد. وانظر فتح الباري (8/ 299).
(4)
البَلْقاءُ: بفتح الباء وسكون اللام، وهي مدينة معروفة بالشام. انظر شرح المواهب (3/ 339).
فَقَالَ: نَعَمْ. فَأَمَرَ بِهِ، فَأَوْثِقَ رِبَاطًا، ثُمَّ قَدَّمَهُ فَضَرَبَ عُنقهُ صَبْرًا (1)، وَلَمْ يُقْتَلْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُهُ (2).
وَكَانَ قَتْلُ السُّفَرَاءِ وَالرُّسُلِ مِنْ أَشْنَعِ الجَرَائِمِ، فَقَدْ جَرَتِ العَادَةُ وَالعُرْفُ بِعَدَمِ قتلِهِمْ أَوِ التَّعَرُّضِ لَهُمْ (3)، فَكَانَتْ هَذِهِ الحَادِثَةُ بِمَثَابَةِ إِعْلَانِ حَالَةِ الحَرْبِ عَلَى المُسْلِمِينَ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَلَغَهُ الخَبَرُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ نَدَبَ (4) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ لِقِتَالِ الغَسَاسِنَةِ، فَتَجَهَّزَ النَّاسُ ثُمَّ تَهَيَّأُوا لِلْخُرُوجِ، فَكَانَ قِوَامُ الجَيْشِ الذِي خَرَجَ فِي هَذِهِ الغَزْوَةِ ثَلَاثَةُ آلَافِ مُقَاتِلٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ جَيْشٍ إِسْلَاميٍّ، لَمْ يَجْتَمعْ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا فِي غَزْوَةِ الأَحْزَابِ (5).
(1) كل من قُتِل في غير معركة، ولا حرب، ولا خطأ، فإنه مقتول صبرًا. انظر النهاية (3/ 8).
(2)
قال الشيخ محمد الغزالي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في كتابه جهاد الدعوة ص 15: ماذا تفعلُ أيُّ دولة تُهان دعوتها ويُقتل رجالها على هذا النحو؟ لابد أن تُقاتل، والقتال الذي فرضته الظروف صعبٌ، فإن الرومان شدّوا أزر الأمير القاتل بعشرات الألوف من جيشهم الكثيف، وواجه الرجال الذين قاتلوا في "مؤتة" معركة قاسية، استشهد فيها القادة الثلاثة الذين التَحَمُوا مع الرومان وحلفائهم، واستطاع خالدُ بن الوليد رضي الله عنه أن ينسحب بالجيش، وأن يجنبه خسائر لا آخر لها.
(3)
روى الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (15989) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (2863) بسند صحيح بطرقه وشواهده عن نعيم بن مسعود الأشجعي رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول حين قرأ كتاب مسيلمة الكذاب، قال للرسولين:"فما تقولان أنتما؟ " قالا: نقول كما قال، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"واللَّه لولا أَنَّ الرسل لا تقتل، لضربت أعناقكما".
(4)
يُقال: ندبتُهُ فانتدب: أي بعثته ودعوته فأجاب. انظر النهاية (5/ 29).
(5)
انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 314) - سيرة ابن هشام (4/ 20) - فتح الباري (8/ 299) - شرح المواهب (3/ 339).