الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّنَةُ السَّادِسَةُ لِلْهِجْرَةِ
الأَحْدَاثُ بَيْنَ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَغَزْوَةِ خَيْبَرَ
لَمَّا فَرَغَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَحْزَابِ وَقُرَيْظَةَ، وَكُسِرَتْ شَوْكَةُ قُرَيْشٍ، وَهَدَأَ وَضْعُ الْمَدِينَةِ، أَخذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوَجِّهُ حَمَلَاتٍ تَأْدِيبِيَّةٍ إِلَى الْقَبَائِلِ وَالْأَعْرَابِ الذِينَ كَانَ يَبْلُغُهُ عَنْهُمْ عَزْمُهُمْ عَلَى الِإْغَارَةِ عَلَى الْمَدِينَةِ.
* * *
سَريَّةُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ رضي الله عنه (1) إِلَى القُرَطَاءِ (2)
فَفِي الْمُحَرَّمِ مِنَ السَّنَةِ السَّادِسَةِ لِلْهِجْرَةِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ رضي الله عنه فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا إِلَى الْقُرَطَاءَ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ بَنِي بَكْرٍ، وَاسْمُهُ: عُبَيْدُ بْنُ كِلَابٍ.
فَخَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ رضي الله عنه وَأَصْحَابُهُ لِعَشْرِ لَيَالٍ خلَوْن مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَسَارَ اللَّيْلَ وَكَمَنَ (3) النَّهَارَ، فَلَمَّا أَغَارَ عَلَيْهِمْ هَرَبَ سَائِرُهُمْ بَعْدَ أَنْ قَتَلَ نَفَرًا
(1) هو محمد بن مَسْلَمَة الأوسي الأنصاري، من نُجَباءِ الصحابة شَهِدَ بدرًا وأحدًا، وكل المشاهد إلا تَبُوك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة، وهو أحَدُ الذين قَتَلُوا كَعْبَ بن الأشْرَف كما تقدم، وكان رضي الله عنه ممن اعتزل الفِتْنَة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه.
أخرج أبو داود في سننه بسند صحيح - كتاب السنة - باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة - رقم الحديث (4663) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (7470) - عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: ما أحدٌ من الناس تُدْرِكُهُ الفتنةُ إلا أنَا أخَافُهَا عليه، إلا محمد بن مسلمة، فإني سمعت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تَضُرُّكَ فِتْنةٌ".
وفي رواية أخرى عند أبي داود في سننه - رقم الحديث (4664) - عن ثعلبة بن ضُبَيْعَةَ قال: دخلنا على حذيفة، فقال: إني لأعرف رَجلًا لا تَضُرُّه الفتن، قلنا: من هو؟ قال صاحب ذلك الفُسْطَاطِ -الفسطاط: أي الخَيْمَة- فدخلنا، فإذا فيه محمد بن مسلمة.
(2)
القُرطاء: بضم القاف بينها وبين المدينة سبع ليال. انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 288).
(3)
كَمَنَ: استخفى. انظر النهاية (4/ 174).