الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1)، فَقَالُوا: انْتَهَيْنَا رَبَّنَا (2).
*
سَبَبُ نُزُولِ آيَةٍ:
جَاءَ فِي سَبَبِ نزُولِ آيَةِ تَحْرِيمِ الخَمْرِ تَحْرِيمًا نِهَائِيًّا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: . . . أَتَيْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرِينَ، فَقَالُوا: تَعَالَ نُطْعِمْكَ وَنَسْقِيكَ خَمْرًا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الخَمْرُ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُمْ فِي حَشٍّ (3) فَإِذَا رَأْسُ جَزُورٍ (4) مَشْوِيٌّ عِنْدَهُمْ، وَزِقٌّ (5) مِنْ خَمْرٍ، قَالَ: فَأَكَلْتُ وَشَرِبْتُ مَعَهُمْ، قَالَ: فَذُكِرَتِ الأَنْصَارُ وَالمُهَاجِرُونَ عِنْدَهُمْ، فَقُلْتُ: المَهُاجِرُونَ خَيْر مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَ: فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَحَدَ لَحْيَيِ (6) الرَّأْسِ فَضَرَبَنِي بِهِ فَجَرَحَ بِأَنْفِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرتُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيَّ -يَعْنِي نَفْسَهُ- شَأْنَ الخَمْرِ:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} (7).
(1) سورة المائدة آية (90).
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (8620).
(3)
الحَشُّ: بفتح الحاء وهو البستان. انظر النهاية (1/ 376).
(4)
الجَزُور: البعير، ذكرًا كان أو أنثى. انظر النهاية (1/ 258).
(5)
الزِّقُّ: بكسر الزاي: كل وعاء اتخذ لشراب ونحوه. انظر لسان العرب (6/ 60).
(6)
اللحيان: هما العَظْمَان اللذان فيهما الأسنان من داخل الفم. انظر لسان العرب (12/ 259).
(7)
سورة المائدة آية (90) - والخبر أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة - باب في فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه رقم الحديث (2412)(43).
وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَالحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ فِي قَبِيلَتَيْنِ مِنْ قَبَائِلِ الأَنْصَارِ، شَرِبُوا حَتَّى إِذَا ثَمِلُوا (1)، عَبَثَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَلَمَّا صَحَوْا جَعَلَ الرَّجُلُ يَرَى الأَثَرَ بِوَجْهِهِ وَبِرَأْسِهِ وَلحْيَتِهِ، فَيَقُولُ: فَعَلَ بِي هَذَا أَخِي فُلَان، وَاللَّهِ لَوْ كَانَ بِي رَؤُوفًا رَحِيمًا مَا فَعَلَ هَذَا بِي، قَالَ: وَكَانُوا إِخْوَةً لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ضَغَائِنُ (2)، فَوَقَعَتْ فِي قُلُوبِهِمُ الضَّغَائِنُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ. . .} إِلَى قَوْلُه تَعَالَى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (3).
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، فنَزَلَتْ:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} ، فَدُعِيَ عُمَرُ رضي الله عنه، فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، فنَزَلَتْ:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ، فَدُعِيَ عُمَرُ رضي الله عنه، فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ:
(1) الثَّمِلُ: هو الذي أخَذَ منه الشراب والسكر. انظر النهاية (1/ 216).
(2)
الضَّغَائنُ: جمع ضِغْنٍ: بكسر الضاد، وهو الحقد والعداوة والبغضاء. انظر النهاية (3/ 84).
(3)
أخرجه النسائي في السنن الكبرى - كتاب التفسير - باب قوله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} - رقم الحديث (11086) - وأخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب الأشربة - باب ذكر أحاديث تحريم الخمر - رقم الحديث (7301) وصحح إسناده الحافظ في الفتح (11/ 150).
اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، فنَزَلَتْ:{فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: انْتَهَيْنَا انْتَهَيْنَا (1).
وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بِالمَدِينَةِ فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! (2) إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعَرِّضُ (3) بِالخَمْرِ، وَلَعَلَّ اللَّهَ سَيُنْزِلُ فِيهَا أَمْرًا، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْهَا فَلْيَبِعْهُ، وَلْيَنْتَفِعْ بِهِ"، قَالَ: فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّم الخَمْرَ، فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الآيَةُ (4) وَعِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْهَا فَلَا يَشْرَبْ وَلَا يَبِعْ".
قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا، فِي طَرِيقِ المَدِينَةِ، فَسَفَكُوهَا (5).
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (378) - والحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - باب قصة نزول تحريم الخمر - رقم الحديث (3155) - والترمذي في جامعه - كتاب التفسير - باب ومن سورة المائدة - رقم الحديث (3301).
(2)
في رواية الحاكم قال صلى الله عليه وسلم: "يا أهل المدينة".
(3)
يُعرض لي بالشيء: لم يُبينه. انظر لسان العرب (9/ 149).
(4)
قال الإمام النووي في شرح مسلم (11/ 4): هي قوله تَعَالَى في سورة المائدة آية (91): {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ. . . فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}
(5)
أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب المساقاة - باب تحريم الخمر - رقم الحديث (1578) - وأخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - باب قصة نزول تحريم الخمر - رقم الحديث (3156).