الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المُسْلِمُونَ عَلَى مُحَاصَرَتِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ يُقَالُ لَهُ: غَزَّالٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا القَاسِمِ! تُؤَمِّنُنِّي عَلَى أَنْ أَدُلَّكَ عَلَى مَا تَسْتَرِيحُ مِنْ أَهْلِ النَّطَاةِ، وَتَخْرُجُ إِلَى أَهْلِ الشِّقِّ؟
فَأَمَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ، فَقَالَ اليَهُودِيُّ غَزَّالٌ: إِنَّكَ لَوْ أَقَمْتَ شَهْرًا مَا بَالَوْا، لَهُمْ دُبُولٌ (1) تَحْتَ الأَرْضِ، يَخْرُجُونَ بِاللَّيْلِ فَيَشْرَبُونَ مِنْهَا ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى قَلْعَتِهِمْ فَيَمْتَنِعُونَ مِنْكَ، فَإِنْ قَطَعْتَ مَشْرَبَهُمْ عَلَيْهِمْ أَصْحَرُوا (2) لَكَ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى دُبُولهِمْ فَقَطَعَهَا، فَلَمَّا قَطَعَ عَلَيْهِمْ مَشَارِبَهُمْ خَرَجُوا فَقَاتَلُوا أَشَدَّ القِتَالِ، وَقُتِلَ مِنَ المُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ نَفَرٌ، وَأُصِيبَ مِنَ يَهُودِ ذَلِكَ اليَوْمِ نَفَرٌ، وَافْتَتَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ هَذَا آخِرَ حُصُونِ النَّطَاةِ (3).
*
فَتْحُ حِصْنِ أُبَيٍّ (أَحَدِ حِصْنَي الشِّقِّ):
فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ النَّطَاةِ تَحَوَّلَ إِلَى مِنْطَقَةِ الشِّقِّ، فَكَانَ أَوَّلُ حِصْنٍ بَدَأَ بِهِ حِصْنَ أُبَي، فَقَاتَلَ أَهْلُهُ قِتَالًا شَدِيدًا، وَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَدْعُو إِلَى البِرَازِ، فَخَرَجَ لَهُ الحُبَابُ بنُ المُنْذِرِ رضي الله عنه، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ خَرَجَ رَجُلٌ آخَرُ مِنْهُمْ فَصَاحَ مَنْ يبارِزُ؟ فَخَرَجَ لَهُ أَبو دُجَانَةَ سِمَاكُ بنُ خَرَشَةَ رضي الله عنه البَطَلُ
(1) دُبُول: أي جداول ماء، واحدها دَبْلٌ، سُميت به لأنها تُدبل: أي تُصْلَح وتُعمر. انظر النهاية (2/ 94).
(2)
أصْحَرَ القوم: برَزُوا في الصحراء، وقيل: أصْحَرَ القوم: إذا برَزُوا إلى فَضَاءٍ لا يواريهم شيء. انظر لسان العرب (7/ 289).
(3)
انظر دلائل النبوة للبيهقي (4/ 224).