الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَوَاطِنِ الضَّعَفِ، وَالِانْحِرَافِ لِكَشْفِهَا تَمْهِيدًا لِعِلَاجِهَا وَالطَّلَبِ لَهَا، ثُمَّ لِإِقْرَارِ الْحَقَائِقِ الْبَاقِيَةِ وَالْقِيَمِ الثَّابِتَةِ، وَقَوَاعِدِ الشُّعُورِ وَالتَّصَوُّرِ وَالسُّلُوكِ (1).
*
الْإِحْرَامُ وَالْمَسِيرُ إِلَى مَكَّةَ:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ مُتَوَجِّهًا إِلَى مَكَّةَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ هِلَالَ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ لِلْهِجْرَةِ، وَمَعَهُ زَوْجُهُ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، وَخَرَجَ مَعَهُ صلى الله عليه وسلم أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ (2) مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَمَنْ لَحِقَ بِهِ مِنَ الْأَعْرَابِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ نُمَيْلَةَ (3) بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيَّ رضي الله عنه، وَلَمْ يُخْرِجْ مَعَهُ سِلَاحًا، إِلَّا سِلَاحَ الْمُسَافِرِ، وَهِيَ السُّيُوفُ فِي الْقُرُبِ (4)، وَسَاقَ مَعَهُ صلى الله عليه وسلم الْهَدْيَ (5)
(1) انظر في ظلال القرآن لسيد قطب (6/ 3321).
(2)
ذكر ابن القيم في زاد المعاد (3/ 256) الاختلاف في أهل الحديبية، ثم مال رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إلى أنهم كانوا: ألف وأربعمائة. فقال رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: والقلب إلى هذا أميل، وهو قول البراء بن عازب، ومعقل بن يسار، وسلمة بن الأكوع في أصح الروايتين، وقول المسيب بن حَزْن.
وجزم الحافظ ابن كثير في تفسيره (7/ 339): أنهم كانوا ألف وأربعمائة.
وغلط ابن إسحاق في السيرة (3/ 337) غلطًا بينًا عندما قال: إنهم كانوا سبعمائة، ولم يوافقه أحد علي ذلك.
(3)
هذا قولُ ابن إسحاق في السيرة (3/ 336)، وعند ابن سعد في طبقاته (2/ 297): أنه استعمل على المدينة عبد اللَّه بن أم مكتوم.
قلت: ويمكن الجمع بأنه استعمل عبد اللَّه بن أم مكتوم علي الصلاة، ونميلة بن عبد اللَّه على المدينة.
(4)
القُرُب: بضم القاف جمع قِرَابٍ بكسر القاف: وهو غِمْدُ السَّيْفِ. انظر لسان العرب (11/ 86).
(5)
الْهَدْيُ: هو ما يُهَدَى إلى البيتِ الحرام من النَّعَمِ لِتُنْحَرَ. انظر النهاية (5/ 220).
سَبْعِينَ بَدَنَةً (1) فِيهَا جَمَلٌ لِأَبى جَهْل لَعَنَهُ اللَّهُ فِى أَنْفِهِ بُرَّةٌ (2) مِنْ فِضَّةٍ لِيَغِيظَ بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ (3)، وَبَعَثَهَا مَعَ نَاجِيَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الْخُزَاعِيِّ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه (4).
فَلَمَّا وَصَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ الْمُسْلِمُونَ ذَا الْحُلَيْفَةِ (5) صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ دَعَا بِالْهَدْيِ فَقَلَّدَهُ (6)، ثُمَّ أَشْعَرَهُ (7)، وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَلَبَّي لِيَأْمَنَ النَّاسُ مِنْ
(1) الْبَدَنَةُ: تقع على الجمل والنَّاقة والبقرة، وهي بالإبلِ أشبه، وسُمِّيَتْ بدنةً لِعِظَمِهَا وسِمَنِهَا. انظر النهاية (1/ 108).
(2)
الْبُرَّةُ: حَلْقَةٌ تُجْعَلُ في لَحْمِ الأنفِ، وربما كانت من شعر. انظر النهاية (1/ 122).
(3)
أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (2362) - وإسناده حسن.
(4)
هذا هو الصحيح أن الذي كان على هدى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هو: ناجية بن جندب الأسلمي رضي الله عنه، وقد روى ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (18943) بسند صحيح - وابن إسحاق في السيرة (3/ 339).
(5)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (4/ 161): ذا الحُلَيْفَة: بضم الحاء مُصَغَّرًا، وهو ميقاتُ أهل المدينة، ومن سلك طريقهم.
(6)
تقلِيدُ الهَدْيِ: أن يُجْعَلَ في عُنُقِها شِعار يُعلم به أنها هدي. انظر لسان العرب (11/ 276).
(7)
قال الإمام النووي في شرح مسلم (8/ 185): الْإِشْعَارُ في الهَدي: هو أَنْ يَجْرَحَهَا في صَفْحَةِ سِنَامِهَا اليُمْنَي بِحَرْبَةٍ أو سِكِّينٍ أو حَدِيدَة، أو نَحْوِهَا، ثم يَسْلُتُ -أي يَمْسَحُ- الدَّمُ عنها، ويجعل ذلك لها علامة تُعرف بها أنها هديٌ.
وَقَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (4/ 363): وفي هذا الحديث مشروعية الإشعار، وفائدته: الإعلام بأنها صارت هديًا؛ ليتبعها من يحتاج إلى ذلك، وحتى لو اختلطت بغيرها تميزت، أو ضَلت عُرِفت، أو عطبت -أي ماتت- عرفها المساكين بالعلامة فأكلوها، مع ما في ذلك من تعظيم شعار الشرع، وحث الغير عليه.