الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَظْلُومًّا، فَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ، فَإِنَّهُ لَهُ نُصْرَةٌ، وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ" (1).
*
رَدَّةُ فِعْلِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ المُنَافِقُ:
فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ رَأْسَ المُنَافِقِينَ فَغَضِبَ، وَعِنْدَهُ رَهْطٌ مِنْ قَوْمِهِ، فِيهِمْ زَيْدُ بنُ أَرْقَمٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: أَوَقَدْ فَعَلُوهَا؟ قَدْ نَافَرُونَا (2) وَكَاثَرُونَا فِي بِلَادِنَا، وَاللَّهِ مَا أَعَدَّنَا وَجَلَابِيبُ قُرَيْشٍ إِلَّا كَمَا قَالَ الأَوَّلُ: سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لِيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ (3).
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: هَذَا مَا فَعَلْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ أَحْلَلْتُمُوهُمْ بِلَادَكُمْ، وَقَاسَمْتُمُوهُمْ أَمْوَالَكُمْ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أَمْسَكْتُمْ عَنْهُمْ مَا
= البخاري في صحيحه - رقم الحديث (1294)(1297) - ومسلم في صحيحه - رقم الحديث (103) عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ليسَ مِنَّا من ضرَبَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودعا بدَعْوى الجاهِلِيَّة".
(1)
أخرج ذلك البخاري في صحيحه - دون قوله صلى الله عليه وسلم: "لينصُرَنَّ الرجل أخاه ظالمًا أو مظلومًا" - كتاب التفسير - باب قوله تَعَالَى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} - رقم الحديث (4905) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب البر والصلة - باب نصر الأخ ظالمًا أو مظلومًا - رقم الحديث (2584) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (14467) - وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (3210).
(2)
نافرَه: غلَبَه. انظر النهاية (5/ 80).
(3)
أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب قوله تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} - رقم الحديث (4903) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم - رقم الحديث (2772) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (15223) - وابن إسحاق في السيرة (3/ 318).
بِأَيْدِيكُمْ لَتَحَوَّلُوا إِلَى غَيْرِ دَارِكُمْ، فَلَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ (1).
* إِخْبَارُ زَيْدِ بنِ أَرْقَمٍ (2) رضي الله عنه بِمَا قَالَ ابنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ:
فَسَمعَ ذَلِكَ زَيْدُ بنُ أَرْقَمٍ رضي الله عنه، قَالَ زَيْدٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي (3)، فَذَكَرَهُ عَمِّي لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللَّهِ! دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "دَعْهُ، لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ
(1) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب قوله تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} - رقم الحديث (4903) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم - رقم الحديث (2772) - وأخرجه الترمذي في جامعه - كتاب التفسير - باب ومن سورة المنافقين - رقم الحديث (3599) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (19334) - وابن إسحاق في السيرة (3/ 319).
(2)
زيدُ بن أرقَمٍ رضي الله عنه من صِغَارِ الصحابة، استُصْغِرَ يوم أُحُدٍ، وكان يتيمًا في حجر عبد اللَّه بن رواحة رضي الله عنه، وشهد مع رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سبع عشرة غزوة، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه - رقم الحديث (3949) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه سُئِلَ: كم غَزَا النبي صلى الله عليه وسلم من غزوَةٍ؟ قال: تِسْع عشرة، قيل كم غزوت أنت معه؟ قال: سبع عشرة غزوة. وانظر الإصابة (2/ 488).
(3)
وقع في روايةِ الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (5885): أن عمّه سعد بن عبادة رضي الله عنه.
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (9/ 639): وليس سعدُ بن عبادة رضي الله عنه عمُّه حقيقةً، وإنما هو سيِّد قومه الخزرج، وعم زيدِ بن أرقم رضي الله عنه الحقيقي ثابت بن قيسٍ رضي الله عنه له صحبه، وعمُّه زوجُ أمِّه عبد اللَّه بن رَوَاحة رضي الله عنه خزرجي أيضًا.
أَصْحَابَهُ" (1)، ثُمَّ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى عَبْدِ اللَّهِ بنِ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ وَأَصْحَابِهِ يَسْأَلُهُمْ، فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، وَكَذَّبَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (2).
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ زَيْدٌ: فَاجْتَهَدَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ، وَقَالَ أَصْحَاُبهُ: كَذَبَ زَيْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ (3).
فنَظَرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ رضي الله عنه، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُول اللَّهِ! إِنَّمَا أَخْبَرَنِيهِ الغُلَامُ، لِزَيْدِ بنِ أَرْقَمٍ (4).
(1) قال الإِمام النووي في شرح مسلم (16/ 114): وفي هذا الحديث: ترك بعض الأمور المُخْتَارة، والصبر على بعض المفاسد خَوْفًا من أن تترتَّب على ذلك مفسدةٌ أعظم منه، وكان رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يتألف النَّاس ويصبر على جفاءِ الأعراب والمنافقين وغيرهم؛ لتقْوَى شوكة المسلمين، وتتم دعوة الإِسلام، ويتمكن الإيمان في قلوب المؤلَّفَةِ ويَرْغَبَ غيرهم في الإِسلام، وكان يُعْطِيهِم الأموال الجزيلة لذلك، ولم يقتل المُنَافقين لهذا المعنى، ولإظهار الإِسلام، وقد أمر بالحكم بالظاهر، واللَّه يتولى السَّرائر؛ ولأنهم كانوا معدودين في أصحابه صلى الله عليه وسلم، ويجاهدون معه إما حمِيَّة، وإما لطلَبِ دُنيا أو عَصَبِيَّة لمن معه من عَشَائِرِهم.
(2)
أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ. . .} - رقم الحديث (4900) - وباب {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} - رقم الحديث (4901) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (19333) - والترمذي في جامعة - كتاب التفسير - باب ومن سورة المنافقين - رقم الحديث (3602) - وابن إسحاق في السيرة (3/ 319).
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُم. . .} - رقم الحديث (4903) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (19334).
(4)
أخرج ذلك الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (5885) وإسناده حسن.