الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
نُزُولُ سُورَةِ الحَشْرِ بِكَامِلِهَا:
وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى في أَمْرِ بَنِي النَّضِيرِ سُورَةَ الحَشْرِ بِأَسْرِهَا، يَذْكُرُ فِيهَا مَا أَصَابَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ نِقْمَتِهِ، وَمَا سَلَّطَ عَلَيْهِمْ بِهِ رَسُوله صلى الله عليه وسلم، وَمَا عَمِلَ بِهِ فِيهِمْ، ثُمَّ ذَكَرَ سبحانه وتعالى حُكْمَ الفَيْءِ، وَأَّنَّهُ حَكَمَ بِأَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَلَّكَهَا لَهُ، فَوَضَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى حُكْمَ الفَيْءَ، وَأَنَّهُ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ عَلَى مِنْوَالِهِمْ وَطَرِيقَتِهِمْ، وَلذِي القُرْبَى، وَاليَتَامَى، وَالمَسَاكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءَ مِنْكُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ سبحانه وتعالى المُنَافِقِينَ ذَامًّا لَهُمْ، الذِينَ مَالُوا إِلَى بَنِي النَّضِيرِ في البَاطِنِ، وَوَعَدُوهُمْ النَّصْرَ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، بَلْ خَذَلُوهُمْ أَحْوَجَ مَا كَانُوا إِلَيْهِمْ، وَغَرُّوهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ ذَمَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى جُبْنِهِمْ، وَقِلَّةِ عَمَلِهِمْ، وَخِفَّةِ عَقْلِهِمْ، ثُمَّ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا قَبِيحًا شَنِيعًا بِالشَّيْطَانِ {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} (1).
أَخْرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: سُورَةُ الحَشْرِ، قَالَ: نَزَلَتْ في بَنِي النَّضِيرِ (2).
(1) انظر البداية والنهاية (4/ 460).
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب سورة الحشر - رقم الحديث (4882).
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى في صَحِيحِ البُخَارِيِّ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قُلْ: سُورَةَ النَّضِيرِ (1).
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: كَأَنَّهُ كَرِهَ تَسْمِيَتَهَا بِالحَشْرِ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّ المُرَادَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وإِنَّمَا المُرَادُ هُنَا إِخْرَاجُ بَنِي النَّضِيرِ (2).
وَبِإِجْلَاءَ بَنِي النَّضِيرِ أَرَاحَ اللَّهُ المُسْلِمِينَ مِنْ شَوْكَةٍ ثَانِيَةٍ كَانَتْ تَقُضُّ مَضَاجِعَهُمْ، وَلَوْ أَنَّ هَؤُلَاءَ الأَشْرَارَ نَجَحُوا في مَكِيدَتِهِمْ؛ لَقَضَوْا عَلَى الإِسْلَامِ في مَهْدهِ، وَأَيَّةُ خَسَارَةٍ كَانَ سَيُمْنَى بِهَا العَالَمُ لَوْ لَمْ يَسْتَضِئْ بِنُورِ الإِسْلَامِ وَتَعَالِيمِهِ؟ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَالِغُ أَمْرِهِ لَا مَحَالَةَ (3).
* * *
(1) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب سورة الحشر- رقم الحديث (4883).
(2)
انظر فتح الباري (9/ 618).
(3)
انظر السِّيرة النَّبوِيَّة للدكتور محمد أبو شهبة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (2/ 401).