الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِيَنْظُرَ مَا شَأْنُ النَّاسِ، فَذَهَبَ ابنُ عُمَرَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُبَايِعُ النَّاسَ، فَبَايَعَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ رَجَعَ وَأَخْبَرَ أَبَاهُ عُمَرَ رضي الله عنه، فَذَهَبَ يُبَايِعُ.
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يتَحَدَّثُونَ أَنَّ ابنَ عُمَرَ رضي الله عنه أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ رضي الله عنه، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ أَرْسَلَ عَبْدَ اللَّهِ رضي الله عنه إِلَى فَرَسٍ لَهُ عِنْدَ رَجُل مِنَ الأَنْصَارِ يَأْتِي بِهِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُبَايِعُ عِنْدَ الشَّجَرَةِ، وَعُمَرُ رضي الله عنه لَا يَدْرِي بِذَلِكَ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الفَرَسِ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى عُمَرَ، وَعُمَرُ يَسْتَلْئِمُ (1) لِلْقِتَالِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُبَايِعُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَانْطَلَقَ فَذَهَبَ مَعَهُ حَتَّى بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (2).
*
سَلَمَةُ بنُ الأَكْوَعِ رضي الله عنه بَايَعَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ:
وَبَايَعَ سَلَمَةُ بنُ الأَكْوَعِ رضي الله عنه ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، في أَوَّلِ النَّاسِ، وَوَسَطِهِمْ وَآخِرِهِمْ، فَقَدْ رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنْ سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الحَدِيثَ وَفِيهِ: . . . ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ في أَصْلِ الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ، ثُمَّ بَايَعَ وَبَايَعَ، حَتَّى إِذَا كَانَ في وَسَطٍ مِنَ
(1) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (8/ 228) في يستَلْئِم: أي يلبس اللأمة وهي السلاح.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة الحديبية - رقم الحديث (4186) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (6604).
النَّاسِ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "بَايِعْ يَا سَلَمَةُ"! قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! في أَوَّلِ النَّاسِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم "وَأَيْضًا"، قَالَ: وَرَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَزْلًا -يَعْنِي لَيْسَ مَعَهُ سِلَاحٌ- قَالَ: فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَفَةً (1) أَوْ دَرَقَةً (2)، ثُمَّ بَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ في آخِرِ النَّاسِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:"أَلَا تُبَايِعُنِي يَا سَلَمَةُ! "، قُلْتُ قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ في أَوَّلِ النَّاسِ، وَفِي أَوْسَطِ النَّاسِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:"وَأَيْضًا"، قَالَ: فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا سَلَمَةُ! أَيْنَ حَجَفَتُكَ أَوْ دَرَقتُكَ التِي أَعْطَيْتُكَ؟ ".
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَقِيَنِي عَمِّي عَامِرًا عَزِلًا، فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:"إِنَّكَ كَالذِي قَالَ الأَوَّلُ: اللَّهُمَّ! أَبْغِنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي"(3).
قَالَ ابنُ بَطَّالٍ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الحَافِظُ في الفَتْحِ: أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُؤَكِّدَ بَيْعَةَ سَلَمَةَ رضي الله عنه لِعِلْمِهِ بِشَجَاعَتِهِ وَعَنَائِهِ في الإِسْلَامِ، وشُهْرَتِهِ بِالثَّبَاتِ، فَلِذَلِكَ أَمَرَهُ بِتَكْرِيرِ المُبَايَعَةِ لِيَكُونَ لَهُ في ذَلِكَ فَضِيلَةً (4).
(1) الحَجَفة: بفتح الحاء الترس من الجلود خاصة. انظر النهاية (1/ 333)، لسان العرب (3/ 63).
(2)
الدرقة: هي الجحفة، وهي ترس من جلود. انظر لسان العرب (4/ 333).
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب غزوة ذي قرد وغيرها - رقم الحديث (1807).
(4)
انظر فتح الباري (15/ 111).