الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَرِيَّةُ أَبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه إِلَى بَنِي فَزَارَةَ
وَفِي شَعْبَانَ كَذَلِكَ مِنَ السَّنَةِ السَّابِعَةِ لِلْهِجْرَةِ (1) بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه إلى بَنِي فزَارَةَ في نَجْدٍ.
فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صحِيحِهِ، وَالإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ عَنْ سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبِي بَكْرِ بنِ أَبِي قُحَافَةَ رضي الله عنه، أَمَّرَهُ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، نُرِيدُ فزَارَةَ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ المَاءَ أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَعَرَّسْنَا (2)، فَلَمَّا صَلَّيْنَا الصُّبْحَ، أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَشَنَّيْنَا الغَارَةَ، فَقتَلْنَا عَلَى المَاءَ مَنْ قَتَلْنَا، قَالَ سَلَمَةُ: ثُمَّ نَظَرْتُ إلى عُنُقٍ (3) مِنَ النَّاسِ فِيهِ الذُّرِّيَّةِ وَالنِّسَاءَ نَحْوَ الجَبَلِ، وَأَنَا أَعْدُو في آثَارِهِمْ، فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِي إلى الجَبَلِ، فَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ، فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الجَبَلِ، قَالَ: فَجِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إلى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه حَتَّى أَتَيْتُهُ عَلَى المَاءِ، وَفِيهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ فزَارَةَ عَلَيْهَا قَشْعٌ (4) مِنْ أَدَمٍ (5)، وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ
(1) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 309).
(2)
التعرِيسُ: نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة. انظر النهاية (3/ 186).
(3)
عنق من النَّاس: أي جماعة من النَّاس. انظر النهاية (3/ 280).
(4)
القَشع: بفتح القاف وسكون الشين وكسرها: الفَرو الخَلِق. انظر النهاية (4/ 58).
(5)
الأدِيم: الجلد. انظر لسان العرب (1/ 96).
العَرَبِ، فنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا، قَالَ: فَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا (1) حَتَّى قَدِمْتُ المَدِينَةَ، ثُمَّ بِتُّ فَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا، فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في السُّوقِ، فَقَالَ لِي:"يَا سَلَمَةُ، هَبْ لِيَ المَرْأَةَ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي، وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَترَكَنِي، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الغَدِ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في السُّوقِ، فَقَالَ:"يَا سَلَمَةُ، هَبْ لِيَ المَرْأَةَ، للَّهِ أَبُوكَ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ أَعْجَبَتْنِي، وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا، وَهِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّه.
قَالَ: فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى أَهْلِ مَكَّةَ، وَفِي أَيْدِيهِمْ أُسَارَى مِنَ المُسْلِمِينَ فَفَدَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتِلْكَ المَرْأَةِ (2).
* * *
(1) أي كِناية عن الجماع. انظر صحيح مسلم بشرح النووي (12/ 60).
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى - رقم الحديث (1755) - وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (16502) - وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (3917).