الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
بَعْثُ قُرَيْشٍ مِكْرَزَ بنَ حَفْصٍ:
ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ مِكْرَزَ بنَ حَفْصٍ في نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، حَتَّى لَقُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبَطْنِ يَأْجَجَ، وَهُوَ في أَصْحَابِهِ وَالهَدْيَ وَالسِّلَاحَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ! مَا عُرِفْتَ صَغِيرًا وَلَا كَبِيرًا بِالغَدْرِ! تَدْخُلُ بِالسِّلَاحِ في الحَرَمِ عَلَى قَوْمِكَ، وَقَدْ شَرَطْتَ لَهُمْ أَلَّا تَدْخُلَ إِلَّا بِسِلَاحِ المُسَافِرِ، السُّيُوفُ في القُرُبِ! (1).
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لَا أُدْخِلُ عَلَيْهِمُ السِّلَاحَ".
فَقَالَ مِكْرَزُ بنُ حَفْصٍ: هَذَا الذِي يُعْرَفُ بِهِ البِرُّ وَالوَفَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ سَرِيعًا بِأَصْحَابِهِ إلى مَكَّةَ، فَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا لَا يدخلُ بِسِلَاحٍ، وَهُوَ عَلَى الشَّرْطِ الذِي شَرَطَ لَكُمْ.
*
خُرُوجُ أَهْلِ مَكَّةَ إِلَى الجِبَالِ:
وَقَدْ أُشِيعَتْ في مَكَّةَ إِشَاعَةٌ وَهِيَ: أَنَّ المُسْلِمِينَ القَادِمِينَ لِلْعُمْرَةِ قَدْ أَصَابَتْهُمُ الحُمَّى، فَخَرَجَ أَكْثَرُ أَهْلِ مَكَّةَ إلى الجِبَالِ المُحِيطَةِ بِهَا خَشْيَةَ العَدْوَى، فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِك أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالرَّمَلِ (2) -كَمَا سَيَأْتِي-.
*
دُخُولُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ:
ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَأْجَجَ بَعْدَ أَنْ وَضَعَ الأَدَاةَ كُلَّهَا الحَجَفَ (3)
(1) القُرُب بضم القاف والراء، جمع قِراب، وهو غمد السيف. انظر لسان العرب (11/ 86).
(2)
رَمَلَ الرجُلُ: إذا أسرع في مشيته وهَزَّ منكبيه. انظر لسان العرب (5/ 320).
(3)
الحجَفة: نوع من التروس، وهي من الجلودِ خاصة. انظر لسان العرب (3/ 63).
وَالمِجَانَّ (1) وَالرِّمَاحَ وَالنَّبْلَ، وَخَلَّفَ عَلَيْهَا أَوْسَ بنَ خَوْليٍّ الأَنْصَارِيِّ في مِائتَيْ رَجُلٍ، وَقَدَّمَ الهَدْيَ أَمَامَهُ، فَحُبِسَ بِذِي طُوَى (2).
وَدَخَلَ (3) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ مِنَ الثَّنِيَّةِ التِي تُطلِعُهُ عَلَى الحَجُونِ (4)، وَأَصْحَابُهُ مُحْدِقُونَ بِهِ قَدْ تَوَشَّحُوا السُّيُوفَ يُلَبُّونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَرْمِيَهُ أَحَدٌ، فَقَدْ رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه أنَّهُ قَالَ: لَمَّا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَتَرْنَاهُ مِنْ غِلْمَانِ المُشْرِكِينَ، وَمِنْهُمْ، أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (5).
وَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ الحَرَامَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، وَقَدْ صَفَّتْ لَهُ قُرَيْشٌ عِنْدَ دَارِ النَّدْوَةِ، أَوْ مِمَّا يَلِي الحِجْرَ، فَقَدْ رَوَى ابنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ، قَامَ أَهْلُ مَكَّةَ سِمَاطَيْنِ (6).
(1) المِجَنُّ: الترس. انظر النهاية (1/ 297).
(2)
ذي طُوى: بضم الطاء وفتح الواو المخففة: موضع عند باب مكة. انظر النهاية (3/ 133).
انظر تفاصيل ذلك كله في: الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 310) - سيرة ابن هشام (4/ 17) - دلائل النبوة للبيهقي (4/ 314).
(3)
دَخل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مكة بعد أن غَاب عنها سبع سنوات.
(4)
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (4/ 457): الحَجُون: بفتح الحاء وضم الجيم: جبل معروف بمكة، وعنده مقبرة أهل مكة.
(5)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب عمرة القضاء - رقم الحديث (4255).
(6)
سِمَاطين: أي صفين. انظر لسان العرب (6/ 363). =