الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-صلى الله عليه وسلم: "لَيْسُوا بِالفُرَّارِ، وَلَكِنَّهُمُ الكُرَّارُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ"(1).
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِنْدِي أَنَّ ابنَ إِسْحَاقَ قَدْ وَهِمَ في هَذَا السِّيَاقِ، فَظَنَّ أَنَّ هَذَا الجُمْهُورَ الجَيْشُ، وَإِنَّمَا كَانَ للذِينَ فَرُّوا حِينَ الْتَقَى الجَمْعَانِ، وَأَمَّا بَقِيَّتُهُمْ فَلَمْ يَفِرُّوا، بَلْ نُصِرُوا، كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ فِي قَوْلِهِ:"ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ"، فَمَا كَانَ المُسْلِمُونَ لِيُسَمُّونَهُمْ فُرَّارًا بَعْدَ ذَلِكَ، وإِنَّمَا تَلَقَّوْهُمْ إِكْرَامًا وَإِعْظَامًا، وَإِنَّمَا كَانَ التَّأْنِيبُ وَحَثْيُ التُّرَابِ لِلذِينَ فَرُّوا وَتَركُوهُمْ هُنَالِكَ (2).
وَفِي قَوْلِ النَّاسِ لِجَيْشِ المُسْلِمِينَ: يَا فُرَّارُ، مَا يَدُلُّ عَلَى مَبْلَغِ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ الخُلُقُ الإِسْلَامِيُّ آنَئِذٍ مِنْ حُبِّ البُطُولَةِ وَإِيثَارِ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى الفِرَارِ، وَالِاسْتِحْيَاءِ مِنَ المَثَالِبِ (3) وَالمَسَاوِي، وَتَقْدِيرٍ لِلْقِيَمِ، وَالمَعَانِي الأَدَبِيَّةِ (4).
*
قَتْلَى الفَرِيقَيْنِ:
وَاسْتُشْهِدَ مِنَ المُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ المَعْرَكَةِ العَظِيمَةِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، أَمَّا الرُّومَانُ، فَلَمْ يُعْرَفْ عَدَدُ قتلَاهُمْ غَيْرَ أَنَّ وَصْفَ المَعْرَكَةِ يَدُلُّ عَلَى كَثْرَتِهِمْ (5).
(1) انظر سيرة ابن هشام (4/ 30) وإسناده مرسل حسن كما قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (4/ 640) - وأخرجه بنحوه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (5384) وإسناده ضعيف.
(2)
انظر البداية والنهاية (4/ 640).
(3)
المَثْلَبُ: شدة اللوم والأخذ باللسان. انظر لسان العرب (2/ 116).
(4)
انظر كتاب السِّيرة النَّبوِيَّة للدكتور محمد أبو شهبة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (2/ 430).
(5)
انظر سيرة ابن هشام (4/ 36).