الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
قُدُومُ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه
- (1):
وَقَدِمَ المَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَجَهَّزُ لِفَتْحِ خَيْبَرَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيُّ رضي الله عنه وَخَرَجَ مَعَهُ فَشَهِدَ خَيْبَرَ، ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ سَبْعَةُ نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَسْلَمُوا وَنَزَلُوا عَلَيْهِ (2).
*
طَرِيقُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيْبَرَ وَأَحْدَاثٌ جَرَتْ فِي الطَّرِيقِ:
خَرَجَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وَسَلَكَ وَهُوَ ذَاهِبٌ إِلَى خَيْبَرَ عَلَى جَبَلِ عَصَرٍ (3)، ثُمَّ سَلَكَ عَلَى الصَّهْبَاءَ (4)، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي مَسِيرِهِ إِلَى خَيْبَرَ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى حِمَارِهِ (5).
أَخْرَجَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحيْهِمَا عَنْ سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:
(1) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (11/ 28) الخُشَنِي: بضم الخَاءِ وفتح الشَين، وأبو ثعلبة هذا صحابي مشهور، صروف بكنيته واختلف في اسمه اختلافا كثيرًا، فقيل: جُرْثُوم بضم الجيم، وهو قول الأكثر، وكان إسلامه فبل خيبر، وشهد بيعة الرضوان، وتوجه إلى قومه فأسلموا.
(2)
انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (1/ 159) - الإصابة (7/ 50).
(3)
عَصَر: بفتح العين والصاد، هو جبل بين المدينة ووادي الفُرْع. انظر النهاية (3/ 224).
(4)
الصَّهْبَاء: بفتح الصاد المشدده، هو موضع على رَوْحَة من خيبر. انظر النهاية (3/ 58).
(5)
أخرج صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم على حماره وهو متوجه إلى خيبر: الإمام مسلم في صحيحه - كتاب صلاة المسافرين وقصرها - باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر - رقم الحديث (700)(35).
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (3/ 288): وروى السراج من طريق يحيى بن سعيد عن أنس رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يُصلي على حمار وهو ذاهب إلى خيبر. وإسناده حسن.
قلت: وأخرج الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (16041) عن شقران مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: رأيته- يعني النبي صلى الله عليه وسلم متوجها إلى خيبر على حمار يصلي عليه، يُومئ إيماءً. -والحديث صحيح لغيره-.
خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلًا، فَقَالَ رَجُلٌ (1) مِنَ القَوْمِ لِعَمِّي (2) عَامِرِ بنِ الأَكْوَعِ: يَا عَامِرُ أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيَّاتِكَ (3)؟ وَكَانَ عَامِر رَجُلًا شَاعِرًا فنَزَلَ يَحْدُو (4) بِأَصْحَابِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وفِيهِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسُوقُ الرِّكَابَ (5)، وَهُوَ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
…
وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَاغْفِرْ فِدَاءً (6) لَكَ مَا اتَّقَيْنَا
…
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
(1) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (12/ 423): هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ووقع في رواية الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (15556) - وابن إسحاق في السيرة (3/ 358) بسند ضعيف من حديث أبي الهيثم بن نَصْر بن دَهْر الأسلمي أن أباه حدثه: أنه سمع رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع: "انزل يا ابن الأكوع فاحْدُ لنا من هنياتك".
وفي هذا نظر؛ لأنه سيأتي بعد قليل أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سأل من هذا السَّائِقُ، فلو كان رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هو الذي أمره، ما سأل من هذا السائق.
(2)
في رواية أخرى في صحيح مسلم (1802)(124) قال سلمة: أخي عامر.
قال الإمام النووي في شرح مسلم (12/ 153): فلعله كان أخاه من الرضاعة، وعمه من النسب.
(3)
هُنَيَّاتك: بضم الهاء، وتشديد الياء، وهي الأراجيز القِصَار. انظر النهاية (5/ 241) - فتح الباري (14/ 206)(12/ 423).
وفي رواية أخرى في صحيح البخاري: هُنَيْهَاتك.
(4)
في رواية الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (16538) - وابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (6935) - قال: فجعل يَرْتَجِزُ.
(5)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 241): وهذه كانت عادتهم إذا أرادُوا تنشيط الإبل في السَّير ينزل بعضهم فيَسُوقُهَا ويَحْدُو في تلك الحال.
(6)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 240): فِداء: بكسر الفاء، وقد استشكل هذا الكلام؛ لأنه لا يُقال في حق اللَّه، إذ معنى فِداء لك نفديك بأنفسنا، وحذف متعلق الفداء للشُّهرة، وإنما =
وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
…
إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا (1)
وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا (2)
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟ "(3).
قَالُوا: عَامِرُ بنُ الأَكْوَعِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:"يَرْحَمُهُ اللَّهُ".
فقال رجل من القوم: وجبت يا رسول اللَّه! لولا أمتعتنا به (4).
وَفِي رِوَايَةِ ابنِ سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِهِ عَنْ إِيَاسَ بنِ سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ"، قَالَ: وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إِلَّا اسْتُشْهِدَ، فنَادَى عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه، وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
= يتصوّر الفداء لمن يجوز عليه الفناء، وأجيب عن ذلك بأنها كلمة لا يُرَادُ بها ظاهرها، بل المراد بها المحبة والتعظيم مع قَطع النظر عن ظاهر اللفظ، وقيل: المخاطب بهذا الشعر النبي صلى الله عليه وسلم، والمعني لا تُؤَاخِذْنَا بتقصيرنا في حَقِّك ونصرك، لكن يُعكِّر عليه قوله بعد ذلك:
فأنزلنْ سكينةً علينا
…
وثبِّتِ القدام إن لاقينا
فإنه دعا اللَّه تَعَالَى، ويحتمل أن يكون المعنى فاسأل ربك أن ينزل ويثبت، واللَّه أعلم.
(1)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (8/ 240): أي جِئْنَا إذا دُعِينَا إلى القتال أو إلى الحق.
(2)
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (8/ 240): أي قصدُونا بالدّعاء بالصوت العالي واستَغَاثُوا علينا.
(3)
في رواية الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (16511) قال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ هذا الحَادِي؟ ".
(4)
أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة خيبر - رقم الحديث (4196) - ومسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب غزوة خيبر - رقم الحديث (1802)(123) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (16511).