الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنِ احْتَاجَ إِلَى حَلْقِ الرَّأْسِ لِضَرَرٍ مِنْ قَمْلٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَهُ حَلْقُهُ في الإِحْرَامِ وَعَلَيْهِ الفِدْيَةُ. . . وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الصِّيَامِ ثَلَاثَ أَيَّامٍ، أَوِ الصَّدَقَةِ ثَلَاثَ آصُعٍ لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، أَوِ النُّسُكُ وَهِيَ شَاهٌ تُجْزِئُ في الأُضْحِيَةِ (1).
*
رُجُوعُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الَمَدِينَةِ وَنُزُولُ سُورَةِ الفَتحِ:
ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى المَدِينَةِ، بَعْدَ أَنْ أَقَامَ بِالحُدَيْبِيَةِ نَحْوَ عِشْرِينَ يَوْمًا (2)، فَلَمَّا وَصَلَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم إِلَى كُرَاعِ الغَمِيمِ (3) بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةَ، وَقِيلَ: بِضَجْنَانَ (4)، نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الفَتْحِ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
= رقم الحديث (1816) - وباب النسك شاة - رقم الحديث (1817) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى - رقم الحديث (1201) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (18101).
(1)
انظر صحيح مسلم بشرح النووي (8/ 98).
(2)
انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 298).
(3)
كُرَاع الغميم: بضم الكاف، وهو موضع بين مكة والمدنية. انظر النهاية (4/ 143).
(4)
ضَجْنَان: بفتح الضاد وسكون الجيم هو موضع، وقيل: اسم جبل بين مكة والمدنية. انظر النهاية (3/ 69) - فتح الباري (9/ 557).
وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا} (1).
أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الحُدَيْبِيَةِ. . . وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَعَرَفْنَا ذَاكَ فِيهِ، قَالَ: فتَنَحَّى مُنْتَبِذًا (2) خَلْفَنَا، فَجَعَلَ يُغَطِّي رَأْسَهُ بِثَوْبِهِ، وَيَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، حَتَّى عَرَفْنَا أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَتَانَا، فَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} (3).
وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرْجِعَهُ مِنَ الحُدَيْبِيَةِ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} (4)، وَأَصْحَابُهُ يُخَالِطُونَ الحُزْنَ وَالكَآبَةَ، قَدْ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نُسُكِهِمْ (5)، وَنَحَرُوا الهَدْيَ بِالحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا"(6)، فَقَرَأَهَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ،
(1) سورة الفتح آية (1 - 5).
(2)
يقال: انْتَبَذَ فلان: أي ذهب ناحية. انظر لسان العرب (14/ 17).
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (4421).
(4)
سورة الفتح آية (1).
(5)
النُّسُك: الطاعة والعبادة، وكل ما تُقُرب به إلى اللَّه تَعَالَى، والمقصود بها في هذا الحديث العمرة. انظر النهاية (5/ 41).
(6)
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (9/ 557): لما فيها من الإشارة بالمغفرة والفتح.
وفي رواية أخرى في صحيح البخاري - رقم الحديث (4833) قال صلى الله عليه وسلم: "لَهِيَ أحب إليّ مما طَلَعَت عليه الشمس".