الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمْ يَخْرُجُوا فِي غَزْوَةٍ قَطُّ مِثْلِهَا، فِيهِمْ: عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ رَأْسُ المُنَافِقِينَ، وَلَمْ يَكُنْ خُرُوجُهُمْ رَغْبَةً فِي الجِهَادِ، وَإِنَّمَا خَرَجُوا لِإِثَارَةِ الفِتْنَةِ وَالِارْتِبَاكِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ.
وَقَدْ حَدَثَ حَادِثَانِ عَظِيمَانِ فِي هَذِهِ الغَزْوَةِ بِسَبَبِ المُنَافِقِينَ:
*
الحَادِثُ الأَوَّلُ: إِثَارَةُ الفِتْنَةِ بَيْنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ:
فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ المَاءَ، إِذِ ازْدَحَمَ رَجُلَانِ عَلَى المَاءَ، الأَوَّلُ مِنَ المُهَاجِرِينَ (1)، وَالثَّاني مِنَ الأَنْصَارِ (2)، فَكَسَعَ (3) المُهَاجِرِيُّ الأَنْصَارِيَّ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَالَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ؟ ".
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ (4)، لِيَنْصُرِ الرَّجُلُ أَخَاهُ ظَالِمًا أَوْ
(1) سمى ابن إسحاق في السيرة (3/ 318) الرجل المهاجري: وهو جَهْجَاهُ بن سعيد، وقيل مسعود الغفاري، وكان أجيرًا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه يقود له فرسه.
وهو ممن شهد بيعة الرضوان رضي الله عنه. انظر الإصابة (1/ 621).
(2)
سمى ابن إسحاق في السيرة (3/ 318) الرجل الأنصاري: وهو سنان بن وبرة الجهني.
(3)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (9/ 644): الكَسْعُ: ضرب الدُّبُرِ باليَدِ أو بالرِّجْل.
(4)
النَّتْنُ: الرائحة الكريهة، ومعنى الحديث أن الدعوى بدعوى الجاهلية مذمومة في الشرع مجتَنَبَةٌ مكروهة، كما يُجْتَنَبُ الشيء النَّتِن. انظر لسان العرب (14/ 36) - النهاية (5/ 12).
قلت: جاء التَّحذِيرُ من الدعوةِ بدعوى الجاهلية في أحاديثَ كثيرةٍ منها: ما أخرجه =