الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَسْأَلُونَنِي خُطَّةً (1) يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ (2) إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا"(3).
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ صلى الله عليه وسلم: "يَسْألونِي فِيهَا صِلةَ الرَّحِمِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا"(4).
*
حَثُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم نَاقَتَهُ عَلَى النُّهُوضِ:
ثُمَّ زَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاقَتَهُ فَوَثَبَتْ (5)، ثُمَّ عَدَلَ (6) عَنْ دُخُولِ مَكَّةَ، وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ (7) قَلِيلِ المَاءِ يَتَبَرَّضُهُ (8) النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ (9)، وَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم العَطَشُ
= ناسٌ منهم بغير عَمْدٍ كما أشار إليه تَعَالَى في قوله في سورة الفتح آية (25): {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} .
(1)
خُطَّة: بضم الخاء أي: خَصْلة. انظر فتح الباري (5/ 684).
(2)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (5/ 684): أي من تَرْكِ القتال في الحرم، وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم:"يسألوني فيها صِلة الرحم"، وهي من جملة حرمات اللَّه.
(3)
أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب الشروط - باب الشروط في الجهاد - رقم الحديث (2731)(2732).
(4)
أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (18910) وإسناده حسن.
(5)
قال الحافظ في الفتح (5/ 684): وثبَتَ: أي قامت.
(6)
عَدَلَ عن الطريق: مالَ عنه. انظر لسان العرب (9/ 86).
(7)
قال الحافظ في الفتح (5/ 684): الثَّمَدُ: بفتح الثاء والميم: حُفَيْرة فيها ماء مَثْمُودٌ أي قليل.
(8)
يتبَرَّضه الناس: أي يأخذونه قليلًا قليلًا. انظر النهاية (1/ 119).
(9)
النَّزَح: بالتحريك البئر التي أُخذ ماؤها، والمراد: أنهم لم يُبقوا من الماء شيئًا. انظر النهاية (5/ 34).
-وَكَانَ الحَرُّ شَدِيدًا- فَانتزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ (1) ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ (2)، فَمَا زَالَ يَجِيشُ (3) لَهُمْ بِالرِّيِّ (4) حَتَّى صَدَرُوا (5) عَنْهُ (6).
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ البَرَاءُ بنُ عَازِبٍ رضي الله عنه قال: . . . فَنَزَحْنَاهَا فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَاهَا فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ البِئْرِ، فَدَعَا بِمَاءً فَمَضْمَضَ وَمَجَّ فِي البِئْرِ، فَمَكَثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ اسْتَقَيْنَا حَتَّى رَوِينَا، وَرَوَتْ رَكَائِبُنَا (7).
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: ويُمْكِنُ الجَمْعُ بِأَنْ يَكُونَ الأَمْرَانِ مَعًا وَقَعَا (8).
قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُ جَمْعَ الحَافِظِ مِنْ أَنَّ الأَمْرَانِ وَقَعَا مَعًا مَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ
(1) الكِنَانَة: هي جَعْبَة السهام تُتَّخذ من جلود. انظر لسان العرب (12/ 173).
(2)
في رواية الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (18910) -بسند حسن-: فقالوا يا رَسُول اللَّهِ، ما بالوادي من ماءٍ ينزل عليه الناس، فأخرج رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَهمًا من كنانته، فأعطاه رجلًا من أصحابه، فنزل في قَلِيبٍ من تلك القُلُب، فغرزه فيه، فجاش -أي فار- الماء.
(3)
يَجِيش: بفتح الياء وكسر الجيم، أي يفور. انظر النهاية (1/ 312).
(4)
الرِّي: بكسر الراء. انظر فتح الباري (5/ 685).
(5)
قال الحافظ في الفتح (5/ 685): صَدَرُوا عنه: أي رَجَعُوا رواءَ بعد وردهم.
زاد ابن سعد في طبقاته (2/ 297): حتى اغْترَفُوا بآنيتهم جُلُوسًا على شَفِير البئر.
(6)
أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب الشروط - باب الشروط في الجهاد - رقم الحديث (2731) - (2732) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (18910).
(7)
أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المناقب - باب علامات النبوة في الإسلام - رقم الحديث (3577) - وأخرجه في كتاب المغازي - باب غزة الحديبية - رقم الحديث (4150).
(8)
انظر فتح الباري (5/ 685).