الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العَاصِ رضي الله عنه عَلَى سَرِيَّةٍ قبلَ نَجْدٍ، فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ بَعْدَمَا افْتَتَحَهَا، فَسَأَلَ أبانُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْسِمَ لَهُمْ، فَلَمْ يَفْعَلْ (1).
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: لَمْ أَعْرِفْ حَالَ هَذِهِ السَّرِيَّةِ، فَلَعَلَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ هَذِهِ السَّرِيَّةَ إلى نَجْدٍ لِإِرْهَابِ الأَعْرَابِ هُنَاكَ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَطْلُبُونَ غِرَّةَ (2) المُسْلِمِينَ لِلْإِغَارَةِ عَلَى المَدِينَةِ، وَالقِيَامِ بِالنَّهْبِ وَالسَّلْبَ (3).
*
أَمْرُ يَهُودِ فَدَكَ
(4):
لَمَّا وَصَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى خَيْبَرَ، بَعَثَ مُحَيِّصَةَ (5) بنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، في رِجَالٍ مَعَهُ إلى يَهُودِ فَدَكَ يَدْعُوهُمْ إلى الإِسْلَامِ، فَأَبْطَأُوا عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ قَذَفَ اللَّهُ الرُّعْبَ في قُلُوبِهِمْ، فبَعَثُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَالِحُونَهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ فَدَكَ بِمِثْلِ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ أَهْلُ خَيْبَرَ، فَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ مِنْهُمْ.
فَكَانَتْ فَدَكٌ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِفِ (6) المُسْلِمُونَ عَلَيْهِ
(1) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة خيبر - رقم الحديث (4238).
(2)
غِرة: بكسر الغين: الغَفْلَة. انظر النهاية (3/ 318).
(3)
انظر فتح الباري (8/ 275).
(4)
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (6/ 323): فَدَك: بفتح الفاء والدال: بلدٌ بينها وبين المدينة ثلاثُ مراحل.
(5)
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (14/ 223): مُحَيِّصَةَ: بضم الميم وتشديد الياء المكسورة.
(6)
الإيجَافُ: سُرْعَةُ السَّيْرِ. انظر النهاية (5/ 137).
بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ مِنْهَا، وَيَعُودُ مِنْهَا عَلَى صَغِيرِ بَنِي هَاشِمٍ، وَيُزَوِّجُ مِنْهَا أَيِّمَهُمْ (1).
رَوَى أَبُو دَاوُدَ في سُنَنِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ المُغِيرَةِ بنِ مِقْسَمٍ قَالَ: جَمَعَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ بَنِي مَرْوَانَ حِينَ اسْتُخْلِفَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ لَهُ فَدَكٌ، فَكَانَ يُنْفِقُ مِنْهَا، وَيَعُودُ مِنْهَا عَلَى صَغِير بَنِي هَاشِمٍ، وَيُزَوِّجُ مِنْهَا أيِّمَهُمْ. . . (2).
* حِصَارُ وَادِي القُرَى (3) وَقِصَّةُ مِدْعَمٍ (4):
ثُمَّ تَحَرَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتَهَى إلى وَادِي القُرَى، وَكَانَ بِهَا جَمَاعَةٌ مِنَ اليَهُودِ، فنَزَلَ بِهَا، وَكَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُلَامٌ يدْعَى: مِدْعَمًا أَهْدَاهُ لَهُ رِفَاعَةُ بنُ زَيْدٍ الجُذَامِيُّ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَضَعُ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءهُ سَهْمٌ غَائِرٌ (5)، فَأَصَابَهُ فَقتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةَ (6) يَا رَسُولَ اللَّهِ! ، فَقَالَ
(1) الأيم: التي لا زَوْجَ لها، بكرًا كانت أو ثيبًا، مطلقة كانت أو متوفى عنها. انظر النهاية (1/ 86).
(2)
أخرجه أبو داود في سننه - كتاب الخراج والإمارة - باب في صفايا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من الأموال - رقم الحديث (2972).
(3)
وادي القُرى: هو واد بين المدينة والشام من أعمال المدينة كثير القرى. انظر معجم البلدان (8/ 433).
(4)
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (8/ 271): مِدْعَم: بكسر الميم وسكون الدال وفتح العين.
(5)
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (8/ 272): غائِرٌ: بوزن فاعل: أي لا يُدرى من رمى به.
(6)
في رواية أخرى في صحيح البخاري - رقم الحديث (6707): قالوا: هنيئًا له الجنة.