الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا التفريق بين السنة والمستحب لا دليل عليه،، والصحيح: أن لفظ السنة والمندوب والمستحب ألفاظ مترادفة، في مقابل الواجب، ولو سلم هذا التفريق فإن السواك سنة أيضًا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتعاهده ليلًا ونهارًا، حتى استاك صلى الله عليه وسلم، وهو في سكرات الموت.
قال ابن العربي: «لا زم النبي صلى الله عليه وسلم السواك فعلًا، وندب إليه أمرًا، حتى قال في الحديث الصحيح: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء) وما غفل عنه قط، بل كان يتعاهده ليلًا ونهارًا، فهو مندوب إليه، ومن سنن الوضوء، لا من فضائله» .اهـ كلام ابن العربي
(1)
.
وقد جاءت أحاديث كثيرة تدل على مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على السواك منها، ما يلي:
(194 - 48) ما رواه البخاري من طريق منصور، عن أبي وائل،
عن حذيفة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك. ورواه مسلم أيضًا.
فقوله: (إذا قام من الليل) دليل على تكرار ذلك منه صلى الله عليه وسلم كلما قام من الليل.
(195 - 49) ومنها حديث عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بدأ بالسواك، وهو حديث صحيح
(2)
.
ولفظ: (كان) يدل على فعله دائمًا أو غالبًا. فكيف يقال بعد هذه الأحاديث الصحيحة: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يواظب عليه.
-
دليل من قال: السواك سنة عند الوضوء:
(196 - 50) ما رواه أحمد من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف،
(1)
أحكام القرآن (2/ 79).
(2)
انظر تخريجه في المجلد العاشر، رقم (2353).
عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء
(1)
.
واختلف القائلون بأنه سنة:
هل هو من سنن الوضوء، أو هو سنة مستقلة عند الوضوء على قولين:
فقيل: إنه سنة مستقلة، يسن عند الوضوء
- تعليلهم:
أن السواك أولًا، ليس مختصًا بالوضوء.
وثانيًا: أنه ليس من جنس أفعال الوضوء؛ لأن الوضوء هو استعمال الماء بنية مخصوصة، والسواك ليس فيه استعمال ماء
(2)
.
وقيل: بل هو من سنن الوضوء، قال إمام الحرمين: ليس شرط كون الشيء من الشيء أن يكون من خصائصه، فإن السجود ركن في الصلاة، ومشروع في غيرها لتلاوة، وشكر
(3)
. وأرى أن الخلاف لفظي.
* * *
(1)
انظر تخريجه في المجلد العاشر، رقم (2305).
(2)
حاشية الجمل (1/ 123).
(3)
المجموع شرح المهذب (1/ 386).
مبحث
في محل السواك من الوضوء
[م-105] اختلف العلماء في محل السواك من الوضوء:
فقيل: عند المضمضة، وهو مذهب الجمهور
(1)
.
وقيل: قبل الوضوء، وهو قول في مذهب الحنفية
(2)
، والمالكية
(3)
، والشافعية
(4)
.
(1)
قال في البحر الرائق (1/ 21): «واختلف في وقته، ففي النهاية وفتح القدير أنه عند المضمضة، وفي البدائع والمجتبى قبل الوضوء، والأكثر على الأول، وهو الأولى» .
وقال في العناية شرح الهداية (1/ 24): «ويستاك عرضًا لا طولًا عند المضمضة» .
وانظر الجوهرة النيرة (1/ 5)، فتح القدير (1/ 24)، بريقة محمودية (1/ 161).
وفي مذهب المالكية قال في الفواكه الدواني (1/ 136): «ويسن الاستياك عند المضمضة» . وقال في مواهب الجليل (1/ 265): «ويفعل ذلك مع المضمضة» . وانظر شرخ الخرشي (1/ 138، 139)، الشرح الصغير (1/ 124).
وفي مذهب الشافعية انظر حاشيتي قليوبي وعميرة (1/ 59)، تحفة المحتاج (1/ 214)، نهاية المحتاج (1/ 178).
وفي مذهب الحنابلة، انظر كشاف القناع (1/ 93)، شرح منتهى الإرادات (1/ 46).
(2)
البحر الرائق (1/ 21)، حاشية ابن عابدين (1/ 113).
(3)
قال في حاشية العدوي (1/ 183): «في المسألة قولان، فقيل: يستاك عند المضمضة، لا قبل ولا بعد، وهل مع كل مرة أو مع البعض؟ وقيل: إنه يستاك قبل الوضوء، ويتمضمض بعده ليُخْرج الماء ما حصل بالسواك» .اهـ
(4)
قال الرملي في فتاويه (1/ 51): «يبدأ بالسواك قبل التسمية وغيرها، كما صرح به جماعة منهم القفال في محاسن الشريعة والماوردي في الإقناع، والغزالي في الوسيط، وصاحب البيان، ومال إليه الأذرعي» .اهـ
…
وقال في تحفة المحتاج (1/ 214): «ومحله بين غسل الكفين على ما قاله ابن الصلاح وابن النقيب في عمدته، وكلام الإمام وغيره يميل إليه، وينبغي اعتماده. وقال الغزالي كالماوردي والقفال: محله قبل التسمية مغني، وجرى على ما قاله الغزالي والشهاب الرملي، والنهاية والزيادي» .