الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الأول
الإسلام
مدخل في ذكر الضابط الفقهي:
- الإسلام شرط لصحة العبادة، وليس شرطًا لوجوبها على الصحيح باعتبار أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة.
[م-66] اختلف الفقهاء هل الإسلام شرط في وجوب الوضوء وصحته أو ليس بشرط؟
فقيل: يجوز الوضوء من الكافر، وهو مذهب الحنفية
(1)
.
وقيل: لا يصح الوضوء من كافر، وهذا الشرط لا يختص بالوضوء، بل هو شرط في جميع العبادات، من طهارة وصلاة وزكاة وصوم وحج
(2)
.
قال تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَاّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ)[التوبة: 54].
(1)
قال في بدائع الصنائع (1/ 18): وإيمان المتوضئ ليس بشرط لصحة وضوئه عندنا، فيجوز وضوء الكافر عندنا. اهـ
(2)
انظر حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 132)، الفواكه الدواني (1/ 135)، نهاية المحتاج (1/ 154)، الأشباه والنظائر (1/ 429)، المقدمة الحضرمية (ص: 33)، المنهج القويم (ص: 51)، كشاف القناع (1/ 85).
وهل يجب على كافر وضوء، فيه خلاف، وهذه المسألة ترجع إلى مسألة أصولية، وهي هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؟
وللجواب على هذا أن نقول:
[م-67] أما مخاطبة الكفار بأصول الدين من التوحيد والإقرار بالنبوات ونحوها فهذا إجماع لا نزاع فيه، قال تعالى:(قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً)[الأعراف: 158].
[م-68] واختلفوا هل يخاطبون بالفروع أم لا؟ على أربعة أقوال:
القول الأول: ذهب بعض الحنفية
(1)
واختاره أبو حامد الاسفراييني من الشافعية
(2)
، إلى أن الكافر غير مخاطب بفروع الشريعة، فيكون الإسلام عندهم شرط وجوب للوضوء.
القول الثاني:
وذهب الجمهور إلى أن الكافر مخاطب بفروع الشريعة، فهو عندهم شرط للصحة لا للوجوب
(3)
.
(1)
وهو قول البخاريين والسمرقنديين من أصحاب أبي حنيفة، انظر أصول السرخسي (1/ 74)، شرح المحلى على جمع الجوامع (1/ 212)، تيسير التحرير (2/ 148).
(2)
انظر قواطع الأدلة (1/ 187).
(3)
وهو قول العراقيين من الحنفية، ومذهب المالكية والشافعية والحنابلة، انظر أصول السرخسي (1/ 74)، تفسير القرطبي (2/ 300)، و (4/ 146)، إعانة الطالبين (3/ 24)، الإنصاف (10/ 233)، و (4/ 160)، كشاف القناع (1/ 223)، و (5/ 115)، حاشية البجيرمي (1/ 162).
وقال النووي في المجموع (3/ 5): وأما الكافر الأصلي فاتفق أصحابنا في كتب الفروع على أنه لا يجب عليه الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها من فروع الإسلام، فأما في كتب الأصول فقال جمهورهم: هو مخاطب بالفروع كما هو مخاطب بأصل الإيمان.
وقيل: لا يخاطب بالفروع.
وقيل: يخاطب بالمنهي عنه كتحريم الزنا والسرقة والخمر والربا وأشباهها، دون المأمور به كالصلاة.
…
قال النووي: والصحيح الأول، وليس هو مخالفًا لقولهم في الفروع؛ لأن المراد غير المراد هناك، فمرادهم في كتب الفروع أنهم لا يطالبون بها في الدنيا مع كفرهم، وإذا أسلم أحدهم لم يلزمه قضاء الماضي، ولم يتعرضوا لعقوبة الآخرة، ومرادهم في كتب الأصول أنهم يعذبون عليها في الآخرة زيادة على عذاب الكفر، فيعذبون عليها وعلى الكفر جميعًا، لا على الكفر وحده، ولم يتعرضوا للمطالبة في الدنيا، فذكروا في الأصول حكم أحد الطرفين، وفي الفروع حكم الطرف الآخر، والله أعلم.