الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن عبد الله بن زيد، أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا. ورواه مسلم
(1)
.
*
الدليل الثالث:
(375 - 229) ما رواه أحمد، قال: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه،
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا وضوء إلا من صوت أو ريح
(2)
.
[المحفوظ أنه بلفظ: (فلا يخرج حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا)]
(3)
.
(1)
صحيح البخاري (137)، ومسلم (361).
(2)
المسند (2/ 471).
(3)
الحديث مداره على سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، واختلف على سهيل فيه:
فرواه شعبة كما في رواية أبي داود الطيالسي (2422) وابن الجعد في مسنده (1583)، وابن أبي شيبة في المصنف (7997)، وأحمد (2/ 410، 435، 471)، والترمذي (74)، وابن ماجه (515)، وأبو عبيد في كتاب الطهور (405)، وابن الجارود في المنتقى (2)، وابن خزيمة (27)، والبيهقي (1/ 117، 220).
وسعيد بن أبي عروبة، كما في الطهور لأبي عبيد (404) كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة بلفظ: لا وضوء إلا من صوت أو ريح.
والراوي عن سعيد بن أبي عروبة هو يزيد بن هارون، وهو قد روى عنه قبل اختلاطه، فهذه المتابعة أخرجت شعبة من عهدته.
وخالف شعبة وسعيد جماعة رووه عن سهيل، بلفظ: إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا، فأشكل عليه، فلا يخرج حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا، منهم.
جرير بن عبد الحميد كما في صحيح مسلم (362)، والسنن الكبرى للبيهقي (1/ 117).
وخالد بن عبد الله الواسطي، كما في صحيح ابن خزيمة (28).
وحماد بن سلمة كما في مسند الإمام أحمد (2/ 414، 534)، والدارمي (721)، وأبي داود (177)، وسنن البيقهي (2/ 254).
وعبد العزيز الدراوردي كما في سنن الترمذي (75) وصحيح ابن خزيمة (24)، والأوسط (1/ 242).
محمد بن جعفر كما في سنن البيهقي (1/ 161).
زهير كما في مستخرج أبي عوانة (741).
يحيى بن المهلب البجلي كما في معجم الأوسط للطبراني (1565).
علي بن عاصم كما في سنن البيهقي (2/ 254).
ثمانيتهم رووه عن سهيل به، بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا، فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا.
وقد رأى أبو حاتم في العلل (1/ 47) أن الخطأ من شعبة.
وقد يكون الخطأ من سهيل؛ لأن سعيد بن أبي عروبة قد تابع شعبة فيه كما في كتاب الطهور لأبي عبيد (404) ولأن الحمل على أضعف راو في الحديث، وقد ذكرت وجه ذلك في المتن.
وقد ثبت الحديث عن أبي هريرة من غير طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه بلفظ: النهي عن الخروج من الصلاة عند الشك في الحديث.
مما يرجح رواية الجماعة عن سهيل على رواية شعبة وابن أبي عروبة عنه.
فقد روى أحمد في المسند (2/ 330) من طريق الضحاك بن عثمان، عن سعيد المقبري، قال: قال أبو هريرة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحدكم إذا كان في الصلاة جاء الشيطان فأبس به كما يبس الرجل بدابته، فإذا سكن له أضرط بين أليتيه، ليفتنه عن صلاته، فإذا وجد أحدكم شيئًا من ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا لا يشك فيه. اهـ
رجاله ثقات إلا الضحاك بن عثمان وهو حسن الحديث، وهو من رجال مسلم.
انظر في طرق الحديث أطراف المسند (7/ 199، 200)، تحفة الأشراف (12603، 12629، 12683، 12718)، إتحاف المهرة (18054).
مفهوم الحديث أن لا وضوء إلا من الصوت (الضرطة) والريح؛ لأن الحديث سيق مساق الحصر المعتمد على النفي والإثبات، فظاهره لا وضوء من البول والمذي والنوم واختلف العلماء في الجواب عن ذلك:
• الجواب الأول:
شذوذ هذا اللفظ. قال أبو حاتم في العلل: «هذا وهم، اختصر شعبة متن هذا الحديث، فقال: لا وضوء إلا من صوت أو ريح، ورواه أصحاب سهيل، عن سهيل،
عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا كان أحدكم في صلاة، فوجد ريحًا من نفسه، فلا يخرجن حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا»
(1)
.
وكذا قال ابن خزيمة في صحيحه
(2)
، والبيهقي نحوه في السنن
(3)
.
• ورد هذا الجواب:
(4)
.
• ويرد على هذا:
بأن إمامة شعبة ودينه لا تعصمه من الخطأ لو صح أن الخطأ من شعبة؛ لأن الحديث بالحصر لا بد أن يقال: إنه غلط؛ لأن الحصر ينفي أن يكون هناك ناقض غيرهما، مع أن البول فيه الوضوء بالإجماع، وليس داخلا في الحديث، لكن لا يتعين أن يكون الخطأ من شعبة، فالراجح عندي أن الخطأ من سهيل بن أبي صالح، فتارة يرويه مستقيمًا كما في رواية خالد بن عبد الله الواسطي وجرير، وحماد بن سلمة، والدراوردي وغيرهم.
وتارة يرويه بالحصر كما في رواية شعبة، والذي يجعلني أجزم أن الخطأ ليس من شعبة.
أولًا: أن شعبة قد توبع فيه بلغة الحصر، فقد رواه أبو عبيد في كتاب الطهور، قال: ثنا يزيد بن هارون، عن سعيد، عن سهيل به بلفظ شعبة، وذكرته في التخريج.
ورواية يزيد بن هارون عن سعيد قبل اختلاطه، فخرج شعبة من عهدته.
(1)
العلل لابن أبي حاتم (1/ 47).
(2)
صحيح ابن خزيمة (1/ 18، 19).
(3)
سنن البيهقي (1/ 117).
(4)
النيل (1/ 224).
ثانيًا: أن سهيل بن أبي صالح قد تكلم فيه بعضهم، وقد وثقه بعضهم، وبعضهم جعل حديثه من قبيل الحسن، وقد قال الذهبي: صدوق مشهور ساء حفظه، وإذا كان هو أضعف رجل في الإسناد صار الحمل عليه، والخطأ منه.
فالصحيح من حديث سهيل ما يوافق حديث عبد الله بن زيد في الصحيحين، والله أعلم.
الجواب الثاني:
أن هناك من أهل العلم من يرى أن الحدث خاص بما يخرج من القبل والدبر خاصة، وترجم له البخاري: باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر، وقول الله تعالى:(أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ)[المائدة: 6].
وتقدم لنا قول أبي هريرة في البخاري: قال رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساء أو ضراط.
فإن قيل: لا وضوء إلا من صوت أو ريح، لا يدخل فيه البول، يقال بما ذكره الحافظ العراقي وابن حجر.
قال العراقي: لما ذكر الحدث في المسجد ترك أبو هريرة منه ما لا يشكل أمره من البول والغائط في المسجد، فإنه لا يتعاطاه في المسجد ذو عقل ونبه أبو هريرة بالأدنى على الأعلى
(1)
.
قال الحافظ: «والمراد به الخارج من السبيلين، وإنما فسره أبو هريرة بالأخف على الأغلظ؛ ولأنهما قد يقعان في أثناء الصلاة أكثر من غيرهما، أما باقي الأحداث المختلف فيها بين العلماء، كمس الذكر، ولمس المرأة، والقيء ملء الفم، والحجامة، فلعل أبا هريرة كان لا يرى النقض بشيء منها، وعليه مشى البخاري كما في باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.
(1)
طرح التثريب (2/ 369).