الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الرابع
أن تكون النية مقارنة للمنوي أو متقدمة بشيء يسير
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
- إذا وقعت النية في محلها لم تبطل بالذهول عنها إلا أن يأتي بنية مضادة أثناء العبادة.
- اشتراط مقارنة النية لأول أجزاء المنوي متعذر أو متعسر، فجاز تقدمها كنية الصوم.
- إذا جاز تقديم النية على الصيام ولو طال الفصل بإجماع فإن هذا أصل يجب أن تقاس عليه وترد إليه سائر العبادات.
- تنقسم النية إلى فعلية موجودة وحكمية معدومة.
فإذا نوى المكلف أول العبادة فهذه نية فعلية.
وأما النية الحكمية: فهو إعطاء المعدوم حكم الموجود، فالإيمان إذا استحضره المؤمن في قلبه فهذه نية فعلية، فإذا غفل عنه بعد ذلك حكم صاحب الشرع بأنه مؤمن وله أحكام المؤمنين، وهو الإيمان الحكمي، ومثله الكفر ينقسم إلى فعلي وحكمي
(1)
.
- يقوم الاستصحاب الحكمي محل الاستصحاب الفعلي قبل العبادة وأثنائها
(1)
انظر الفروق للقرافي (1/ 200).
بشرط عدم المنافي كما لو نوى قطع العبادة أو إبطالها قبل إتمامها.
- تقدم النية على المنوي جائز ولو طال الفصل ما لم يفسخها؛ لأنه إذا لم يفسخها فهو مستصحب لحكمها.
- المقصود من النية تمييز العبادات عن العادات، وتمييز مراتب العبادات بعضها عن بعض، وهذا يحصل بالنية المقترنة والمتقدمة.
وقيل:
- النية الفعلية شرط في أول العبادة دون استمرارها، والحكمية شرط في استمرارها فقط.
-الاكتفاء بالحكمية على خلاف الأصل فيقتصر فيها على العمل المتصل
(1)
.
النية تارة تكون متقدمة على المنوي، وتارة تكون مقارنة له، وتارة تكون متأخرة عنه، وإليك بيان حكم كل حال من هذه الأحوال.
- الحال الأولى: تقديم النية على العمل:
[م-87] أجاز العلماء تقدم النية على المنوي في الصوم للمشقة، فجاز الصوم بنية من أول الليل، بل صحح بعضهم الصيام بنية ولو من أول الشهر.
-وعللوا الجواز:
بأن إيجاب تذكر النية قبل الفجر بيسير فيه حرج ومشقة، ولأن الصوم قد يأتي على كثير من الناس وهو في حالة النوم، وألحقوا بالصوم الزكاة؛ لصحة دخول النيابة في إخراجها.
[م-88] وهل يجوز تقدم النية على العمل في غيرهما قياسًا على الصوم؟
اختلف العلماء في ذلك:
(1)
الذخيرة (1/ 250).
فالعلماء متفقون على أن النية إذا عقدت قبل العمل بيسير ثم استصحب ذكرها إلى أن تلبس بالعبادة فإن هذه النية تجزئ بلا خلاف.
قال ابن تيمية: «إذا كان مستحضرًا للنية إلى حين الصلاة أجزأ ذلك باتفاق العلماء»
(1)
.
[م-89] واختلفوا في من قدم النية على العمل وعزبت عنه ذهنه إلى حين دخل في العمل هل يعتد بهذه النية أو لا؟
فقيل: يجوز تقدم النية على المنوي ولو طال الفصل إذا لم يوجد فاصل أجنبي من أكل أو شرب، ولا يضره المشي والوضوء، ولو طالا. وهذا مذهب الحنفية، واختاره ابن تيمية، ولم يشترط شيئًا
(2)
.
(3)
.
قال ابن نجيم: والمراد بقوله «بلا فاصل أي بين النية والتكبير، والفاصل الأجنبي: هو العمل الذي لا يليق في الصلاة كالأكل والشرب؛ لأن هذه الأفعال تبطل الصلاة، فتبطل النية، وشراء الحطب والكلام، وأما المشي والوضوء فليس بأجنبي»
(4)
. اهـ
وقيل: يجوز تقدم النية على المنوي بشرط أن يكون الفاصل يسيرًا، اختاره
(1)
مجموع الفتاوى (22/ 228).
(2)
فتح القدير (1/ 266) البحر الرائق (1/ 292)، وانظر قول ابن تيمية في شرح عمدة الفقه لابن تيمية (1/ 587، 588).
(3)
البحر الرائق (1/ 292).
(4)
البحر الرائق (1/ 291).
ابن رشد وابن عبد البر وخليل من المالكية، وهو مذهب الحنابلة
(1)
.
قال المقري المالكي: «شرط النية اقتران ذكرها بأول المنوي، فلا يضر ما لا يقطع ذلك من تقدمها عليه، وهو المعبر عنه بالتقدم اليسير
…
»
(2)
.
وقال ابن قدامة: «قال أصحابنا: يجوز تقديم النية على التكبير بالزمن اليسير، وإن طال الفصل، أو فسخ نيته بذلك لم يجزئه»
(3)
.
وقيل: يجب أن تكون النية مقارنة للتكبير، لا قبله ولا بعده، اختاره جماعة من المالكية كالقاضي عبد الوهاب البغدادي، وابن الجلاب، وابن شاس، وهو المشهور من مذهب الشافعية
(4)
.
(1)
قال ابن جزي في القوانين الفقهية (ص: 19): «فإن تأخرت عن محلها أو تقدمت بكثير بطلت، وإن تقدمت بيسير فقولان» . اهـ وانظر حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/ 96). وجاء في التوضيح (1/ 316): «النية إن اقترنت فلا إشكال في الإجزاء، وإن تأخرت عن تكبيرة الإحرام فلا خلاف في عدم الإجزاء، وإن تقدمت بكثير لم يجزئ اتفاقًا، وبيسير قولان .... ثم رجح خليل جواز التقدم بيسير، فقال: «من تأمل عمل السلف، ومقتضى إطلاقات متقدمي أصحابنا يرى هذا القول هو الظاهر؛ إذ لم ينقل لنا عنهم أنه لابد من المقارنة، فدل على أنهم سامحوا في التقديم اليسير» . وانظر المقدمات الممهدات (1/ 156)، البيان والتحصيل (1/ 142)، والكافي
…
لابن عبد البر (ص: 39).
وقال في الفروع (1/ 143)«ويجوز تقديمها بزمن يسير كالصلاة. اهـ ويفهم منه أنه لا يجوز تقديمها بزمن كثير» .
(2)
(1/ 274).
(3)
المغني (1/ 279)، وذكر صاحب كشاف القناع شروطًا لجواز تقدم النية، بأن يكون العمل يسيرًا، ولم يفسخ النية، مع بقاء إسلامه بحيث لا يرتد، فإن الردة تبطل النية، انظر كشاف القناع (1/ 316).
(4)
التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب لخليل (1/ 316)، التفريع لابن الجلاب (1/ 226)، عقد الجواهر الثمينة لابن شاس (1/ 97)، المجموع (3/ 242)، البيان للعمراني (2/ 160)، فتح العزيز (3/ 257)، روضة الطالبين (1/ 224).
وقال الزركشي في كتابه المنثور في القواعد (1/ 104): كل عبادة تجب أن تكون النية مقارنة لأولها إلا الصوم والزكاة والكفارة. اهـ.