الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الأول في صفة مسح الأذنين
مدخل في ذكر الضابط الفقهي:
• قال البهوتي: كيف مسح الأذنين أجزأ.
[م-169] صفة المسح من الآثار:
أما صفة المسح من الآثار، ففي الباب أحاديث كثيرة، منها:
الحديث الأول:
حديث ابن عباس المتقدم في المسألة السابقة: وفيه: (ثم مسح برأسه وأذنيه، باطنهما بالسباحتين، وظاهرهما بإبهاميه). الحديث.
الحديث الثاني:
(346 - 200) حديث عثمان رضي الله عنه، وسبق تخريجه من طريق إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان، وفيه:
أنه توضأ، فمسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ. وهو حديث ضعيف
(1)
.
(1)
انظر حديث (242) و (222)، و (249).
الحديث الثالث:
(347 - 201) حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وفيه:
ثم مسح برأسه، وأدخل أصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه، بالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثًا، ثم قال: هكذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وظلم أو ظلم وأساء. وسبق تخريجه
(1)
.
الحديث الرابع:
حديث الربيع بنت معوذ، أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، فأدخل إصبعيه في حجري أذنيه. وسبق تخريجه
(2)
.
الحديث الخامس:
(348 - 202) ما رواه أحمد، حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا حريز قال: حدثنا عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي قال:
سمعت المقدام بن معدي كرب الكندي قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء، فتوضأ، فغسل كفيه ثلاثًا، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ثم مضمض واستنشق ثلاثًا، ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا
(3)
.
[ضعيف]
(4)
.
(1)
انظر تخريجه في المجلد الثالث، رقم (588) من كتاب طهارة المسح على الحائل.
(2)
انظر حديث (250)، وحديث (40).
(3)
المسند (4/ 132).
(4)
الحديث ضعيف سندًا، ومنكر متنًا:
أما نكارة متنه: فقد ذكر المضمضة والاستنشاق بعد غسل الذراعين، والمعروف أن المضمضة والاستنشاق قبل غسل الوجه وبعد غسل الكفين، كما صح ذلك من حديث عبد الله بن زيد، وعثمان بن عفان، وغيرهما.
وأما ضعف إسناده: ففيه عبد الرحمن بن ميسرة، ذكره ابن أبي حاتم، وسكت عليه. الجرح والتعديل (5/ 285).
ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات. معرفة الثقات (2/ 88)، الثقات (5/ 109)، وفات الحافظ أن يذكر توثيق ابن حبان في ترجمته في التهذيب.
وقال ابن المديني: مجهول، لم يرو عنه غير حريز. ميزان الاعتدال (4986).
وقال أبو داود: شيوخ حريز كلهم ثقات. تهذيب التهذيب (6/ 254).
وفي التقريب: مقبول، يعني: إن توبع وقد استدرك الحافظ ابن حجر على قول ابن المديني لم يرو عنه غير حريز، فقال في التهذيب بأنه روى عنه صفوان بن عمرو، وثور بن يزيد.
قلت: أما رواية صفوان بن عمرو فوقفت عليها في سنن الدارمي (251) ومسند الشاميين للطبراني (960)، وفي إسناده بقية.
وأما رواية ثور بن يزيد: فأيضًا وقفت عليها عند الطبراني أيضًا في مسند الشاميين (469)، وفي إسناده أحمد بن محمد شيخ الطبراني، ضعيف.
وأخرجه أحمد (4/ 132)، وأبو داود (121) وابن الجاورد (74) والطبراني في الكبير (20/ 276) 654، وفي مسند الشاميين (1076) عن أبي المغيرة به.
ورواه أبو داود (122، 123) والطحاوي (1/ 32) وابن ماجه (442) من طريق الوليد بن مسلم، كلهم عن حريز به.
انظر أطراف المسند (5/ 392)، تحفة الأشراف (11573، 11574)، إتحاف المهرة (17016).
فدلت هذه الأحاديث على أن صفة مسح الأذنين: مسح الباطنين بالسبابتين، وظاهر الأذنين بالإبهامين، وإدخال الأصبعين في صماخ الأذنين. هذا ما تدل عليه مجموع الأحاديث السابقة.
وأما كلام الفقهاء في صفة مسح الأذنين فلا يخرج عما جاء في الآثار.
قال البهوتي: وكيف مسح الأذنين أجزأ.
وقيل: يمسح باطنهما بباطن السبابتين، وظاهرهما بباطن الإبهامين، وعليه أكثر العلماء.
قال ابن عابدين الحنفي: يمسح باطنهما بباطن السبابتين، وظاهرهما بباطن الإبهامين
(1)
.
(1)
حاشية ابن عابدين (1/ 243).
وفي حاشية العدوي على الخرشي: «وصفة مسح الأذنين، أن يجعل باطن الإبهامين على ظاهر الشحمتين، وآخر السبابتين في الصماخين، وهما ثقبا الأذن، ووسطهما ملاقيًا للباطن، دائرين مع الإبهامين للآخر، وكره تتبع غضونهما»
(1)
.
وفي كشاف القناع قال: «أن يدخل سبابتيه في صماخيهما -يعني الأذنين- ويمسح بإبهاميه ظاهرهما»
(2)
.
وقال ابن عبد البر: «إن ترك مسح داخل أذنيه فلا شيء عليه»
(3)
.
وهل يتتبع غضاريف الأذنين؟
قال العدوي في حاشيته على الخرشي: وكره تتبع غضونهما.
وقال في كشاف القناع: «ولا يجب مسح ما استتر من الأذنين بالغضاريف؛ لأن الرأس الذي هو الأصل لا يجب مسح ما استتر منه بالشعر، فالأذن أولى، فالغضروف داخل فوق الأذن: أي أعلاها ومستدار سمعها» .
ونفي الوجوب لا يدل على نفي الاستحباب.
وأما الشافعية فرأوا أن يمر برأس الأصبع على معاطف الأذن.
ومذهب المالكية أرجح؛ لأن باب المسح أخف من باب الغسل، واستيعاب الممسوح أمر شاق حتى من يقول: بمسح الرأس كله، لا يمسح كل شعرة فيه، فإذا مسح أكثره أجزأ، والأذن أخف من الرأس، لكون مسح الرأس فرضًا، ومسح الأذن سنة على الصحيح، ولأن الأذنين تبعًا للرأس، لا يجزئ مسحهما عن الرأس، ويجزئ مسح الرأس عنهما، فإذا مسح باطن الأذنين بالسبابة حقق السنة إذا مر بإبهاميه على ظاهرهما، والله أعلم.
* * *
(1)
الخرشي (1/ 134).
(2)
كشاف القناع (1/ 100).
(3)
الكافي لابن عبد البر (ص: 23).