الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحنابلة
(1)
، واختاره المزني من الشافعية
(2)
.
وقيل: المفروض أقل ما يتناوله اسم المسح، ولو شعرة، وهو مذهب الشافعية
(3)
.
-
دليل الحنفية على جواز الاقتصار على الناصية في المسح:
*
الدليل الأول:
(337 - 191) ما رواه أحمد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا التيمي، عن بكر، عن الحسن، عن ابن المغيرة بن شعبة،
عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته ومسح على الخفين والعمامة. قال بكر: وقد سمعته من ابن المغيرة
(4)
.
[المحفوظ عن المغيرة عدم ذكر الناصية والعمامة في الحديث]
(5)
.
(1)
الروايتين والوجهين (1/ 72)، الإنصاف (1/ 161)، المغني (1/ 86)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (1/ 276)، الفروع (1/ 147).
وهناك رواية عن أحمد أنه يجزئ مسح بعضه، أنظر ما سبق من المراجع.
(2)
مختصر المزني (ص: 2)، المجموع (1/ 431)، الحاوي الكبير (1/ 114).
(3)
المجموع (1/ 430)، الحاوي الكبير (1/ 114)، أسنى المطالب (1/ 33)، تحفة المحتاج (1/ 209).
(4)
المسند (4/ 255).
(5)
تجنب البخاري تخريج لفظ المسح على الناصية والعمامة، وإن كان قد روى حديث المغيرة من طريق مسروق، ومن طريق عروة بن المغيرة.
ورواه حمزة بن المغيرة، عن أبيه، رواه عن حمزة بكر بن عبد الله المزني، وإسماعيل بن محمد بن سعد ابن وقاص، والزهري، وكلهم يتفقون على ذكر المسح على الخفين، وينفرد بكر بن عبد الله المزني بذكر المسح على العمامة لا يختلف عليه في ذكرها، واختلف عليه في ذكر المسح على الناصية.
قال أبو عبد الرحمن النسائي في السنن: وقد روى هذا الحديث إسماعيل بن محمد بن سعد، عن حمزة بن المغيرة، ولم يذكر العمامة. يشير إلى إعلال ما رواه بكر بن عبد الله المزني.
ورواه عمرو بن وهب عن المغيرة بذكر المسح على العمامة والناصية كما في مسند أحمد ومصنف ابن أبي شيبة وغيرهما.
هذان هما الراويان اللذان ذكر عنهما المسح على العمامة وعلى الناصية.
وقد روى الحديث عن المغيرة: خلق كثير لم يذكروا ما ذكره بكر بن عبد الله المزني وعمرو بن وهب.
منهم عروة بن المغيرة كما في الصحيحين وغيرهما.
ومسروق كما في الصحيحين وغيرهما.
والأسود بن هلال كما في صحيح مسلم.
وعبد الرحمن بن أنعم كما في مسند أحمد وسنن أبي داود وغيرهما.
وسالم بن أبي الجعد كما في مصنف بن أبي شيبة وغيره.
أبو السائب مولى هشام، كما في مسند أحمد، ومستخرج أبي عوانة، والطبراني في الكبير.
كل هؤلاء رووه عن المغيرة، ولم يذكروا المسح على العمامة والناصية.
وقد خرجت الحديث بشيء من التفصيل فأغنى ذلك عن إعادته هنا، ولله الحمد، انظر المسح على الحائل (ح 643).
وجه الاستدلال:
لما مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الناصية، كان مسحه عليه الصلاة والسلام على العمامة من باب الفضل، لا من باب الوجوب؛ إذ لا يمكن أن يجب مسح البدل ومسح الأصل في وقت واحد.
قال الطحاوي: «في هذا الأثر أن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح على بعض الرأس، وهو الناصية، وظهور الناصية دليل أن بقية الرأس حكمه حكم ما ظهر منه؛ لأنه لو كان الحكم قد ثبت بالمسح على العمامة، لكان كالمسح على الخفين، فلم يكن إلا وقد غيبت الرجلان فيهما، ولو كان بعض الرجلين باديًا، لما أجزأه أن يغسل ما ظهر منهما، ويمسح على ما غاب منهما، فجعل حكم ما غاب منهما، مضمنًا بحكم ما بدا منهما، فلما وجب غسل الظاهر وجب غسل الباطن، فكذلك الرأس لما وجب مسح ما ظهر منه ثبت أنه لا يجوز مسح ما بطن منه ليكون حكم كله حكمًا واحدًا، كما كان حكم الرجلين إذا غيبت بعضها في الخفين حكمًا واحدًا، فلما اكتفى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأثر بمسح الناصية على مسح ما بقي من الرأس دل ذلك أن الفرض في مسح الرأس هو
مقدار الناصية، وأن ما فعله فيما جاوز به الناصية فيما سوى ذلك من الآثار كان دليلًا على الفضل لا على الوجوب حتى تستوي هذه الآثار ولا تتضاد، فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار»
(1)
.
- وأجيب:
بأنه لو جاز الاقتصار على مسح الناصية لما مسح على العمامة، وإذا مسح على ناصيته وكمل الباقي بعمامته أجزأه بلا ريب.
قلت: وهناك تأمل آخر في الحديث، وهو: هل قوله في الحديث: (توضأ فمسح على ناصيته، وعلى العمامة، وعلى الخفين) نقل لفعل واحد، أو أنه نقل لأفعال مختلفة رصدها المغيرة، ونقلها مجتمعة في نص واحد؟
فإن كان الفعل واحدًا فظاهر أن المسح لم يقتصر على الناصية، فلا يكون فيه دليل على جواز الاقتصار على الناصية، وإن كان النقل لأفعال مختلفة، وأن هذه مجموعة أحاديث، وليست حديثًا واحدًا للمغيرة، جمعها في حديث واحد، فهو دليل قوي على جواز الاقتصار على المسح على الناصية، وهذا الاحتمال غير بعيد، فإن هناك أحاديث للمغيرة ينقل لنا فيها المسح على الخفين فقط، وهناك حديث ينقل لنا المسح على الجوربين والنعلين، وقد تُكِلم فيه، وخرجته في المسح على الحائل، فيحتاج الباحث إلى تأمل، هل هذه الأفعال كانت متفرقة جمعها المغيرة في حديث واحد، أو كانت فعلًا واحدًا في وضوء واحد، نقله لنا المغيرة بن شعبة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحنفية والشافعية لا يمكن أن يقولوا لنا: إنها أفعال مختلفة؛ لأنه يلزمهم على هذا أن يقولوا بجواز المسح على العمامة، وهم لا يقولون به، ومحال أن يحتجوا علينا ببعض الحديث، ويتركوا بعضه، والله أعلم.
قال ابن القيم في الزاد: «ولم يصح عنه في حديث واحد، أنه اقتصر على مسح
(1)
شرح معاني الآثار (1/ 31).