الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[م-200] اختلف العلماء في مس بدن المرأة، هل ينقض الوضوء أم لا؟
فقيل: لا ينقض مطلقًا، إلا أن يتجردا متعانقين متماسي الفرجين وهو مذهب الحنفية
(1)
.
وقيل: ينقض مطلقًا، وهو مذهب الشافعية
(2)
.
وقيل: ينقض إن كان ذلك بشهوة، ولا ينقض مع عدمها، وهو مذهب المالكية
(3)
، والحنابلة
(4)
.
وقيل: إن كان مسه عمدًا انتقض، وإلا فلا، حكاه النووي عن داود
(5)
.
•
دليل من قال: مس المرأة لا ينقض الوضوء:
*
الدليل الأول:
قالوا: لا يوجد دليل صحيح صريح في نقض الوضوء من مس المرأة، والأدلة الواردة إما أدلة غير صحيحة، أو ليست صريحة، ولا ينقض الوضوء إلا دليل صحيح صريح.
*
الدليل الثاني:
(453 - 307) ما رواه أحمد، قال: حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير،
(1)
قال في فتح القدير (1/ 54): «يجب الوضوء من المباشرة الفاحشة: وهي أن يتجردا معًا متعانقين متماسي الفرجين، وعن محمد: لا، إلا أن يتيقن خروج شيء» .اهـ
وانظر البحر الرائق (1/ 47)، المبسوط (1/ 68)، بدائع الصنائع (1/ 30)، تبيين الحقائق (1/ 12).
(2)
المجموع (2/ 29)، مغني المحتاج (1/ 34)، حاشية قليوبي وعميرة (1/ 32).
(3)
مذهب المالكية يقولون بالنقض إن قصد اللذة أو وجدها، انظر المدونة (1/ 13)، حاشية الدسوقي (1/ 119)، الاستذكار (1/ 320)، الشرح الصغير (1/ 142).
(4)
المحرر (1/ 13)، الإنصاف (1/ 211)، الكافي (1/ 46).
(5)
المجموع (2/ 34).
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة، ولم يتوضأ. قال عروة: قلت لها: من هي إلا أنت؟ فضحكت
(1)
.
[حديث معلول]
(2)
.
(1)
المسند (6/ 210).
(2)
هذا الحديث فيه علل:
الأولى: عنعنة حبيب بن أبي ثابت، وهو مدلس مكثر، ذكره في المدلسين الذهبي، والعلائي والمقدسي والحلبي وابن حجر.
وفي التقريب: ثقة فقيه جليل، كان كثير الإرسال والتدليس.
العلة الثانية: اختلافهم في عروة من هو؟ هل هو عروة المزني فيكون مجهولًا أو هو ابن الزبير فيكون منقطعًا؛ لأن حبيبًا لم يسمع من عروة بن الزبير شيئًا.
فمن العلماء من رجح أن عروة هو المزني.
قال أبو داود في السنن (180): وروي عن الثوري قال: ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني، يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير شيئًا. اهـ
وقد وضع المزي هذا الحديث في تحفة الأشراف (12/ 233) تحت ترجمة عروة المزني، ولم يتعقبه ولي الدين العراقي في الأطراف، ولا ابن حجر في النكت الظراف.
وقال الزيلعي في نصب الراية (1/ 200): «واعلم أن أبا داود لم ينسب عروة في هذا الحديث، كما نسبه ابن ماجه، وأصحاب الأطراف لم يذكروه في ترجمة عروة بن الزبير، وإنما ذكروه في ترجمة عروة المزني
…
». إلخ كلامه رحمه الله.
وأكثر العلماء اعتبروا هذا الحديث إنما هو عن عروة بن الزبير، وأنه منقطع كما سيأتي النقل عنهم.
وقد ذكر الشيخ ياسر آل عيد في فضل الرحيم الودود في تخريج سنن أبي داود (1/ 317): بأن هناك قرينة في الرواية تدل على أن المقصود بعروة هو ابن الزبير؛ لأن عائشة لما ذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه، قال لها: من هي إلا أنت، فضحكت، ولا يجرؤ أحد على هذا في خطابه لأم المؤمنين إلا أن يكون رجلًا من محارمها، مداخلًا لها، دون غيره. إلخ كلامه وفقه الله.
العلة الثالثة: إذا كان الراجح في عروة في هذا الحديث أنه ابن الزبير فإن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير كما صرح بذلك جمع من الأئمة.
قال أحمد، ويحيى بن معين والبخاري وأبو حاتم الرازي والثوري: لم يسمع حبيب بن أبي ثابت من عروة شيئًا. المراسيل لابن أبي حاتم (ص 28)، سنن الترمذي، (1/ 135)، الجرح والتعديل (3/ 107)، سنن البيهقي (1/ 126). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال يحيى بن معين كما في تهذيب الكمال (5/ 362) قال أحمد بن سعيد بن أبي مريم قيل ليحيى: حبيب ثبت؟ قال: نعم إنما روى حديثين. قال: أظن يحيى يريد منكرين: حديث تصلي المستحاضة وإن قطر الدم على الحصير، وحديث القبلة للصائم.
وساق البيهقي بسنده (1/ 126) عن يحيى بن سعيد قال: أما إن سفيان الثوري كان أعلم الناس بهذا، زعم أن حبيبًا لم يسمع من عروة شيئًا.
وروى الدارقطني (1/ 139): عن علي بن المديني قال: سمعت يحيى - يعني: ابن القطان - وذكر عنده حديث الأعمش عن حبيب عن عروة، عن عائشة: تصلي وإن قطر الدم على الحصير، وفي القبلة. قال يحيى: إحك عني أنهما شبه لاشيئ.
ونقله أبو داود (180)، والنسائي في السنن (1/ 104، 105) عن ابن القطان.
كما ضعف هذا الحديث البخاري فيما نقله عنه الترمذي في سننه (1/ 135)، وقال الترمذي: وإنما ترك أصحابنا حديث عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا؛ لأنه لا يصح عندهم لحال الإسناد».
فهذا يحيى بن معين والبخاري والثوري وابن القطان والترمذي يذهبون إلى تضعيف هذا الحديث.
وهناك من أثبت سماع حبيب من عروة بن الزبير.
قال أبو داود في السنن (180): قد روى حمزة الزيات، عن حبيب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة حديثًا صحيحًا. اهـ
قلت: فهذه العبارة يدل منطوقها على أنه لا يصح عن حبيب عن عروة بن الزبير إلا حديث واحد عند أبي داود، ومفهومها أن ما عداها مما رواه حبيب عن عروة بن الزبير فهو ضعيف، وحمزة الزيات، قال ابن حجر فيه: صدوق زاهد ربما وهم. اهـ وقد تكلم فيه بعضهم.
وقال ابن عبدالبر في الاستذكار (3/ 52): وحبيب بن أبي ثابت لا ينكر لقاؤه عروة، لروايته عمن هو أكبر من عروة، وأجل وأقدم موتًا، وهو إمام من أئمة العلماء الجلة.
قلت: قد جزم الأئمة بعدم سماع حبيب بن أبي ثابت من عروة: كسفيان، وأحمد، وابن القطان، والبخاري، ويحيى بن معين، وأبي حاتم الرازي وغيرهم، وليس عند ابن عبد البر إلا مجرد إمكان اللقي، وكم من راو عاصر رواة ولم يسمع منهم، فلا يكفي هذا الاحتمال لرد ما جزم به الأئمة، كما أن كلام الأئمة مقدم على كلام أبي داود في قوله: روى حمزة الزيات، عن حبيب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة حديثًا صحيحًا، لما علمت من الكلام على حمزة الزيات، وعلى التنزل فإنه يحمل على حديث خاص، كما قد يصرح بعض الأئمة بأن فلانًا لم يسمع من فلان إلا حديثًا واحدًا أو حديثين وهكذا، ولا يكون سماعه لحديث واحد مسوغًا لاتصال جميع مروياته، فنحمل كلام أبي داود على هذا جمعًا بين كلام الأئمة أحمد والبخاري وسفيان ويحيى بن سعيد القطان وابن معين والبخاري وأبي حاتم الرزاي وبين كلام أبي داود، فإن ثبت في كلامهم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= التعارض فلا يقدم كلام أبي داود على هذا الجمع فالخطأ من الواحد أقرب من الخطأ من الجماعة، والله أعلم.
فالخلاصة أن الحديث سواء قلنا: إن عروة هو ابن الزبير أو المزني فإن الحديث يبقى فيه علة توجب الرد، فالمزني مجهول، وعن عروة بن الزبير منقطع، والراجح في الحديث أنه من رواية عروة بن الزبير، والله أعلم.
العلة الرابعة: المخالفة في الإسناد والمتن.
أما المخالفة في الإسناد، فقد رواه الأعمش، واختلف عليه فيه:
فرواه أبو بكر بن عياش كما في مسند أبي يعلى (4407)، وتفسير الطبري تحقيق شاكر (8/ 396)، وسنن الدارقطني (1/ 138).
وأبو معاوية كما في معرفة السنن والآثار (1/ 376) من طريق أحمد بن عبد الجبار العطاردي، عنه. والعطاردي ضعيف.
وعلي بن هاشم، كما في سنن الدارقطني (1/ 137)، ثلاثتهم عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة.
ورواه عبد الرحمن بن مغراء، كما في سنن أبي داود (180)، حدثنا الأعمش، حدثنا أصحاب لنا عن عروة المزني، عن عائشة بهذا الحديث: يعني في ترك الوضوء من القبلة.
فانفرد ابن مغراء بأمرين:
أحدهما: وجود واسطة بين الأعمش وعروة.
والثاني: نسبة عروة بالمزني.
ولا تحتمل مخالفة ابن مغراء خاصة فيما يرويه عن الأعمش.
قال علي بن المديني: ليس بشيء، كان يروي عن الأعمش ستمائة حديث، تركناه، لم يكن بذاك، قال ابن عدي تعليقًا على كلام ابن المديني: وهذا الذي قاله ابن المديني هو كما قال، إنما أنكرت عليه أحاديث يرويها عن الأعمش لا يتابعه الثقات عليها. الكامل (4/ 289).
ورواه وكيع عن الأعمش، واختلف على وكيع.
فرواه أحمد كما في مسنده (6/ 210).
وابن أبي شيبة كما في المصنف (1/ 44)، ومن طريقه ابن ماجه (502).
وإسحاق بن رواهوية كما في مسنده (566).
وعثمان بن أبي شيبة كما في سنن أبي داود (179).
وأبو كريب (محمد بن العلاء) كما تفسير الطبري تحقيق شاكر (9630)، وسنن الترمذي (86).
وعلي بن محمد كما في سنن ابن ماجه (502).
وإبراهيم بن عبد الله العبسي كما في سنن البيهقي (1/ 125). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقتيبة، وهناد، وأحمد بن منيع، ومحمود بن غيلان وأبو عمار الحسين بن حريث، كما في سنن الترمذي (86) مجتمعين.
كلهم عن وكيع، عن الأعمش، عن حبيب، عن عروة، عن عائشة، كرواية أبي بكر بن عياش، وعلي بن هاشم.
وقد صرح أحمد في مسنده وابن ماجه في سننه بأن عروة هو ابن الزبير.
وخالفهم ابن أبي عمر العدني، عن وكيع، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة، فزاد في الإسناد الثوري بين وكيع وحبيب بن أبي ثابت.
رواه الدارقطني في العلل (15/ 65) من طريق حامد بن سهل بن الحارث البخاري، حدثنا
…
ابن أبي عمر العدني، حدثنا وكيع، عن سفيان به.
قال الدارقطني: «حدث به شيخ، لأهل بخارى، يعرف بحامد بن سهل، عن ابن أبي عمر العدني، عن وكيع، عن سفيان، عن حبيب، ووهم في قوله سفيان، وإنما رواه وكيع، عن الأعمش» .اهـ
كما رواه حاجب بن سليمان، كما في سنن الدارقطني (1/ 136) عن وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض نسائه، ثم صلى، ولم يتوضأ.
وهذا وهم من حاجب، فإن هشام إنما يرويه عن عروة بالقبلة للصائم، ويرويه حبيب عن عروة، بترك الوضوء من القبلة، فرواه حاجب عن هشام، بلفظ حبيب، فوهم فيه.
هذا فيما يتعلق بالاختلاف في إسناد الحديث.
وأما الاختلاف على لفظ الحديث: فإن حديث عروة، عن عائشة اختلف في لفظه:
فرواه حبييب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة كان يقبل بعض نسائه، ثم يخرج إلى الصلاة، ولا يتوضأ، وسبق تخريجه.
ورواه هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة كان يقبل، وهو صائم، وهذا هو المحفوظ؛ لأن هشامًا مقدم على حبيب مطلقًا، فكيف بما يروياه عن عروة بن الزبير.
فقد رواه مالك في الموطأ (1/ 292)، ومن طريقه أخرجه البخاري (1928)، والشافعي في الأم (1/ 84)، وابن حبان (3537) والبيهقي في السنن (4/ 233).
ورواه أحمد (6/ 192)، والبخاري (1928)، والنسائي في الكبرى (3054)، وابن حبان (3540) من طريق يحيى بن سعيد القطان.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (7410) عن معمر وابن جريج.
وأخرجه الحميدي (198) ومسلم (1206) عن سفيان. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 314) عن شريك.
وأخرجه إسحاق بن راهوية (672) عن أبي معاوية.
وأخرجه الدارمي (1722) من طريق حماد بن سلمة.
وأخرجه أبو يعلى في مسنده (4423) من طريق عمر بن علي.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 91) من طريق سعيد،
وأخرجه البيهقي (1/ 233) من طريق أنس بن عياض، كلهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم.
وأخرجه الدارقطني (1/ 136) عن الحسين بن إسماعيل، أخبرنا علي بن عبد العزيز الوراق، أخبرنا عاصم بن علي، أخبرنا أبو أويس، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنه بلغها قول ابن عمر في القبلة الوضوء، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل، وهو صائم، ثم لا يتوضأ.
قال الدارقطني: لا أعلم حدث به عن عاصم بن علي هكذا غير علي بن عبد العزيز.
قلت: وقد خالف الأئمة الحفاظ الذين تقدم ذكرهم في روايتهم عن هشام على رأسهم مالك والقطان وسفيان وابن جريج وغيرهم.
فهذا طريق عروة، والاختلاف عليه بين حبيب بن أبي ثابت، وهشام، عن عروة، وهنا بعض الطرق عن هشام تركتها اقتصارًا، وكلها طرق ضعيفة، وقد رواه غير عروة، عن عائشة نذكرها باختصار:
الطريق الثاني: أبو سلمة، عن عائشة.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (4686)، والدارقطني في السنن (1/ 135) من طريق سعيد بن بشير، عن منصور بن زاذان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه، ثم يخرج إلى الصلاة، وما يتوضأ.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا منصور، تفرد به سعيد بن بشير.
وقال أبو حاتم الرازي كما في العلل لابنه (108): «هذا حديث منكر، لا أصل له من حديث الزهري، ولا أعلم منصور بن زاذان سمع من الزهري، ولا روى عنه. قال ابن أبي حاتم لأبيه: الوهم ممن هو؟ قال: من سعيد بن بشير» .اهـ
قال الدارقطني: تفرد به سعيد بن بشير، عن منصور، عن الزهري، ولم يتابع عليه، وليس بقوي في الحديث، والمحفوظ عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل، وهو صائم، كذلك رواه الحفاظ الثقات عن الزهري، منهم معمر وعقيل وابن أبي ذئب.
قلت: أما رواية عقيل عن الزهري:
فرواه الإمام أحمد في المسند (6/ 223)، والنسائي في الكبرى (3057)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 91) من طريق ليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة عن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها، وهو صائم.
واختلف على عقيل في إسناده، فرواه ليث بن سعد كما تقدم.
وخالفه أحمد بن عمرو بن السرح كما في سنن النسائي الكبرى (3056) فرواه عن خاله وجادة، عن عقيل، عن ابن شهاب، أخبره عن عروة، عن عائشة، فذكر عروة بدلًا من أبي سلمة. ورواية ليث هي الصواب.
وأما رواية ابن أبي ذئب، عن الزهري:
فرواه أبو داود الطيالسي ط هجر (1579) وأحمد (6/ 310)، والنسائي في الكبرى (3047) من طريق ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلني، وهو صائم.
وأما رواية معمر، فقد اختلف عليه في إسناده:
فرواها عبد الرزاق (7408) ومن طريقه إسحاق بن راهوية (1062)، وأحمد (6/ 232)، والطبراني في الأوسط (4686) وابن حبان (3545).
وأخرجه النسائي في الكبرى (3058) من طريق يزيد بن زريع، كلاهما (عبد الرزاق ويزيد ابن زريع) عن معمر، الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه، وهو صائم.
وخالفهما عيسى بن يونس، كما في سنن الدارقطني (1/ 142) فرواه عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة عن عروة، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل، وهو صائم، ثم يصلي، ولا يتوضأ. قال الدارقطني: هذا خطأ من وجوه.
وقال في العلل: وهم في إسناده ومتنه، فأما وهمه في إسناده فقوله: عن أبي سلمة، عن عروة، وإنما رواه عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة.
وأما قوله في متنه: (ولا يتوضأ) فهو وهم أيضًا، والمحفوظ كان يقبل، وهو صائم. انظر العلل للدارقطني (5/ ورقة 148).
وتابع الزهري يحيى بن أبي كثير، فرواه عن أبي سلمة، عن عائشة بالقبلة للصائم، إلا أنه قد اختلف فيه على يحيى بن أبي كثير.
فرواه الأوزاعي، عن يحيى، واختلف على الأوزاعي فيه:
فرواه يزيد بن سنان كما في تفسير ابن جرير (9638)، والطبراني في الأوسط (3805)، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أم سلمة في القبلة للصائم.
ويزيد بن سنان ضعيف.
ورواه بشر بن بكر، كما في شرح معاني الآثار للطحاوي (2/ 91)،
ومبشر بن إسماعيل، وهقل كما في العلل للدارقطني (15/ 144) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ويحيى بن عبد الله البابلتي كما في تاريخ بغداد (8/ 455) ثلاثتهم رووه عن الأوزاعي، عن يحيى ابن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة بالقبلة للصائم.
ورواه الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، واختلف عليه فيه:
فرواه محمود بن خالد الدمشقي، كما في السنن الكبرى للنسائي (3049)
ومحمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي كما في شرح معاني الآثار للطحاوي (2/ 91)، كلاهما عن الوليد بن مسلم، حدثنا أبو عمرو (الأوزاعي) عن يحيى، قال: حدثني أبو سلمة، قال: حدثتني عائشة، وهذا الإسناد موافق لرواية بشر بن بكر ومن معه، عن الأوزاعي، والوليد بن مسلم مقدم في الأوزاعي إذا صرح بالتحديث.
وخالفهما يزيد بن عبد الله بن رزيق الشامي كما في مستخرج أبي عوانة (2872) عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، أن عمر بن عبد العزيز أخبره، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم.
فرجع خبر الأوزاعي إلى خبر عروة، عن عائشة، وهو المحفوظ.
ويزيد بن عبد الله وإن كان لم يوثقه إلا ابن حبان، وقد خالفه في الوليد بن مسلم محمود بن خالد الدمشقي، ومحمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي، كما خالف رواية بشر بن بكر ومبشر بن إسماعيل وهقل والبابلتي في روايتهم عن الأوزاعي، وهؤلاء مقدمون على يزيد بن عبد الله إلا أن الأوزاعي قد تكلم في روايته عن يحيى بن أبي كثير، جاء في شرح علل الترمذي (2/ 677):«ذكر أحمد في رواية غير واحد من أصحابه أن الأوزاعي كان لا يقيم حديث يحيى بن أبي كثير. ولم يكن عنده في كتاب، إنما كان يحدث به من حفظه، ويهم فيه .... وحديثه عن يحيى بن أبي كثير مضطرب، قاله الإمام أحمد والبخاري» .
فيكون الحمل في هذا الاختلاف على الأوزاعي، ومتابعة الحفاظ من غير طريق الأوزاعي ليزيد ابن عبد الله في ذكر عمر بن عبد العزيز في إسناده يقوي أمره.
فقد رواه معاوية بن سلام كما في صحيح مسلم (1106)، والسنن الكبرى للنسائي (3055)، والطبراني في مسند الشاميين (2828) عن يحيى، عن أبي سلمة، أن عمر بن عبد العزيز أخبره، عن عروة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها، وهو صائم.
ورواه شيبان واختلف عليه فيه:
فرواه حسن بن موسى كما في مسند أحمد (6/ 279)، وصحيح مسلم (69 - 1106)،
وعبيد الله بن موسى كما في السنن النسائي الكبرى (3054)، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن عمر ابن عبد العزيز به، كما رواه معاوية بن سلام.
قال البخاري كما في العلل الكبير (117): «وكأن حديث شيبان عندي أحسن» . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال الدارقطني في العلل (15/ 144): «والقول قول شيبان ومن تابعه ممن ذكر فيه عمر بن عبد العزيز» .
ورواه سعد بن حفص كما في صحيح البخاري (322)، عن شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، بذكر القبلة للصائم، والنوم مع الحائض، والاغتسال من إناء واحد.
وتابع شيبان على هذا الإسناد واللفظ كل من:
هشام الدستوائي كما في مسند أحمد (6/ 310)، وإسحاق بن راهوية (1838)، وصحيح البخاري (1929)، ومسند الدارمي (1045).
وهمام كما في مسند أحمد (6/ 300)، كلاهما عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن زينب ابنة أم سلمة، عن أم سلمة.
ورجح ابن عبد البر هذا الطريق على غيره، فقال في التمهيد (5/ 123):«وهشام الدستوائي أثبت من روى عن يحيى بن أبي كثير، وقد تابعه همام وغيره، وروايته بهذا الحديث أولى من رواية من خالفه بالصواب، والله أعلم» .
قلت هشام الدستوائي قد اختلف عليه في رواية هذا الحديث، وقد رد هشام الدستوائي الحديث إلى عروة، عن عائشة، وإليك بقية الاختلاف على هشام الدستوائي:
فروي عنه كما سبق من مسند أم سلمة.
ورواه إسحاق بن يوسف، عن هشام الدستوائي، واختلف فيه على إسحاق:
فرواه النسائي في الكبرى (3050) أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام الطرسوسي، قال: حدثنا إسحاق بن يوسف، عن هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن عائشة، بدون ذكر عروة.
وخالفه أحمد بن حنبل (6/ 241) فرواه عن إسحاق بن يوسف، به، وزاد في إسناده عروة بين أبي سلمة، وعائشة،
وتابع أحمد على زيادة عروة كل من:
يحيى بن سعيد القطان كما في مسند أحمد (6/ 193)، والسنن الكبرى للنسائي (3063)،
وخالد بن الحارث، كما في سنن النسائي الكبرى (3052)
والنظر بن شميل كما في مسند إسحاق بن راهويه (843).
وعبد الملك بن عمرو العقدي كما في مسند أحمد (6/ 252) أربعتهم رووه عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير به، بزيادة عروة، فرجع طريق هشام إلى طريق عروة، عن عائشة.
وكل هذه الطرق على اختلافها هي في القبلة للصائم، وليس في ترك الوضوء من القبلة، مما يؤكد خطأ حبيب بن أبي ثابت، عن عروة ولم نستقص طرق حديث القبلة للصائم؛ لأن الباب في نواقض الوضوء، والصوم باب آخر، والله أعلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الطريق الثالث: عطاء، عن عائشة.
أخرجه البزار في مسنده كما في نصب الراية (1/ 74) قال: حدثنا إسماعيل بن يعقوب بن صبيح، حدثنا محمد بن موسى بن أعين، حدثنا أبي، عن عبد الكريم الجزري، عن عطاء، عن عائشة أنه عليه السلام كان يقبل بعض نسائه، ولا يتوضأ.
وهذا إسناد ضعيف؛ لأن الجزري وإن كان ثقة إلا أنه متكلم في روايته عن عطاء، فقد نقل ابن عدي عن الدوري، قوله: سمعت يحيى يقول: أحاديث عبد الكريم عن عطاء رديئة. قال ابن عدي: وهذا الحديث الذي ذكره يحيى بن معين عن عبد الكريم عن عطاء هو ما رواه عبيد الله بن عمرو الرقي، عن عبد الكريم، عن عطاء، عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبلها ولا يحدث وضوءًا: إنما أراد ابن معين هذا الحديث؛ لأنه ليس بمحفوظ، ولعبد الكريم أحاديث صالحة مستقيمة يرويها عن قوم ثقات، وإذا روى عنه الثقات فحديثه مستقيم. الكامل (5/ 341).
الطريق الرابع: إبراهيم التيمي، عن عائشة.
وروى عبد الرزاق (511)، وأحمد (6/ 210) وابن أبي شيبة (1/ 45)، والدارقطني (1/ 139، 141) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 126)، وفي الخلافيات (439) من طريق سفيان الثوري.
ورواه أبو داود (178) والنسائي (170)، وفي الكبرى (155) من طريق يحيى بن سعيد القطان.
ورواه أبو داود (178) والدارقطني (1/ 139) من طريق عبد الرحمن بن مهدي.
ورواه الدارقطني (1/ 139) من طريق أبي عاصم الضحاك ومحمد بن جعفر، كلهم أعني:(الثوري والقطان وابن مهدي وأبو عاصم ومحمد بن جعفر) رووه عن أبي روق الهمداني، عن إبراهيم التيمي، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل، ثم صلى، ولم يتوضأ.
وهذا إسناد ضعيف، إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة، قاله أبو داود في السنن وغيره.
قال النسائي: ليس في هذا الباب حديث أحسن من هذا الحديث، وإن كان مرسلًا. اهـ
قلت: وهذا ذهاب من الإمام النسائي رحمه الله إلى تضعيف حديث حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة، خاصة أنه قال بعد هذا الكلام متصلًا بالكلام السابق: وقد روى الحديث الأعمش، عن حبيب، عن عروة، عن عائشة، قال يحيى القطان: حديث حبيب لا شيء. ولم يتعقبه بشيء.
وقد اختلف على أبي روق هذا، فرواه عنه من تقدم مرسلًا عن إبراهيم التيمي، عن عائشة،
ورواه البيهقي في الخلافيات (445) من طريق معاوية بن هشام، عن الثوري، عن روق، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها، وهو صائم، فوصل الحديث. =