الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الدليل الرابع:
(437 - 291) ما رواه أحمد، قال: حدثنا عبد الجبار بن محمد (يعني: الخطابي) حدثني بقية، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه،
عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مس ذكره فليتوضأ، وأي امرأة مست فرجها فلتتوضأ
(1)
.
[ضعيف ضعفه أحمد، وصححه البخاري]
(2)
.
(1)
المسند (2/ 223).
(2)
دراسة الإسناد:
الأول: عبد الجبار بن محمد، ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه جماعة، انظر تعجيل المنفعة (603).
ولم ينفرد به بل تابعه جماعة منهم الإمام إسحاق بن راهوية، وأحمد بن الفرج الحمصي، والخطاب ابن عثمان الفوزي.
الثاني: انفرد به بقية، عن الزبيدي، وهو ثقة في حديثه عن الشاميين، صدوق في غيرهم، وشيخه هنا شامي، وأما ما يتهم به من تدليس التسوية فذاك مشهور عنه، فلا بد أن يصرح بالتحديث من شيخه وشيخ شيخه، وقد صرح في إسناد ابن الجارود في المنتقى بالتحديث من شيخه الزبيدي، وصرح الزبيدي بالتحديث من شيخه عمرو بن شعيب، وأما عنعنة عمرو عن أبيه، وعنعنة أبيه عن جده فلا يتحملها بقية؛ لأن رواية عمرو عن أبيه عن جده أكثرها صحيفة، فهي تروى هكذا بالعنعنة، فلا تكون تبعتها على بقية، وسند عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مختلف فيه، والذي أميل إليه أن هذا الإسناد من قبيل الحسن إذا لم يتفرد بأصل.
[تخريج الحديث].
الحديث رواه أحمد (2/ 223) حدثنا الجبار بن محمد الخطابي.
والطبراني في مسند الشاميين (1831)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 210)، والحازمي في الاعتبار (ص: 44) من طريق إسحاق بن راهوية.
وأخرجه ابن الجارود في المنتقى (19) والدارقطني (1/ 147)، والبيهقي في السنن
(1/ 132)، وابن شاهين في منسوخ الحديث ومنسوخه (108) عن أحمد بن الفرج الحمصي.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 75) من طريق الخطاب بن عثمان الفوزي، كلهم عن بقية بن الوليد، عن الزبيدي به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ولم يصرح أحد باسم الزبيدي إلا الجبار بن محمد الخطابي، فإنه قال: محمد بن الوليد الزبيدي، وهو فيه لين، وقد كان لبقية ثلاثة شيوخ ينتسبون للزبيدي، اثنان منهم ضعيف، وثالثهم محمد ابن الوليد الزبيدي الثقة، فربما دلس فقال: حدثنا الزبيدي، فيظن أنه محمد بن الوليد.
قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 824): «ومنهم: بقية بن الوليد، وهو من أكثر الناس تدليسًا وأكثر شيوخه الضعفاء مجهولون لا يعرفون، وكان ربما روى عن سعيد بن عبد الجبار الزبيدي أو عن زرعة بن عمرو الزبيدي، وكلاهما ضعيف الحديث، فيقول: حدثنا الزبيدي فيظن أنه محمد بن الوليد الزبيدي، صاحب الزهري» .
واختلف العلماء في صحة هذا الحديث،
فضعفه الإمام أحمد، جاء في المغني لابن قدامة:«قال المروذي: قيل لأبي عبد الله: الجارية إذا مست فرجها أعليها وضوء؟ قال: لم أسمع في هذا بشيء. قلت لأبي عبد الله: حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ؟ فتبسم، وقال: هذا حديث الزبيدي، ليس حديثه بذاك» .
وقول الإمام أحمد: ليس حديثه بذاك، يشير إلى أن الزبيدي رجل ضعيف، لأن كلمة (حديثه) تشمل كل حديثه، ولو كان محمد بن الوليد الثقة لم يكن الحمل عليه في تضعيف الحديث، ولكان الحمل فيه على بقية، فهو أضعف رجل في الإسناد، فلا ينجو منه بقية إلا إذا كان الزبيدي أضعف من بقية، لأن كل واحد منهم قد انفرد بهذا الحديث، فالزبيدي قد انفرد به عن عمرو بن شعيب، وبقية قد انفرد به عن الزبيدي.
هذا سبيل من ضعف الحديث.
وأما من صحح الحديث، فقد قال الترمذي في العلل الكبير (1/ 161): قال محمد -يعني البخاري- حديث عبد الله بن عمرو في مس الذكر هو عندي صحيح. اهـ
وقال الحازمي: هذا إسناد صحيح؛ لأن إسحاق بن إبراهيم إمام غير مدافع، وقد أخرجه في مسنده، وبقية ثقة في نفسه، وإذا روى عن المعروفين فمحتج به، وقد أخرج مسلم بن الحجاج فمن بعده من أصحاب الصحاح حديثه محتجين به، والزبيدي هو من محمد بن الوليد قاض دمشق من ثقات الشاميين محتج به في الصحاح كلها، وعمرو بن شعيب ثقة باتفاق أئمة الحديث وإذا روى عن غير أبيه لم يختلف أحد في الاحتجاج به، وأما روايته عن أبيه، عن جده فالأكثر على أنها متصلة، ليس فيها إرسال ولا انقطاع .... إلخ كلامه رحمه الله.
وعلى فرض أن يكون الزبيدي هو محمد بن الوليد الثقة فإن ما يرويه عنه بقية مما اختلف العلماء في تصحيحه، وليس من الصحيح المتفق عليه،
قال الخليلي في الإرشاد (1/ 199) في ترجمة محمد بن الوليد: «روى عنه الكبار، وهو حجة إذ كان الراوي عنه ثقة؛ فإذا كان غير قوي مثل بقية وأقرانه فلا يتفق عليه» . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقول الخليلي: فلا يتفق عليه إشارة إلى اختلاف العلماء في الاحتجاج بما ينفرد به بقية عن الزبيدي دون سائر أصحابه، وهذا الحديث مما انفرد به بقية عن الزبيدي.
هذا ما يتعلق بحديث الزبيدي.
وأخرجه البيهقي (1/ 132، 133) من طريق حمزة بن ربيعة، حدثنا يحيى بن راشد، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب، فذكر بإسناده ومعناه. قال البيهقي: وهكذا رواه عبد الله بن المؤمل، عن عمرو.
قلت: هكذا قال البيهقي: فذكر بإسناده ومعناه، وظاهر فعل البيهقي أن الإسناد هو نفس إسناد حديث الزبيدي ومعناه، وبالرجوع إلى كتب السنة لمعرفة الإسناد والمعنى وجدت فيه بعض المخالفة التي لم ينبه عليها البيهقي رحمه الله تعالى.
فقد روى الطبراني كما في مجمع البحرين (452) حديث عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن بسرة بنت صفوان سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة تدخل يدها في فرجها، فقال: عليها الوضوء.
فذكر بسرة في الحديث، وإن كان الحديث لا زال يعتبر من مسند عبد الله بن عمرو،
وفي الإسناد أيضًا سليمان بن داود المنقري، وهو متروك،
وفيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وهو صدوق يخطئ، وقد رمي بالقدر، وتغير بآخره.
وتابعه عبد الله بن المؤمل كما في شرح معاني الآثار (1/ 75)، وعبد الله ضعيف.
فالمعروف من حديث عمرو بن شعيب، أن بسرة ليس لها ذكر في الحديث، إلا من هذين الطريقين.
ورواه المثنى بن الصباح، وجعل الحديث من مسند بسرة، وخالف في إسناده أيضًا، فقد رواه إسحاق بن راهوية (5/ 68) والبيهقي (1/ 133) من طريق المثنى بن الصباح، عن عمرو ابن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن بسرة بنت صفوان إحدى نساء بني كنانة، أنها قالت: يا رسول الله كيف ترى في إحدانا تمس فرجها، والرجل يمس ذكره بعد ما يتوضأ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: تتوضأ يا بسرة بنت صفوان. قال عمرو: وحدثني سعيد بن المسيب أن مروان أرسل إليها ليسألها، فقالت: وعني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده فلان وفلان وفلان وعبد الله ابن عمرو، فأمرني بالوضوء.
وهذا إسناد منكر تفرد به المثنى بن الصباح، وهو ضعيف، وقد خالف فيه من هو أوثق منه: محمد بن الوليد الزبيدي في إسناده ومتنه. قال البيهقي: خالفهم المثنى بن الصباح عن عمرو في إسناده، وليس بالقوي. اهـ
وانظر إتحاف المهرة (11703)، أطراف المسند (4/ 50).