الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقصى ما يدل عليه الفعل إذا كان على وجه التعبد، ولم يكن بيانًا لمجمل أن يدل على الاستحباب، ولذلك لما تيمم الرسول صلى الله عليه وسلم لرد السلام، لم يقل أحد بوجوب التيمم لرد السلام.
وقال ابن المنذر: «وليس يخلو هذا الحديث من أمرين: إما أن يكون ثابتًا، أو غير ثابت. فإن كان ثابتًا فليس فيه دليل على وجوب الوضوء منه؛ لأن في الحديث أنه توضأ، ولم يذكر أنه أمر بالوضوء منه، كما أمر بالوضوء من سائر الأحداث.
وإن كان غير ثابت، فهو أبعد من أن يجب فيه فرض»
(1)
.
ثانيًا: أن الاستدلال بهذا الحديث مبني على أن القيء نجس، والقيء ليس بنجس على الصحيح، بل هو طاهر، وقد بينت طهارته ولله الحمد في كتاب أحكام النجاسات.
الثالث: أن القيء لا يفطر إلا ما كان منه على وجه التعمد، والحديث المحفوظ فيه أنه قاء، وليس استقاء إلا أن يكون ذلك في صيام النفل، ولا سبيل إلى معرفته من الحديث.
الرابع: أن الوضوء قد يكون بعد القيء من أجل النظافة وإزالة القذر الذي يبقى في الفم، وربما في الأنف، وما يصيب البدن منه، لا من أجل كون القيء حدثًا ناقضًا للوضوء، فلا نستطيع أن نحكم على من تطهر بموجب الكتاب والسنة، أن نحكم عليه بفساد عبادته إلا بدليل من كتاب أو سنة أو إجماع، والله أعلم.
*
الدليل الثالث:
(392 - 246) ما رواه ابن ماجه، من طريق إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة،
عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي
(1)
الأوسط (1/ 189).
فلينصرف، فليتوضأ، ثم ليبن على صلاته، وهو في ذلك لا يتكلم
(1)
.
[ضعيف والمعروف أنه مرسل]
(2)
.
(1)
سنن ابن ماجه (1221).
(2)
الحديث له علتان:
أحدهما: أنه من رواية إسماعيل بن عياش عن غير أهل بلده، وقد ضعفه أهل الحديث إذا روى عن غير أهل الشام انظر تهذيب التهذيب (1/ 282).
الثاني: على ضعف إسناده قد اختلف فيه على إسماعيل بن عياش، فروي عنه موصولًا، ومرسلًا، والموصول:
قيل: عنه، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة.
رواه ابن ماجه (1221) من طريق الهيثم بن خارجة.
وابن أبي عدي في الكامل (1/ 296، 297)، ومن طريقه البيهقي (1/ 142) من طريق هشام ابن عمار،
والطبراني في الأوسط (5429) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 255)، من طريق داود بن رشيد.
ورواه الدارقطني في السنن (1/ 154) من طريق الربيع بن نافع،
والبيهقي في الخلافيات (619) وفي المعرفة (215) من طريق أبي الربيع، أربعتهم عن إسماعيل ابن عياش، عن ابن جريج، عن ابن مليكة، عن عائشة.
وقيل: عنه، عن ابن جريج، عن أبيه، عن عائشة.
أخرجه البيهقي (1/ 142) من طريق الوليد بن مسلم، أخبرني إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن أبيه، عن عائشة.
فهنا جعل إسماعيل الحديث يرويه ابن جريج، عن أبيه، وقد قال قبل: عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة.
وأخرجه الدارقطني (1/ 153، 154) ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (1/ 188) من طريق داود بن رشيد، عن إسماعيل بن عياش، حدثني عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، عن أبيه وعن عبد الله بن أبي مليكة به. وهنا داود بن رشيد جمع عبد العزيز بن جريج وابن أبي مليكة في إسناد.
ورواه الدارقطني (1/ 154) من طريق الربيع بن نافع، عن إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره مرسلًا.
وكان الدارقطني قد رواه بنفس الإسناد من طريق الربيع بن نافع، فجعله عن ابن أبي مليكة، عن عائشة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقيل: عنه، عن ابن جريج، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، .
فقد رواه الدارقطني (1/ 154) من طريق محمد بن المبارك.
ورواه الدارقطني أيضًا (1/ 154) من طريق محمد بن الصباح، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
وقيل: عن إسماعيل بن عياش، عن عباد بن كثير وعطاء بن عجلان، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة.
رواه الدارقطني (1/ 154) من طريق إسماعيل بن عياش، عن عباد بن كثير وعطاء بن عجلان، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة به.
ومع كون عباد بن كثير وعطاء بن عجلان ضعيفين فإن هذا الاختلاف ناتج عن تخليط إسماعيل ابن عياش رحمه الله تعالى.
فواضح اضطراب إسماعيل بن عياش فيه، فإذا أردت أن تقف على الراجح من هذه الطرق، فإنك تجد أصحاب ابن جريج قد رووه عن ابن جريج، عن أبيه مرسلًا، فيكون هذا هو المعروف من رواية إسماعيل، والله أعلم، فقد رواه:
عبد الرزاق كما في المصنف (3618) ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الدارقطني (1/ 155)، والبيهقي (1/ 142)
وأبو عاصم النبيل، كما في سنن الدارقطني (1/ 155)، والبيهقي (1/ 142).
ومحمد بن عبد الله الأنصاري كما في سنن الدارقطني (1/ 155)، والبيهقي (1/ 142).
وعبد الوهاب بن عطاء، كما في سنن الدارقطني (1/ 155).
وسليمان بن أرقم كما في سنن الدارقطني (1/ 155) كلهم رووه عن ابن جريج، عن أبيه، مرسلًا. وكل هؤلاء ثقات إلا سليمان بن أرقم فإنه متروك، وعبد الوهاب فإنه صدوق.
وقد رجح إرساله أبو حاتم الرازي في العلل لابنه (1/ 31).
وجاء في سنن البيهقي (1/ 142): قال أبو طالب أحمد بن حميد: سألت أحمد بن حنبل عن حديث ابن عياش، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قاء أو رعف. الحديث، فقال: هكذا رواه ابن عياش، وإنما رواه ابن جريج عن أبيه، ولم يسنده عن أبيه، ليس فيه ذكر عائشة. اهـ والنص نفسه نقله ابن عدي في الكامل (1/ 292).
وقال الدارقطني في سننه (1/ 154): أصحاب ابن جريج الحفاظ عنه يروونه عن ابن جريج، عن أبيه مرسلًا.
وقال البيهقي (2/ 255): وهذا الحديث أحد ما أنكر على إسماعيل بن عياش، والمحفوظ ما رواه الجماعة عن ابن جريج، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، كذلك رواه محمد بن عبد الله الأنصاري وأبو عاصم النبيل، وعبد الرزاق، وعبد الوهاب بن عطاء وغيرهم، عن ابن جريج. =