الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الخامس في الكلام على الأنف والفم
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
- حد الوجه لا يشمل داخل العين والأنف والفم؛ لأن الأنف والفم من الباطن حسًا، وإنما اعتبرا في حكم الخارج في الصيام؛ لأن الصيام متعلق بوصول الماء إلى المعدة بخلاف الوضوء.
- إذا أمر بالاستنثار فلا يدل على أن الاستنشاق واجب إلا بقرينة، كما أنه إذا أمر بالجهر بالقراءة لم يدل ذلك بمجرده على وجوب القراءة، وإذا أمر برفع الصوت بالتلبية لم يدل على وجوب التلبية، وإذا أمر بالمبالغة في المضمضة لم يكن يدل ذلك على وجوب المضمضة.
[م-155] أما ظاهر الأنف وحمرة الشفتين الظاهرة فهما من الوجه، فيجب غسلهما لدخولهما في حد الوجه طولًا وعرضًا، وأما باطن الأنف وداخل الفم فهل يدخلان في الوجه، فتكون المضمضة والاستنشاق واجبين في الوضوء؟ أو لا يدخلان في حد الوجه، كما لا يدخل باطن العينين فيه؟ فتكون المضمضة والاستنشاق سنة، وقبل نقل خلاف العلماء في المضمضة والاستنشاق ينبغي أن أبين أن المضمضة والاستنشاق مجمع على مشروعيتهما في الوضوء، وإنما الخلاف في وجوبهما.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: والذي عليه المسلمون أن الاستنشاق والمضمضة من سنة الوضوء التي لا يجوز تركها
(1)
.
وقال ابن عبد البر: أجمع المسلمون طرًا: أن الاستنشاق والاستنثار من الوضوء، وكذلك المضمضة ومسح الأذنين
(2)
.
وقال ابن حزم: واتفقوا على أن من غسل يديه ثلاثًا ثم مضمض ثلاثًا ثم استنشق ثلاثًا .... أنه قد أدى ما عليه في الأعضاء المذكورة
(3)
.
وأما الخلاف في وجوبهما فقد اختلف أهل العلم فيهما على أقوال:
فقيل: المضمضة والاستنشاق سنة في الوضوء وفي الغسل، وهو مذهب المالكية والشافعية.
وقيل: واجبان في الوضوء والغسل، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
هذان قولان متقابلان.
وفيه قولان آخران متقابلان أيضًا:
فقيل: المضمضة والاستنشاق سنة في الوضوء، واجبان في الغسل، وهذا مذهب الحنفية.
وقيل: واجبان في الوضوء دون الغسل.
وقيل: المضمضة سنة، والاستنشاق واجب فيهما.
والراجح: أن المضمضة والاستنشاق سنة في الوضوء وفي الغسل، والله أعلم.
وانظر أدلة الأقوال في سنن الوضوء، فقد ذكرتها هناك.
* * *
(1)
الطهور (ص: 213).
(2)
التمهيد (18/ 225).
(3)
مراتب الإجماع (ص: 18).