الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث في صفة تخليل اللحية
[م-119] لم يرد في صفة تخليل اللحية حديث صحيح، والأحاديث الواردة في صفة التخليل ضعيفة، وقد تبين معنى التخليل لغة، وأن أصله: إدخال الشيء في خلال الشيء، وتخليل لحيته: يعني إدخال الماء بين شعرها حتى يصل إلى بشرته بأصابعه
(1)
.
وأما الأحاديث التي جاء فيها صفة التخليل فقد سبق تخريجها وبيان ضعفها، منها:
حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفًا من ماء، فادخله تحت حنكه، فخلل بها لحيته.
وحديث ابن عمر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ عرك بعض العراك، ثم شبك بأصابعه من تحتها.
وحديث جابر يخلل لحيته بأصابعه كأنها أنياب مشط، وهو ضعيف جدًّا.
وحديث أبي أيوب: مسح لحيته من تحتها بالماء. ومثله حديث كعب بن عمرو: مسح باطن لحيته. وكلها سبق تخريجها.
هذا في ما يتعلق بصفة التخليل من خلال الآثار.
(1)
اللسان (1/ 213).
وأما صفة التخليل عند الفقهاء فهي كالتالي:
فقيل: كيفية التخلل تفريق شعرها من أسفل إلى فوق
(1)
.
وفي المنح: أن يدخل أصابع اليد في فروجها التي بين شعراتها من أسفل إلى فوق بحيث يكون كف اليد الخارج، وظهرها إلى المتوضئ
(2)
.
وقيل: صفة التخليل أن يأخذ كفا من ماء فيضعه من تحتها، أو من جانبيها بأصابعه مشبكة فيها، زاد بعضهم: ويعركها. وعليه أكثر الحنابلة
(3)
.
(1)
حاشية ابن عابدين (1/ 117) البحر الرائق (1/ 22). وفي الفتاوى الهندية (1/ 7): «وكيفيته: أن يدخل أصابعه فيها، ويخلل من الجانب الأسفل إلى فوق، وهو المنقول عن شمس الأئمة الكردي رحمه الله تعالى. كذا في المضمرات» . اهـ
وقال النووي في المجموع (1/ 410): «قد ذكرنا أن التخليل سنة، ولم يذكر الجمهور كيفيته، وقال السرخسي: يخللها بأصابعه من أسفلها، قال: ولو أخذ للتخليل ماء آخر كان أحسن، ويستدل لما ذكره من الكيفية بحديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفًا من ماء، فأدخله تحت حنكه، فخلل بها لحيته، وقال: هكذا أمرني ربي. قال النووي: رواه
…
أبو داود، ولم يضعفه، وإسناده حسن أو صحيح، والله أعلم». اهـ
ويظهر أن النووي اعتمد على سكوت أبي داود، وقد تكلمت على إسناده، وقد يسكت أبو داود على حديث، ولا يكون صالحًا، إما لظهور ضعف الحديث عند أهله، وإما لاختلاف النسخ، وإما لأنه تكلم على الراوي في موضع آخر، ولا يحب أن يكرر الكلام، أو لغيره من الاعتبارات، المهم أن هناك أحاديث قد سكت عليها أبو داود وهي ظاهرة الضعف، والله أعلم.
(2)
حاشية ابن عابدين (1/ 117) واستشكله ابن عابدين بما رواه أبو داود، عن أنس كان صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أخذ كفا من ماء تحت حنكه، فخلل به لحيته، وقال: بهذا أمرني ربي. ذكره في البحر وغيره، والمتبادر منه إدخال اليد من أسفل، بحيث يكون كف اليد للداخل من جهة العنق، وظهرها إلى الخارج، ليمكن إدخال الماء المأخوذ في خلال الشعر، ولا يمكن ذلك على الكيفية المارة، فلا يبقى لأخذه فائدة، فليتأمل. وما في المنح عزاه إلى الكفاية. والذي رأيته في الكفاية هكذا، وكيفيته: أن يخلل بعد التثليث من حيث الأسفل إلى فوق».اهـ
(3)
الإنصاف (1/ 134)، وذكر ابن قدامة في المغني (1/ 149): سألت أحمد عن التخليل؟ فأراني من تحت لحيته، فخلل بالأصابع. وقال حنبل: من تحت ذقنه من أسفل الذقن يخلل جانبي لحيته جميعًا بالماء، ويمسح جانبيها وباطنها. وقال أبو الحارث: إن شاء خللها مع وجهه، وإن شاء إذا مسح رأسه. اهـ
وقيل: يخللها من ماء الوجه، ولا يفرد لذلك ماء، ويكون ذلك عند غسلهما. وإن شاء إذا مسح رأسه، وهو قول في مذهب الحنابلة
(1)
.
وهل يخللها باليد اليمنى أو بكلا يديه؟ قولان للفقهاء
(2)
.
* * *
(1)
المرجعان السابقان.
(2)
قال ابن عابدين في حاشيته (1/ 117): «ثم اعلم أن هذا التخليل باليد اليمنى كما صرح به في الحلية، وهو ظاهر. وقال في الدرر: إنه يدخل أصابع يديه من خلال لحيته، وهو خلاف ما مر فتدبر» .