الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ضعيف، والصحيح وقفه]
(1)
.
*
الدليل الرابع:
(478 - 332) ما رواه أبو يعلى، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة، حدثنا معتمر بن سليمان، عن ليث، عن مولى لموسى بن طلحة - أو عن ابن لموسى ابن طلحة - عن أبيه،
عن جده قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ من ألبان الإبل ولحومها ولا يصلي في أعطانها ولا يتوضأ من لحوم الغنم وألبانها ويصلي في مرابضها
(2)
.
[ضعيف]
(3)
.
*
الدليل الخامس:
(479 - 333) ما رواه الطبراني في المعجم الكبير من طريق سليمان بن داود الشاذكواني، حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن موهب، عن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن جابر بن سمرة،
عن أبيه سمرة السوائي، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إنا أهل بادية
(1)
في إسناده عطاء بن السائب، وقد تغير بآخرة، والراوي عنه خالد بن يزيد، قال: ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 176): وهو غير مشهور.
وقد اختلف فيه على عطاء بن السائب، فرواه بقية، عن خالد بن يزيد عن عطاء بن السائب مرفوعًا، كما في إسناد الباب.
ورواه ابن إسحاق كما ذكر ذلك ابن أبي حاتم في العلل (48)، قال: حدثني عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر موقوفًا، قال ابن أبي حاتم في العلل (48): حديث ابن إسحاق أشبه موقوفًا».اهـ
وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 176): «وقد روي هذا الحديث موقوفًا على ابن عمر، وهو أشبه» .
(2)
مسند أبي يعلى (632).
(3)
في الإسناد أكثر من علة، أحدها أن مداره على ليث بن أبي سليم، وهو مشهور الضعف. والثاني: أن في الإسناد مبهم. قال الهيثمي في المجمع (1/ 250): رواه أبو يعلى، وفيه رجل لم يسم.
وماشية، فهل نتوضأ من لحوم الإبل وألبانها؟ قال: نعم. قال: فهل نتوضأ من لحوم الغنم وألبانها؟ قال: لا
(1)
.
[إسناده منكر]
(2)
.
ويكفي في الباب حديث جابر بن سمرة وحديث البراء بن عازب رضي الله عنهما.
• وأجاب الجمهور عن هذه الأحاديث بأجوبة، منها:
أن المقصود بالوضوء ليس الوضوء الشرعي، وإنما المراد غسل الأيدي من لحوم الإبل.
• ويجاب عن هذا:
أولًا: بأن الكلام إذا صدر من الشارع فالأصل حمله على الحقيقة الشرعية، فإن تعذر حمل على الحقيقة اللغوية، ولا يوجد هنا سبب يحملنا على صرف الكلام عن حقيقته الشرعية إلى حقيقته اللغوية.
ثانيًا: أن السؤال عن الوضوء من لحومها قرن بالسؤال عن الصلاة في أعطانها مما يدل على أن المراد بالوضوء الوضوء الشرعي المتعلق بالصلاة.
ثالثًا: لو كان المقصود بالوضوء هو غسل الأيدي لكان غسل الأيدي من لحوم الغنم أولى من غسلها من لحوم الإبل، وذلك أن نسبة الدهون في لحوم الغنم أكثر منها في لحوم الإبل، وهذا أمر معروف عند كل من يتعاطى أكل لحوم الإبل.
رابعًا: أن غسل الأيدي ليس واجبًا لا في لحوم الإبل ولا في لحوم الغنم، فلماذا يترك الشارع غسل الأيدي من لحوم الغنم إلى مشيئة الفاعل، ولا يترك هذا الأمر في
(1)
المعجم الكبير (7/ 270) رقم 7106.
(2)
الإسناد فيه سليمان بن داود الشاذكواني، وهو متروك، والمعروف أن الحديث من مسند جابر بن سمرة، وليس من مسند أبيه، وقد سبق تخريج حديث جابر بن سمرة، والله أعلم.
لحوم الإبل، مع أن غسل الأيدي من لحوم الإبل والغنم الحكم فيها سواء، إلا إن كنتم تذهبون إلى وجوب غسل الأيدي من لحوم الإبل، ولا قائل به.
• الجواب الثاني للجمهور:
قالوا: إن هذه الأحاديث منسوخة بحديث (كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار) وقد أجبنا على ذلك، بأجوبة منها:
أولًا: أن الحديث اختصره شعيب بن حمزة فأخطأ فيه.
ثانيًا: أنه لا يذهب إلى النسخ إلا إذا عرف التاريخ، وتعذر الجمع، والتاريخ غير معلوم، والجمع لم يتعذر هنا؛ لأن الجمع فيه إعمال لكلا الدليلين، بينما النسخ فيه إبطال لأحدهما.
ثالثًا: أن الأمر بالوضوء من لحوم الإبل خاص، وترك الوضوء مما مست النار عام، والخاص مقدم على العام.
قال ابن القيم: «ومن العجب معارضة هذه الأحاديث بحديث جابر: (كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار) ولا تعارض بينهما أصلًا؛ فإن حديث جابر هذا إنما يدل على أن كونه ممسوسًا بالنار، ليس جهة من جهات نقض الوضوء، ومن نازعكم في هذا؟ نعم هذا يصلح أن يحتجوا به على من يوجب الوضوء مما مست النار على صعوبة تقرير دلالته، وأما من يجعل كون اللحم لحم إبل هو الموجب للوضوء، سواء مسته النار أم لم تمسه، فيوجب الوضوء من نيئه ومطبوخه وقديده، فكيف يحتج عليه بهذا الحديث؟ وحتى لو كان لحم الإبل فردًا من أفراده فإنما تكون دلالته بطريق العموم، فكيف يقدم على الخاص؟ هذا مع أن العموم لم يستفد ضمنًا من كلام صاحب الشرع، وإنما هو من قول الراوي.
وأيضًا فأبين من هذا كله أنه لم يحك لفظًا لا خاصًا ولا عامًا، وإنما حكى أمرين: هما فعلان: أحدهما متقدم، وهو فعل الوضوء، والآخر متأخر، وهو تركه الوضوء من
ممسوس النار، فهاتان واقعتان، توضأ في إحداهما، وترك الوضوء في الأخرى من شيء معين مسته النار، لم يحك لفظًا عامًا ولا خاصًا ينسخ به اللفظ الصريح الصحيح
…
إلخ كلامه رحمه الله تعالى
(1)
.
• الراجح من الخلاف:
بعد استعراض أدلة الفريقين نجد أن القائل بوجوب الوضوء من لحوم الإبل أسعد بالدليل، وليس مع القائلين بعدم الوجوب إلا حديث جابر (كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار)
ومع أن هذا الحديث معلول، فإن حديث جابر بن سمرة وحديث البراء بن عازب فرق بين نوعين من اللحوم، وكلاهما قد مسته النار، فإما أن يكون الوضوء من لحوم الإبل متقدمًا على حديث ترك الوضوء مما مست النار أو متأخرًا عنه، فإن كان متأخرًا لم يصح نسخه بنص متقدم عليه، لأن الناسخ يجب أن يكون متأخرًا.
وإن فرضنا أن حديث الوضوء من لحوم الإبل كان متقدمًا، قبل أن ينسخ الوضوء مما مست النار، فكيف يترك الوضوء من لحوم الغنم لمشيئة الفاعل، فكان يجب أن يكون الأمر بالوضوء منهما جميعًا، لكون اللحمين قد مستهما النار، فلا بد من القول: إن حديث ترك الوضوء من لحوم الغنم دليل على أنه متأخر عن الأحاديث التي تأمر بالوضوء مما مست النار، وإلا لأوجب الوضوء من لحوم الغنم، فلما ترك الوضوء من لحوم الغنم مع كونه قد مسته النار كان دليلًا على تأخر هذا الحديث عن أحاديث الوضوء مما مست النار، وتبين أن العلة في الأمر بالوضوء من لحوم الإبل ليست العلة كونه قد مسته النار، وإنما العلة فيه كونه من الإبل، سواء كان قد مسته النار أو لم تمسه النار، فيجب الوضوء منه مطلقًا، سواء كان مطبوخًا أو نيئًا، والله أعلم.
* * *
(1)
تهذيب السنن (1/ 137).